المعتقلون والفضاء والدهم بيد العراقيين واوباما ملتزم بالبنود
البرلمان يستنفر لمناقشة الإتفاقية غدا والتصويت عليها الأسبوع المقبل

الوزراء العراقيون يصوتون على الاتفاقية وتظهر وزيرة المراة
التي عارضتها على اليسار (صورة من مكتب المالكي)

أسامة مهدي من لندن: صادقت الحكومة العراقية بالاغلبية الساحقة في جلسة استثنائية عقدتها اليوم الاحد واستمرت حوالي ثلاث ساعات على الاتفاقية الامنية طويلة الامد مع الولايات المتحدة بضمان سحب القوات الاميركية من المدن والبلدات العراقية منتصف العام المقبل ومن البلاد بنهاية عام 2011 وموافقة الجانب الاميركي على سيطرة العراقيين على الاجواء العراقية وعدم قيام الاميركان بعمليات دهم وتفتيش من دون التنسيق مع العراقيين اضافة الى نص يؤكد على عدم انستخدام القوات الاميركية في العدوان على دول الجوار العراقي .. في حين اوضح النائب الاول لمجلس النواب خالد العطية ان المجلس قد الغى اجازات وايفادات اعضائه لمناقشة الاتفاقية غدا متوقعا التصويت عليها الاسبوع المقبل .. بينما توقع التيار الصدري رفض المجلس لها.

وقال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في مؤتمر صحافي في بغداد عقب الاجتماع ان 28 وزيرا شارك في جلسة اليوم صوت 27 منهم لصالح اتفاقية quot;سحب القوات الاجنبية من العراقquot; لكنه لم يفصح عن اسم الوزير الذي رفض الاتفاقية . واشار الى ان الحكومة العراقية حرصت على ضمان سيادة وحقوق العراق في الاتفاقية حيث تم تثبيت مواعيد الانسحاب الاميركي من العراق والتي لن يسمح بتغييرها لاحقا . وقال ان القوات الاجنبية ستنسحب من المدن والقصبات العراقية الى قواعدها في نهاية حزيران (يونيو) المقبل واكتمال انسحابها من العراق بنهاية عام 2011 وهو تاريخ محدد ونهائي . واضاف ان المنطقة الخضراء الدولية مقر الحكومة العراقية والسفارات الاجنبية ستعود الى السيادة العراقية في الاول من العام المقبل مع امكانية سماح الحكومة لبعض القطعات الاميركية بالتفتيش في بعض النقاط .. كما ستعود السيطرة على الفضاء العراقي وعلى الترددات في التاريخ نفسه وقد يطلب الجانب العراق مساعدة من الجانب الاميركي في هذا المجال .

واكد ان الاتفاقية نصت ايضا على عدم السماح بتنفيذ القوات الاميركية لعمليات دهم وتفتيش المنازل والمؤسسات العراقية من دون اوامر من القضاء العراقي وذلك بدءا من نهاية حزيران المقبل .. اضافة الى حق الحكومة العراقية بتفتيش الاسلحة القادمة الى العراق اذا ارتات ذلك . وشدد على ان الاتفاقية منعت استخدام الاراضي العراقي للعدوان على دول الجوار كما اعطت الحق للجانبين العراقي والاميركي بالاتفاق على سحب القوات قبل نهاية 2011 اذا اكتمل تجهيز وتدريب القوات العراقية .

وقال ان رسالة اميركية وصلت الى الحكومة العراقية تؤكد التزام الرئيس المنتخب باراك اوباما بالاتفاقية وان الاتفاق على الانسحاب قبل 2001 يتم باتفاق الطرفين . واوضح ان الاموال العراقية في الخارج ستكون بحماية الجانب الاميركي لمنع اي محاكم من الحجز عليها موضحا ان العراق سيتوجه بعد التوقيع عليها الى مجلس الامن لاخراجه من قيود البند السابع لميثاق الامم المتحدة . وقال ان الاتفاقية لم تفرض اي قيود على تسليح القوات العراقية .

واكد الدباغ ان المفوضات بصدد الاتفاقية قد انتهت تماما وانها قد ارسلت الى مجلس النواب اليوم ليحدد جلسة لمناقشتها واتخاذ موقف منها بالقبول او الرفض موضحا انه لن يجري استفتاء شعبي عليها . وفيما يخص حصانة الجنود الاميركان اوضح انه لن تكون لهم اي حصانة وان اي اعمال مخالفة للقانون يرتكبونها ستكون بعهدة القضائين الاميركي والعراقي بحسب ظروف المخالفة ونوعها . وعن ملف المعتقلين العراقيين في السجون الاميركية والذين يقارب عددهم الثلاثين الفا اشار الى ان هذا الملف سينتقل الى العراقيين بالكامل مع جميع المعلومات المتعلقة بهم ليقرر القضاء العراقي مصيرهم باطلاق الابرياء واصدار احكام ضد من تثبت ادانتهم . وشدد الدباغ على ان هذه الاتفاقية ليست مثالية سواء الى الجانب الاميركي او العراقي ولكنها الافضل في الظروف الحالية . وتحدد الاتفاقية الحقوق والمسؤوليات القانونية لنحو 152 الف جندي اميركي يعملون في العراق.

