القدس: مر على غياب آرييل شارون عن الساحة السياسية في إسرائيل عامان. ومن المستغرب ان يذكر اسم شارون دون صخب بعدما ملأ الحياة السياسية والعسكرية جدلا من حرب سنة سبع وستين التي خرج منها بطلا قوميا، إلى اجتياح لبنان عالم الف وتسعمئة واثنين وثمانين ومجزرة المخيمين الفلسطينيين صبرا وشاتيلا التي دفع ثمنها غيابا عن السلطة قارب السنتين، وبعد عودته الى رئاسة الحكومة عام ألفين وواحد مواكبا للانتفاضة الفلسطينية التي اتهم بإشعال شرارتها من خلال زيارته الشهيرة للمسجد الأقصى.

في الرابع من شهر كانون الثاني يناير عام الفين وستة ادخل رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك الى المستشفى إثر جلطة دماغية لم يفق منها بعد.

ويقول الأطباء إن جسده يعمل بصورة طبيعية ويظهر استجابة طفيفة لأصوات أفراد اسرته.

وبينما يتمسك محبوه بالأمل في شفائه لا يتوقع أحد إذا حصلت المعجزة أن يعود الرجل الذي بلغ الثمانين الى السياسة.

ويستشعر الاسرائيليون غيابه قائدا وخصما شرسا، إذ استخدم القبضة الحديدية مع الفلسطينيين، وحصر عملية التفاوض التي بدات في مدريد وأوسلو بما عرف بخريطة الطريق التي رعاها الرئيس الأميركي جورج بوش، وسجن خصمه التاريخي ياسر عرفات في مقر الرئاسة الفلسطينية حتى وفاته، وكسب التأييد الشعبي بتقديم نفسه بصورة الجنرال الصلب الذي يعرف كيف يحقق الانتصارات لإسرائيل التي يبقى الأمن هاجسها الأول والأخير.

وباسم الأمن اتخذ شارون قرار الانسحاب الأحادي من قطاع غزة وواجه غضب المستوطنين هناك وهو يامر بإجلائهم رغم دفاعه المستميت عن حق إسرائيل في التوسع ومناداته باستقدام ملايين المستوطنين اليهود للاستقرار فيها.

وكان شارون قبل ذلك قد أشرف على أكبر عملية توسّع استيطانية في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزّة من موقعه كوزير للإسكان الإسرائيلي.

قال رئيس الوزراء الحالي إيهود أولمرت في مقالة صحفية إنه لو تمكن شارون من مخاطبته من حيث هو لقال له: أتبع مسارك بإيمان وقد شعب إسرائيل.

وبالفعل فإن أولمرت يدين لشارون بوصوله إلى القيادة. فهو الذي انضم إليه عندما شق شارون تكتل الليكود الحاكم واسس حزب كاديما تحت شعار اتباع سياسة الوسط بين الليكود والعمل اللذين هيمنا على الحياة السياسية في إسرائيل طوال عقود. وهو الذي خلفه في قيادة الحزب عندما دخل شارون في غيبوبة. ومثلما فشل شارون في تحقيق السلام والأمن مازال أولمرت يبحث عن حلول للمشكلات نفسها التي ظن شارون انه سيتخلص من عبئها برؤيته الجديدة.