روما -وكالات: نشر موقع الفاتيكان النص الكامل لمحاضرة البابا بندكتس السادس عشر التي كان من المزمع أن يلقيها أمام أساتذة وطلبة جامعة روما الأولى بمناسبة افتتاح السنة الأكاديمية صباح غد الخميس، وهو النص الذي سيوزع على أية حال وإن غاب صاحبه عن عين المكان

في أول خطابه تساءل البابا عن quot;ما يمكن أن يقوله في مناسبة كهذه؟ ففي محاضرتي في راتسبونا (وهي المحاضرة التي أثارت ضجة كبيرة في العالم الإسلامي سنة 2006) تحدثت كبابا، ولكن بشكل خاص كأستاذ سابق في جامعتي تلك، محاولا الجمع بين الذكريات والأحداث. في حين في جامعة الحكمة (لاسابينتسا)، الجامعة العتيقة لروما، فإنني مدعو للحديث كأسقف روما، لذلك علي أن أتحدث بهذه الصفةquot;. وأضاف quot;بالتأكيد كانت لاسابينتسا في يوم من الأيام جامعة البابا، ولكنها اليوم جامعة علمانية تتمتع بالاستقلالية التي كانت دائما جزءا من طبيعة الجامعة، حيث ينبغي أن تبقى دائما مرتبطة بسلطة الحقيقة فقط. بتحررها من السلطات السياسية والكنسية، تجد الجامعة وظيفتها الخاصة، ذلك أن المجتمع المعاصر بحاجة لمؤسسة من هذا القبيلquot;، على حد قوله

وانتقل البابا من الحديث عن quot;طبيعة مهمة الجامعةquot;، إلى الحديث عن موضوعه المحبب وهو العلاقة بين الفلسفة (العقل والعلم) من ناحية والدين من ناحية ثانية، حيث وصفهما بـ quot;الأخوين التوأمين، لا يمكن لأحدهما أن ينفصل عن الآخر، ولكن في الوقت نفسه يحافظ كل واحد منهما على مهمته وهويته الخاصتينquot;، حسب نص الخطاب

وفي الختام كتب البابا أنه quot;لا يسعى لفرض الإيمان على الآخرين بشكل تسلطي، فالإيمان لا يعطى إلا في ظل الحريةquot;، ولكنه يدعو مجددا quot;العقل إلى البحث على الحق والخير والله، وفي هذا المسار يحث (البابا) العقل على الانتباه إلى الأنوار المفيدة الصادرة على مدى تاريخ الإيمان المسيحي، وأن ينظر إلى يسوع المسيح كنور يضيء التاريخ ويساعد على إيجاد الطريق نحو المستقبلquot;، حسب تعبيره

سانت ايجيديو: إدانة وحزن على إرجاء البابا زيارته إلى جامعة روما

وقد دانت جماعة سانت ايجيديو الكاثوليكية بشدة إرجاء البابا زيارته إلى جامعة روما الاولى، معربة عن quot;بالغ الحزن لالغاء بندكتس السادس عشر زيارته إلى حرم لاسابيينتساquot; وأضافت في بيان أصدرته بعد ظهر اليوم من مقرها في العاصمة الايطالية quot;إن مسؤولية فادحة تقع على عاتق واضعي تلك الرسالة التي أشعلت فتيل المناهضة المريضة للاكليروس والزوبعة الاعلامية والانقسامات في الرأي العام التي تزامنت معهاquot; حسب البيان

واعتبر بيان سانت ايجيديو التي كانت قد شاركت في وساطات سلمية في بلدان افريقية مختلفة ولاسيما الجزائر منتصف التسعينات ان quot;البابا بوصفه أسقف روم وأحد كبار المفكرين الأوروبيين بوسعه بل وعليه أن يتوجه أينما شاء وعلى الاخص إلى الجامعة التي تمثل روما في العالمquot; وأردف quot;إن ما وقع يجسد صفحة بشعة يجب تجاوزها بسرعة تحت ظلال التسامح والسمو على كل أشكال التطرف الايديولوجي الذي يحمل في ثناياه مخاطر محاصرة التقاليد الدينية والانسانية والثقافية والديمقراطية العظيمة لايطالياquot; وفق البيان

