طلال سلامة من روما: تجد ايطاليا، كما عدة دول حول العالم، نفسها في قبضة ظاهرة تدعى فقدان الثقة.. حتى بالوالدة! من جهة، نجد أن ستة من أصل عشرة إيطاليين هجروا مشاريعهم المستقبلية في موازاة تآكل الثقة في صفوف الشركات ونقابات العمال. من جهة أخر، تزداد الثقة بحكومة برلسكوني الى مستويات قياسية لم تشهدها البلاد منذ سبتمبر(أيلول) من العام 2002. قد يعزى ذلك الى التلوث النفسي الذي أصاب نفوس الإيطاليين جراء ما يحدث حولهم. هكذا، أتت الثقة بحكومة برلسكوني لملء فراغهم النفسي. اليوم، يشعر المجتمع الإيطالي بأنه محاصر. وهذا خوف تؤكده لنا الأحزاب وفريق الحكومة وسيلفيو برلسكوني شخصياً. لربما ترتفع الثقة بحكومة برلسكوني كونها تعد الجميع بالدفاع عن ايطاليا من الأعداء الذين يهددون استقرارها، كما الأجانب والغجر والمومسات والمدمنين على المخدرات وتجار الكوكايين والهيروين. علاوة على ذلك، تعدنا حكومة برلسكوني بمكافحة الفوضى الاجتماعية وموت المستقبل وكساد الحاضر عن طريق التمسك بالماضي المجيد.

إضافة الى دوره كرئيس وزراء، يلعب برلسكوني اليوم دور quot;الراعي الكبيرquot; الذي لا يكترث حتى لتعليقات رئيس الجمهورية. فهل دوره الجديد سذاجة أم ذكاء سياسي؟ وهل أنجب برلسكوني وزراء الخوف والرعب؟ ربما نعم ان توقفنا برهة لنرى أعداد الجيش المنتشرة في المدن، ورجال شرطة السير الذين توسعت صلاحياتهم(لغاية إشباع بعض المهاجرين ضرباً وركلاً لأسباب تافهة) ورؤساء البلديات الذين باشروا تسيير دوريات ليلية مدنية(مسلحة؟) للحفاظ على الأمن. يمطرنا برلسكوني بجميع هذه الإجراءات، التي لم تتجرأ أي حكومة أوروبية على اعتناقها، بالتعاون مع وزراء الخوف والانتقام مما يدعون بأنهم يساريين سفلة.

يكفي أن يظهر برلسكوني دقيقة واحدة، أمام شاشة التلفزيون، ليطربنا بما نخافه ونريد سماعه للاطمئنان. لا بل لم يتأخر برلسكوني عن إعلان نيته في إقفال البورصات الأوروبية في حال استمرت رؤوس أموالها التآكل. فهل من المحزن الوثوق ببرلسكوني.. الخائف وسجين مشاكله القضائية؟