أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: يعد الحصول على المعلومة وتداولها حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان، وهو ما أكدت عليه المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نظرًا لأهمية توفر المعلومات بالنسبة إلى أفراد المجتمع للمشاركة في الحياة العامة.
وعلى الرغم من الصلة الوثيقة بين ضمان هذا الحق وبين الديمقراطية كقيم ومبادئ وممارسة، إلا أن الصحافيين في المغرب ما زالوا يصطدمون بآلاف العقبات التي تحول دون حصولهم على ما يبحثون عنه، إما لأسباب قد يكشف عنها، وفي بعض الحالات لا يكلفون أنفسهم حتى عناء الرد عليها بالرفض.

وحتى لا يبقى هذا الحق مغلف بـ quot;غطاءquot; سرية المعلومة، ويصبح أدات للزج بخدام صاحبة الجلالة في السجون، تزايدت تحركات الصحافيين والنشطاء الحقوقيين والجمعويين، كما فتحت نقاشات واسعة حول الموضوع، وارتفعت الأصوات الداعية إلى سن قانون يضمن الحصول على المعلومة وإلزام الإدارة بنشر المعلومات الأساسية عن تسييرها ونشاطها وصفقاتها العمومية ومساطر اتخاذ القرار فيها، وكيفية الاستفادة من خدماتها، فضلاً عن مختلف منتجاتها وتقاريرها، كما ينسجم مع المواثيق الدولية، ويأخذ بالاعتبار توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وخلاصات تقرير الخمسينية، وتوصيات المناظرة الوطنية حول الإصلاح الإداري لسنة 2002.
وكانت العاصمة الرباط مسرحا لآخرهذه النقاشات، إذ عقدت، بعد عصر أمس، ندوة من قبل النقابة الوطنية للصحافة المغربية والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، ارتكز محورها الأساسي على quot;تحديات إصلاح المشهد الإعلامي والقطع مع الماضيquot;.
وأجمع المتدخلون على أن تطوير قطاع الإعلام يمر عبر سن قانون يكرس الحق في الحصول على المعلومات، معتبرين أن توفير هذه المعلومات يعد ضرورة مهنية.
واعتبروا أن المكتسبات الهامة، التي حققها المغرب على درب تكريس الديمقراطية وحقوق الإنسان وتخليق الحياة العامة، تراكمات إيجابية ستتعزز عبر سن قانون يضمن حق الوصول إلى المعلومة، الذي يرتبط بشكل وثيق بحرية التعبير.
كما تطرقوا إلى التحولات التي عرفها المشهد الإعلامي المغربي والقوانين المؤطرة له، والواقع الحالي للمهنة بإكراهاتها المختلفة في جانبيها السمعي البصري والمكتوب، معتبرين أن هذا المجال يحيل على التخصص ويهم المهنيين والمجتمع بكامله، باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق الديمقراطية.
وأبرزوا أن أحد مظاهر الحق في الوصول إلى المعلومة يتصل بالإعلام الذي صار مع مرور الوقت يكتسي أهمية كبيرة، أصبحت معه كل الهيئات العامة ملزمة بأن تكون لها بوابات إلكترونية تقدم معلومات هامة عنها (وزارات، مؤسسات عمومية....).
وأشاروا إلى أن quot;القطع مع الماضي لا يقف فقط عند تدابير جبر الضرر، بل أيضًا عبر النهوض بقطاعات هامة، وفي مقدمتها قطاع الصحافة والإعلام، باعتباره رافعة أساسية لبلوغ التنمية وإعمال الديمقراطية.
ودعا المتدخلون إلى العمل على تفعيل قانون الأرشيف، الذي صدر أخيرًا، عبر توفير الموارد المادية والبشرية الضرورية، وتيسير توظيفه من قبل الصحافيين والخبراء والباحثين الجامعيين والمهتمين في إطار الحق في الحصول على المعلومات.
يشار إلى أن الداعين إلى سن هذا القانون يعللون مطلبهم بكون أن المغرب موقع على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الرشوة التي تدعوا الدول إلى تكريس الحق في الوصول إلى المعلومات كاستجابة لطلب الأفراد، إضافة إلى اتخاذ المبادرة تلقائيا لتشجيع الحكومة الإلكترونية بنشر المعلومات حول تنظيم إدارتها وسيرها ومسلسل اتخاذ القرارات فيها، وكذا نشر تقارير دورية، وضمان الوصول الفعلي إلى المعلومات من طرف العموم خدمة للصالح العام؛ ما يزيد شفافية الإدارة وقابليتها للمحاسبة، ويقلص هامش الممارسات الفاسدة، ويعزز مشاركة المواطنين في العملية الديمقراطية.