وفي مؤتمر صحافي اخر اعلن النائب الاول لرئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية ان المجلس قرر ان يبدأ بقراءة الاتفاقية غدا وكذا الغاء جميع اجازات وايفادات اعضائه لضمان اكتمال النصاب . واشار الى ان الالية التي ستتبع في هذا الامر هو اجراء قراءة اولى غدا ثم الانتظار يومين لتبدأ النقاشات عليها ثم ينتظر اربعة ايام ليجري التصويت عليها اي الاسبوع المقبل .

ردود افعال ضد الاتفاقية

قلل احمد المسعودي المتحدث بأسم الكتلة الصدرية في مجلس النواب من مصادقة الحكومة على الاتفاقية وقال ان ذلك لا يعني شيئا طالما انها ستعرض على مجلس النواب الذي ldquo;سيرفضهاrdquo;.

وأضاف المسعودي ان ldquo;الشعب العراقي بكافة فئاته سيرفض هذه الاتفاقية وانها سوف لن تمرر في مجلس النواب لأن عددا كبيرا من الاعضاء ومن كتل مختلفة لم يحددها سيرفضونهاrdquo;. واعتبر في تصريح لوكالة quot;اصوات العراقquot; أن ldquo;تمرير الاتفاقية بالاغلبية البسيطة مخالفة دستورية وسيتحمل المستفيدون من توقيعها المسؤولية التاريخية والاخلاقيةrdquo; مشيرا الى ان التيار الصدري سيواصل التظاهرات في عموم العراق ldquo;لرفضrdquo; هذه الاتفاقية.

ويتفاوض الجانبان العراقي والأمريكي حاليا بشأن إبرام اتفاقية أمنية طويلة الأمد بينهما أثارت جدلا حادا في الأوساط الشعبية والسياسية المحلية، على مدى الأشهر الماضية، تحدد الطبيعة القانونية لوجود الجيش الأمريكي على الأراضي العراقية بعد نهاية العام الجاري حيث سينتهي التفويض الدولي الممنوح للجيش الأمريكي في العراق من الأمم المتحدة بموجب قرار من مجلس الأمن.

ومن جهتها اعتبرت هيئة علماء المسلمين السنية المعارضة ان الحكومة العراقية اقرت اتفاقية الاذعان مع الادارة الاميركية واصفة الاتفاقية بأنها تكرس الاحتلال المقيت.

وقالت الهيئة في بيان اليوم ان الحكومة الحالية أقرت اتفاقية الأذعان المزمع ابرامها مع الادارة الاميركية والتي تكرس الاحتلال المقيت وتسمح ببقاء قوات الاحتلال الاميركية في العراق لمدة ثلاث سنوات بعد انتهاء التفويض الأممي لها نهاية العام الحالي .

وكان وفد من الائتلاف الشيعي قد اطلع الليلة الماضية المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني على نص الاتفاقية التي اعطى موافقته عليها . وعقب اجتماع للوفد عقده مع المرجع السيستاني في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب خالد العطية في مؤتمر صحافي ان السيستاني شدد على أهمية مراعاة التوافق الوطني في كل القرارات الحساسة واكد على أهمية مراعاة الثوابت والمبادئ العامة وخاصة مبدأ التوافق الوطني في كل القرارات الحساسة وذات الأهمية الاستثنائية . واضاف ان الجانب الأميركي استجاب إلى معظم التعديلات التي اقترحتها الحكومة العراقية ومجلس الأمن الوطني موضحا انه استجاب ايضا لطلب المالكي بحذف الفقرة الخاصة بإمكانية مراجعة الانسحاب .

واشار الى انه تمت كذلك الاستجابة الى تعديلين مهمين في الاتفاقية : الاول انسحاب القوات الاميركية من المدن والبلدات العراقية في الثلاثين من حزيران (يونيو) المقبل والثاني انسحاب القوات الكامل من العراق بنهاية عام 2011 . واوضح ان التوقيع على الاتفاقية سيتم وفق الآليات الدستورية التي تنص على موافقة مجلس الوزراء أولا ومن ثم مجلس النواب .
وكان مستشار الامن الوطني العراقي موفق الربيعي اكد الجمعة قائلا quot;اعتقد بصراحة اننا حصلنا على نص جيد جداquot; .. فيما قال المتحدث باسم البيت الابيض غوردن جوندرو quot;نعتقد انه اتفاق جيد يخدم مصالح العراق والولايات المتحدة على السواء وننتظر من العراقيين ابرام هذه الآليةquot; .

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ بداية العام الحالي حول قاعدة قانونية جديدة للوجود الاميركي في العراق بعد ان ينتهي تفويض الامم المتحدة في 31 كانون الاول (ديسمبر) المقبل . ويؤيد الاكراد الاتفاقية من دون تحفظ لكنها تثير في المقابل انقساما بين الاحزاب الشيعية والسنية المشاركة في الحكومة . ولذلك اعلن النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان ان رئاسة وقوى الإقليم تطمح وترغب في وجود ضمانات أمنية سواء من قبل الأمم المتحدة أو اميركا أو القوى الكبرى بعد انسحاب القوات الاميركية من العراق للوقوف ضد الاعتداءات المحتملة من تركيا أو إيران.