ووصفت سانت ايجيديو واقعة تأجيل البابا يوزف راتسنغر زيارته إلى اكبر جامعة في أوروبا بquot;المحزن واللامسؤولquot; مضيفة القول quot;والانكى ان كل ذلك جرى على اساس قراءة مغلوطة وجاهلة لفكر الكاردينال راتسنغر حيث نسبت إليه عبارات تجانب الحق مفعمة بالفواصل فيما يختص بمداخلته بشأن موقف الكنيسة من العالم غاليليوquot; حسب الجماعة

وخلصت سانت ايجيديو إلى ان quot; الاستفزاز و حجب آراء الاخرين وهما ديدن أقليات لا يعتد بها، قد حولا الحياة اليومية في بلد كإيطاليا وفي مدينة كروما إلى وضع لا يحتملquot; وفق تعبير البيان

وكا البابا بينديكتوس ألغىخطابا كان من المقرر أن يلقيه أمام أرفع الجامعات في روما بعد احتجاجات من الطلبة والأساتذة بشأن آراء الكنيسة حول العلم. وبدأ الإحتجاج برسالة وقعها 67 من الأساتذة تصف البابا بأنهquot; لاهوتي متخلفquot; يضع الدين قبل العلم وينبغي ألا يسمح له بالحديث. وبعد مقاومة دعوات المحتجين لإلغاء خطابه في جامعة لاسابينزا قال الفاتيكان ان البابا قرر تأجيل الزيارة. تأجيل يبدو انه على مشارف تفجير ازمة دبلوماسية بين روما والفاتيكان ، الامر الذي كان قد حذر منه عضو مجلس الشيوخ مدى الحياة فرانشيسكو كوسيغا حين طلب من الحكومة الإيطالية تقويم إمكانية سحب الدعوة التي وجهتها جامعة (لاسبينتسا) إلى البابا quot;لتجنب أزمة دبلوماسية إذا ما لم تستطع ضمان سلامة وأمن الحبر الأعظم وحاشيته، بعد الاحتجاجات المعبر عنها من قبل جزء من الوسط الأكاديميquot;. وقد توجه كوسيغا بهذه الدعوة إلى كل من رئيس الحكومة ووزراء الخارجية والداخلية والجامعات.

وذكّر الرئيس الإيطالي الأسبق أن البابا، وهو رئيس دولة ذات سيادة، تربطه بإيطاليا علاقات دبلوماسية منتظمة، ما يتطلب اتخاذ إجراءات أمنية مناسبة تليق بمستوى الحدث في جامعة روما الأولى، خاصة بعد أزمة النفايات في نابولي، فإن أي تقصير قد يضع إيطاليا في quot;موقف محرج وأسوأquot; أمام المجتمع الدولي.

واعرب رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي عن quot;عميق الأسفquot; لقرار البابا بنديكتوس السادس عشر إرجاء زيارته إلى حرم جامعة روما الأولى (لاسابيينتسا)وعبر برودي في بيان رسمي أصدره مساء امس عن quot;التضامن الوثيق والصادق مع شخص الباباquot; مضيفاً القول quot;وأجدد الدعوة للحبر الاعظم لكي يحافظ على البرنامج الاصليquot; .وأدان برودي بشدة quot;التصرفات والتصريحات والمواقف التي أفضت إلى تأجيج توتر غير مقبول وإلى خلق جو لا يشرف تقاليد التسامح والحضارة التي عرفت بها ايطالياquot; وحذر في ختام البيان الممهور بتوقيعه من أن ldquo;ما من صوت يجب أن يغيب في البلادquot; مضيفاً القول quot;وفي المقام الأول صوت الحبر الاعظمquot; .

