طلال سلامة من روما: بعد فشله الذريع في فرض طوقه الأمني على المهاجرين غير الشرعيين نتيجة تداخل مباشر للمفوضية الأوروبية ببروكسل، في هذا الشأن، يحاول روبرتو ماروني، وزير الداخلية الإيطالي المنتمي الى حزب رابطة الشمال، تحويل أنظاره، لو مؤقتاً، الى الشؤون الداخلية لا سيما تلك المتعلقة بمشاريع متعددة لتطوير وتنمية جنوب ايطاليا الواقع منذ زمن سحيق في دوامة المافيا. بالطبع، هناك تشعبات كثيرة للمافيا في كل إقليم إيطالي أين تُعرف باسم مختلف عن الآخر. في إقليم كالابريا مثلاً تُعرف المافيا باسم quot;ندراغيتاquot; وهي الأشرس ولها تفرعات دولية سجلت لها أحداثاً دموية في كل من ألمانيا وإسبانيا وفرنسا. في الوقت الحاضر، تبلغ الأرباح الصافية لمافيا quot;ندراغيتاquot; 45 بليون يورو سنوياً أي 3 في المئة تقريباً من الناتج الإجمالي المحلي. مما لا شك فيه أن هذه الأرباح لا تتضعضع أبداً من الأزمات المالية، المحلية والدولية، لأنها أمر وليس خيار تفرضه المافيا هنا على شتى الطبقات الاجتماعية والعمرية. كما نستطيع القول ان عشرة بليون يورو من هذه الأرباح تتدفق الى الخزائن المافيوية من جراء أعمال الابتزاز والفوائد الفلكية على المبالغ المالية التي يقترضها منها التجار والصناعيين.
هكذا، يرى ماروني ضرورة الانقضاض على الثروات الضخمة الموجودة في قبضة المنظمات الإجرامية التي تتمتع اليوم بنفوذ اقتصادي استثنائي عن طريق الاستثمار وترويج المشاريع الإبداعية والتأثير على الأسواق ناهيك من القوة العسكرية عالية التدريب التي تدعم العنفوان المافياوي. وينظر ماروني الى مافيا quot;ندراغيتاquot; كآلية إجرامية جبارة تتمايز عن الآليات الأخرى، التي تعيش في المحور الإجرامي، ولذلك ينبغي اصطياد أعضاؤها بصورة quot;سينمائيةquot;. الآن، تكمن نقطة ضعف المافيا في ضرورة المحافظة على ثرواتها مما يدفع وزارة الداخلية الى الإقرار بسلة أمنية جديدة، لا علاقة لها بتلك التي لم يتجرأ ماروني على تطبيقها على المهاجرين غير الشرعيين خوفاً من جر بلاده أمام المحاكم الدستورية الأوروبية العليا، تحتوي على سلسلة من الإجراءات التي تخول حكومة روما مصادرة هذه الثروات بصورة أسرع وأسهل قضائياً.
تجدر الإشارة هنا الى أن الثروات التي تم مصادرتها من المافيا، في جزيرة صقلية وإقليم quot;كامبانياquot;، كانت عبارة عن شركات شرعية موجود اسمها في سجل ضريبة القيمة المضافة quot;ايفاquot; ولها رقم تجاري رسمي في غرف التجارة. إنما يكمن الفارق الوحيد هنا في أنها كانت مملوكة الى رجال مافيا. ان جبال الأموال التي تستثمرها المافيا في الشركات من شأنها القضاء quot;شرعياًquot; على الشركات الخارجة عن نطاقها، أي تلك الشريفة، وهذه الجبهة الساخنة التي ينوي ماروني خوضها في الشهور القادمة. علاوة على ذلك، يخطط ماروني لطرح اقتراح قانون أمني في البرلمان يحض الشركات التي فازت بمناقصات عامة، على تقديم شكاوى الى المحاكم تتعلق بأي محاولة ابتزاز تخضع لها. وإلا فان العقوبة ستكون استثنائها أوتوماتيكياً من المناقصة، حتى لو فازت بها.
التعليقات