طلال سلامة من روما: ظهرت بوادر انشقاق مفاجئة في الفريق التنفيذي التابع لبرلسكوني. الغريب في الأمر أن هذا الانشقاق لم يحصل بالبرلمان الإيطالي إنما بمجلس الشيوخ الذي يتمتع بمكانة أعلى وأرقى لدى رئيس الجمهورية. الغريب في الأمر كذلك أن الانشقاق أسبابه خارجية ويقوده اليوم quot;باولو غودزانتيquot;، وهو عضو من أعضاء ائتلاف الوسط اليميني في مجلس الشيوخ! وهو يتزعم الآن حملة تهاجم موقف برلسكوني الصديق حيال روسيا مما أحدث ردود فعل quot;تقيئيةquot; داخل فريقه التنفيذي. في سياق متصل، قارن برلسكوني رئيس جورجيا بالرئيس العراقي السابق صدام حسين. كما أنه لم يتأخر كذلك عن مدح صديقه الحميم بوتين. وهذا سلوك يجلب معه صدمة سياسية داخل ائتلاف برلسكوني أين نجد شريحة كبيرة منه تدافع عن حقوق جورجيا. لا بل ثمة مسؤولين في ائتلافه بدؤوا يضعون شكوكهم حول طبيعة العلاقات بين برلسكوني وبوتين الذي كان رئيساً لجهاز المخابرات السوفيتية في ألمانيا الشرقية.

من جانب آخر، وان تطرقنا قليلاً الى نظرة برلسكوني حول روسيا لوجدنا أنها لا تعترف بوجود ديموقراطية متكاملة هناك إنما بانتقال تدريجي الى نظام ديموقراطي.

مما لا شك فيه أن موقف برلسكوني حيال عملاقيين عسكريين، أميركي وروسي، يتمايز بالتوزان والتعقل. إذ انه لا يسمح على نفسه خسارة صداقة الأميركيين الذين ساهموا في تحرير ايطاليا من النازيين في أربعينات القرن الماضي. صحيح أن الولايات المتحدة الأميركية خسرت صداقة العديد من الدول لا بل ثمة كره وحقد أعمى يحيطها من جميع الجوانب لكن ايطاليا تبقى حليفتها مهما كان الثمن. علاوة على ذلك، رسخ العديد من الشركات الإيطالية، لا سيما الطاقوية منها، جذوره الناشئة بروسيا. لذلك، فان الصداقة والحوار، وليس الصدام الأمامي والخلافات، هي التي تميز سياسة حكومة برلسكوني مع بوتين وميدفيديف مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى التي تشهد علاقاتها مع روسيا مرحلة كساد ديبلوماسية.