المحتجون على زيارة البابا: نأسف لإلغائها ولم نرد طرد أحد

من جهته قال مدير قسم الفيزياء في جامعة روما الأولى، جانكارلو رووكو، وهو القسم الذي تزعم أساتذته وطلبته الاحتجاجات على الزيارة الملغاة للبابا، في حديث مع قناة (سكاي تي جي 24) الإخبارية، quot;لقد تلقينا خبر إلغاء زيارة البابا بأسف شديدquot;، وأضاف quot;نريد أن نؤكد رغبتنا في فتح نقاش، إذا ما ارتأت الكنيسة ذلك ضروريا، ندعو له شخصيات دينية من أي دين كانوا، وهو نقاش يبدو آنيا أكثر من أي وقت مضىquot;. وأوضح رووكو quot;لم نُفهم جيدا، إلغاء الزيارة ليس المخرج الذي كنا رغبنا فيهquot;، quot;لقد شرعنا في هذه المناقشة الداخلية مع رئيس الجامعة عندما طرح فكرة دعوة بنديكتوس السادس عشر لافتتاح السنة الأكاديمية، فحاولنا إقناعه بأن الأمر غير مناسبquot;.

أما عن الرسالة التي وجهت إلى رئيس الجامعة ونشرت في الصحافة، فـ quot;كان ينبغي أن تبقى في نطاقها الخاص، ولكن جرى توزيعها واستعملت بطريقة مغرضةquot;. وختم بقوله quot;فليس من الصواب أن نتهم بالظلامية أو بالرغبة في مصادرة الحريات بخصوص أي موضوع كانquot;، على حد قوله

ومن ناحية ثانية، وفي ندوة صحافية أمام مكتب رئيس الجامعة، قال منسق الطلبة المحتجين على الزيارة الملغاة، جورجو لورينتسو، quot;لم نحاول قط طرد البابا، احتلال مكاتب رئاسة الجامعة أمس كان من طبيعة مختلفة، فقد كان للمطالبة بحق التظاهر داخل الجامعة صباح الخميس، طالبنا بفضاء للتعبير الحر للاحتجاج على آراء ومواقف نعتبرها تمس بحقوق الجميع. لم يتعلق الأمر لا بالعنف ولا بالطرد، ولكن بمجرد الحق في ممارسة الحريةquot;، على حد قوله

وأضاف quot;لا أحد كان بإمكانه منع البابا من الدخول، الذي كان قراره عدم زيارة العائلات المختلفة. هنا في لاسبينتسا المعارضة مسموح بها، عدم الانسجام الذي يتحدث عنه البابا يمثل قيمة في حد ذاته، وهو علامة على الحرية. ففي نهاية الأمر هو خيار البابا بعدم مواجهة الاحتجاجات والمعارضةquot;، حسب تعبيره
رئيس جمهورية إيطاليا السابق: إرجاء الزيارة يضر بعلاقات إيطاليا والفاتيكان

حذر رئيس الجمهورية الإيطالي السابق كارلو أزيليو تشامبي اليوم من أن إرجاء زيارة البابا إلى جامعة روما على خلفية احتجاجات من جانب طلاب وأساتذة quot;قد يتسبب في إحداث أضرار بالغة بشأن العلاقات بين الكنيسة والدولةquot; الإيطالية .وأشار تشامبي، في تصريحات نشرتها صحيفة (كوريري ديلا سيرا) الإيطالية إلى أن الواقعة جاءت ضمن إطار التصعيد المتواصل بين روما والفاتيكان، وقال إن quot;تصاعد النبرة، إلى درجة الغلو، سيجعل الحوار أكثر صعوبةquot;، وquot;إن هذا التيار، إن لم ينقطع، سيعيد عقارب التاريخ قرنا من الزمن إلى الوراءquot;، على حد تعبيره

وقد أعلن الفاتيكان أمس في بيان رسمي إرجاء زيارة الحبر الأعظم لجامعة روما الأولى (لا سابينسا) والتي كانت مرتقبة غدا الخميس على خلفية احتجاجات أثارها طلاب و أساتذة ينتمون إلى الجامعة المعنية بوصفها quot;غير ملائمةquot; إلى مؤسسة علمية علمانية