وبعد ان يحظى النص بموافقة النواب والمجلس الرئاسي العراقي فأنه على رئيس الوزراء العراقي والرئيس الاميركي جورج بوش توقيع الاتفاقية التي تشمل 152 الف جندي اميركي ينتشرون في العراق منذ التدخل العسكري الاميركي في هذا البلد في اذار(مارس) عام 2003.

وكانت الحكومة العراقية طلبت من واشنطن في الاسابيع الاخيرة تعديل عدد من بنود الخطة.
وامام بغداد وواشنطن مهلة لا تتعدى شهرا ونصف الشهر للتوصل الى اتفاق قبل انتهاء التفويض الذي منحته الامم المتحدة للقوة الدولية المنتشرة حاليا في العراق بقيادة اميركية بنهاية الشهر المقبل . ودعا الرئيس طالباني الخميس نظيره الأميركي بوش إلى الموافقة على التعديلات العراقية على الإتفاقية الأمنية طويلة الأمد بين البلدين ليتمكن القادة العراقيون من عرضها على الشعب العراقي وهم quot;مرفوعو الرأسquot;.

وعلى الضد من ذلك اعلن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر عن تشكيل quot;لواء اليوم الموعدquot; من عناصر التيار الصدري الذي يقوده وجماعات مسلحة متعاطفة معه وذلك لمقاومة القوات الاميركية فيما اذا تم توقيع الاتفاقية .

وفي بيان تلاه الشيخ صلاح العبيدي الناطق باسم التيار الصدري في خطبة صلاة الجمعة في مسجد الكوفة (170 كم جنوب غرب بغداد) فقد اعلن مقتدى الصدرعن تشكيل لواء باسم quot;لواء اليوم الموعودquot; من ابناء التيار الصدري وقال quot;في حال بقاء القوات الامسركية المحتلة فإني أشد على أيدي المقاومين وبالخصوص المقاومين التي تحت مركزيتنquot; . وطالب فصائل الكتائب والعصائب وهي تنظيمات مسلحة قريبة من التيار الى الانضمام الى quot;لواء اليوم الموعودquot; . ودعا لإقامة صلاة جمعة موحدة شيعية سنية لكل الصلوات في ساحة الفردوس وسط العاصمة بغداد الجمعة المقبل وقال quot; لتتضافر جهود جميع المسلمين سنة وشيعة من أجل إفشال توقيع الاتفاقية التي تريد بيع العراقquot; . وطالب الصدر بخروج الجميع بعد الصلاة بتظاهرة سلمية ضد الاتفاقية آملين من جميع الدول الإسلامية دعم هذه الصلاة والتظاهرة بإقامة مثيلاتها في بلدانهم .

البيت الأبيض: الموافقة العراقية على الاتفاقية الامنية quot;مرحلة ايجابيةquot;

من جهتها رحب البيت الابيض الاحد بموافقة الحكومة العراقية على الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة والتي تنص على انسحاب تام للقوات الاميركية من العراق بحلول نهاية 2011، معتبرا انها quot;مرحلة مهمة وايجابيةquot;.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض غوردن جوندرو في بيان quot;اننا نرحب بموافقة الحكومة العراقية على الاتفاق اليوم (الاحد). انها مرحلة مهمة وايجابيةquot;.

واضاف جوندرو quot;حتى ولو ان العملية لم تنته بعد، الا اننا نامل ونثق في انه سيكون لنا قريبا اتفاق سيخدم الشعب العراقي والولايات المتحدة معا وسيوجه رسالة مفادها ان حكومتينا تريدان عراقا مستقرا وآمنا وديموقراطياquot;.

وقد وافقت الحكومة العراقية في شبه اجماع الاحد على الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة. وسيحسم البرلمان العراقي موقفه نهائيا منها في 24 تشرين الثاني/نوفمبر.

ويفترض ان توفر الاتفاقية اطارا قانونيا لوجود القوات الاميركية في العراق والذي ينتهي مع انتهاء تفويض الامم المتحدة في 31 كانون الاول/ديسمبر.

وتنص الاتفاقية التي كانت موضع تفاوض لمدة تقارب العام، على ان يغادر العراق

150 الف جندي اميركي موزعين على اكثر من 400 قاعدة، بعد ثمانية اعوام من الاجتياح الذي ادى الى الاطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض ان quot;الاتفاقية التي تشمل الامن والعلاقات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية ما كانت ستنجز لولا تحسن الظروف الامنية بصورة كبيرة. امكن تحقيق هذا التقدم بفضل العمل الرائع الذي قام به الجنود الاميركيون وشجاعة الشعب العراقي زيادة قدرات وقوة قوات الامن العراقيةquot;.

واضاف quot;في حين لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به، ستواصل القوات الاميركية عودتها الى الوطن وسيكون هناك بنهاية السنة 14 لواء مقاتلا مقابل عشرين في ذروة التعزيزاتquot;.