بهية مارديني من دمشق: أكدت مصادر دبلوماسية فرنسية أن وفدًا برلمانيًا فرنسيًا يزور دمشق الثلاثاء القادم لمدة أربعة أيام، وسيتناول في مباحثاته مع الجانب السوري quot;كافة المواضيع التي تخص سورية بما فيها الملف اللبناني، إضافة إلى المسألة الفلسطينية ومشكلة اللاجئين العراقيين، والتحالف السوري مع إيرانquot;. وكانتباريس قد علقت اتصالاتها مع دمشق بشأن الازمة الرئاسية اللبنانية .
وقال رئيس الوفد الفرنسي جيرار بابت إن quot;قرار تعليق الاتصالات بين باريس ودمشق يخص فقط العلاقات السياسية بشأن لبنان ولا يمتد الى العلاقات الدبلوماسية وعلاقات التعاون البرلمانيquot;، لافتًا في تصريحات نقلتها جريدة الوطن السورية إلى أن زيارة الوفد البرلماني الفرنسي إلى دمشق كانت مقررة منذ ثلاثة أشهر.
وأضاف بابت أن مسألة إجراء الزيارة في موعدها quot;كانت موضع نقاش خلال الأيام الماضية على ضوء وقف الاتصالات السياسيةquot;. ونقل بابت عن أن السفير الفرنسي في دمشق ميشال دوكلو quot;تساءل عمّا إذا كان من الأفضل إرجاء الزيارة نظرًا لظروف العلاقات بين باريس ودمشق حاليًاquot;، وأضاف quot;بعد مناقشة الموضوع مع السفير ومع وزارة الخارجية قررنا الذهاب في الموعد المحددquot;.
وتعتبر المعارضة السورية ان الفشل الذي نالته الدبلوماسية الفرنسية في الملف اللبناني أعادت الدور السوري العلني واعترفت به ، وأسست أيضا لقناعة سورية بان الأمور تتجه نحو إعلان الهزيمة الفرنسية والأميركية وإعادة أمور الحل والربط والتحكم إلى النظام السوري ، وقالت انه زادت هذه القناعة بما تسرب عن بعض المواقف الأمريكية التي سعت إلى فتح قنوات مع سوريا تحت ضغط الرغبة الإسرائيلية في المسار التفاوضي ، واعتبرت تيارات معارضة ان الهزيمة لم تأت والإعلان الذي كانت دمشق تنتظره لم يصل ، وما وصل هو إعلان شبيه بإعلان حرب أعاد الأمور إلى المربع الأول ، حيث المطلب الرسمي السوري يشمل ملفات عديدة تعيد عجلة الزمن إلى ما كانت عليه قبل الخروج العسكري من لبنان وهي مطالب تتعارض وتتعاكس مع مطالب أطرافا إقليمية ودولية أخرى .
ورأى تيار المستقبل الكردي في سوريا ان السذاجة الفرنسية ، والتبسيطية التي تعاملت بها باريس ، خدمت ولو لفترة وجيزة الهدف الرسمي السوري ، وأنعشت آماله في إعادة آلية الضبط والتحكم في لبنان وبقرار دولي وعربي وليس فقط عبر حلفاءه ، واستدرك في بيان له لكن القراءة الخاطئة كانت مرة أخرى ملازمة للإرباك السياسي الذي بات سمة مميزة للنظام السوري ، فالموقف الفرنسي والذي تعاطى ظاهريا بسذاجة كان يمتلك مضمونا اكثر من واضح في إثبات مسؤولية ...وما موقف ساركوزي الأخير في القاهرة سوى دلالة سياسية عن ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل .
فيما رأى الدكتور مطانيوس حبيب الوزير السوري السابق ان الارباك كان ظاهراً في كل التصريحات الفرنسية بعد أن أكد الوزير السوري وليد المعلم أن الجانبين السوري والفرنسي اتفقا على خريطة طريق تتضمن ثلاثة بنود :انتخاب العماد ميشال سليمان قائد الجيش رئيساً توافقياً،تشكيل حكومة وحدة وطنية يكون فيها للمعارضة الثلث الضامن وإقرار قانون انتخاب جديد تجري بموجبه الانتخابات التشريعية القادمة في موعدها الدستوري.فقد أصدرت الخارجية الفرنسية بياناً قالت فيه إنه لم يتم الاتفاق على إعطاء المعارضة الثلث الضامن في الحكومة العتيدة وأنه لم يجرِ الحديث عن التشكيلة الحكومية بل الاتفاق على الثلث الضامن. واضاف ان الخارجية الفرنسية عادت فنفت أن يكون قد تم الاتفاق على إعطاء المعارضة الثلث الضامن في الحكومة بل جرى الاتفاق على خريطة الحل، وإن إعلان المبادئ لم يدخل في تفاصيل تشكيل الحكومة، بل اقتصر على مبدأ حكومة وحدة وطنية تعبر عن تشكيلة عادلة للقوى السياسية الممثلة في البرلمان من دون أي تفصيل في الأعداد والنسبquot;.
وقال حبيب ان التفسير الوحيد لهذا الارتباك الفرنسي يكمن في أن فرنسة لا تستطيع الاعتراف باتفاق جرى بحضور وزير خارجيتها خلافًا لما تقرره الولايات المتحدة الأميركية، واشار الى أن الفرنسيين تصرفوا برعاية الحل بتفويضٍ من الرئيس الأميركي ولكن الخطة الأميركية لم تنجح في تقديم العماد ميشال سليمان مرشحًا توافقيًا على سبيل المناورة لترفضه المعارضة فتحمّلها المسؤولية عن الفراغ الرئاسي في لبنان وتجيّش الشارع المسيحي ضدها، لقناعة الولايات المتحدة والموالاة اللبنانية بعدم قبول النائب العماد ميشال عون بالتنازل عن ترشّحه للرئاسة وهي حقٌ له وفقًا للمعايير اللبنانية. واوضح حبيب ان المشكلة هنا واضحة وهي في المعايير المزدوجة الأميركية التي تكاد تودي بالاستقرار العالمي وبعجز أي قوة أخرى،حتى فرنسة،عن الوقوف في وجه هيمنة أميركا وفرض إرادتها.
التعليقات