برلسكوني: إرجاء الزيارة جرح يهين إيطاليا وجامعاتها

اما زعيم تجمع يمين-الوسط المعارض، سيلفيو برلسكوني فاعتبر امس الثلاثاء أن quot;علمانية الضمير المزعومة التي أرغمت البابا على التراجع عن الزيارة (لجامعة روما) هي مؤشر على عدم اعتدال وتطرف ليس لديها أي سمة للعلمانية الأصيلةquot;، ووصف برلسكوني، الذي ترأس حكومة يمين-الوسط السابقة، في بيان، إرجاء الزيارة بـquot; المفاجأة الأليمةquot; التي quot;لا تهين وتجرح الحبر الأعظم فقط، والذي تتجاوز شخصيته هذا الوضع البائس، بل الجامعات الإيطالية وسلطة البلاد، بصفة عامةquot; كون الأخيرة quot;أبرزت أنه ليس بمقدورها ضمان حرية التعبير لأعلى السلطات الدينيةquot;.

وكان من المفترض ان يزور البابا أكبر حرم جامعي في أوروبا بمناسبة افتتاح العام الدراسي الجديد، وتضمن برنامج الزيارة التي تم الغاؤها تقديم راتسنغر تأملاته للهيئة التدريسية وقد اختير موضوع المداخلة من قبل الجامعة وهو quot;ضد حكم الإعدامquot;، موضوع تعيره الفاتيكان أهمية بالغة،

وقد اثارت زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر احتجاجات بعض فروع العالم الجامعي في العاصمة وقد وقعت مجموعة من الأساتذة ـ بلغ عددهم حوالى الستين ـ عريضة رفعتها إلى البابا بنديكتوس السادس عشر تطلب فيها عدم إجراء مداخلته في حفل افتتاح السنة الدراسية في الجامعة، وبالمنحى ذاته تتحرك مجموعات طلابية لا تتقبل حضور راتسنغر في حرم الجامعة. ويلعب قسم الفيزياء دور المنشط للمعارضة بشكل خاص، وقد أقام الطلبة من جانبهم quot;أسبوع مناهضة الإكليروسquot; بسلسلة من المبادرات . وكان يتم التحضير لاعتراض صوتي أثناء مداخلة البابا، حيث ستعزف الموسيقى بصوت مرتفع لإعلاء صوت اعتراض الطلبة، ولإزعاج كلمات بنديكتوس السادس عشر .

يذكر ان البابا راتسنغز كان قد وجه انتقادات الى عمدة روما حيث تناول بالنقد الوضع في بعض مناطق العاصمة الايطالية ولاسيما quot;التردي العمراني والاجتماعيquot; مع الدعوة إلى quot;توفير الحد الادنى من الحياة الشريفة والكريمة للمهاجرين الاجانبquot; الامر الذي ادى الى غليان سياسي ما دفع بالفاتيكان الى اصدار بيان توضيحي أعربت فيه quot;الدهشة للتوظيف السياسي الذي طال عبارات البابا إلى ممثلي مقاطعة لاتسيو ومحافظة روما وبلديتهاquot; . ووصف البيان الفاتيكاني أن quot;نية البابا لم تكن بالتأكيد التقليل من شأن العمل الاجتماعي الذي يقوم به المسؤولون في مدينة روما ومقاطعة لاتسيو والذين يبذلون جهوداً تستحق التقديرquot; .

ولفت بيان الفاتيكان إلى ان البابا بنديكتوس السادس عشر quot;وبوصفه أسقف روما كان قد سلط في مناسبات عدة الضوء على الانجازات التي تحققت في خدمة المواطن وهو ما أشار إليه في حديثه أمسquot; وأضاف quot;لكن لم يكن بوسعه أن يتفادى التطرق إلى مجموعة من الاشكاليات الانسانية الاكثر إلحاحاً والتي يجب مواجهتها بالتعاون مع الجميعquot; علماً أن quot;الكنيسة والأب الأقدس لن يألوا جهداً في توفير العون والمساعدةquot;