الدوحة: تستعد الدوحة المستضيفة لمحادثات سلام دارفور لتحديد موعد انطلاق المحادثات بعدما استطاعت في وقت وجيز تجميع المعلومات كافة، واكملت المشاورات مع كل الاطراف المنخرطة في قضية دارفور، وبعدما استمعت إلى الحكومة والحركات المسلّحة حول رؤيتيهما وموقفيهما للتفاوض.

وأشارت صحيفة الصحافة السودانية إلى ان مصادر رجّحت ان تبدأ المحادثات في يناير المقبل، على ان يسبقها اجتماع اللجنة القطرية العربية الافريقية لسلام دارفور في 17 الجاري ليومين في الدوحة، لدراسة الموعد النهائي لانطلاق المفاوضات وتحديده.

وفي السياق نفسه، طرح رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي جان بينج تصوراته بشأن التطورات السياسية المتعلقة بالسودان في اجتماعه مع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، في مقر الأمانة العامة للجامعة.

وقالت صحيفة الصحافة لقد باتت كل الاوراق والاجندة على الطاولة قبل انطلاق المحادثات في الدوحة بعدما كشفت وحدّدت كل من الحكومة والحركات المسلحة شروطهما وسقفهما التفاوضي، فالخرطوم ستدخل المحادثات متأبطة توصيات ملتقى أهل السودان التي تعتبرها تمثل وجهة نظر اهل السودان وليس المؤتمر الوطني الذي وافق على معظم تلك التوصيات التي لبّت تقريبا كثيرا من مطالب الحركات ما عدا مطلب نائب الرئيس والاقليم الواحد اللذين تركهما المؤتمر الوطني سقفين تفاوضيين قابلين للأخذ والرد.

اما الحركات المسلحة فتدخل المحادثات متمسكة بمطالبها السابقة التي بسببها رفضت التوقيع على اتفاق سلام دارفور، والتي تركها المؤتمر الوطنى كسقف تفاوضي على رأسها المطالبة بالاقليم الواحد مستوى رابع على غرار حكومة الجنوب والاحتفاظ بقواتها في الفترة الانتقالية والتعويضات وفقا للمعايير الدولية، وتخصيص نسبة من الدخل القومي لبناء وتعمير دارفور.

وذكرت الصحيفة أن ما جرى في الدوحة أول من أمس هو بمثابة قمّة مصغّرة ولقاء غير مباشر بين الفرقاء والوسطاء والمسهّلين، حيث تمت مناقشة القضايا كافة محل البحث مع القيادة القطرية التي ستبلور من خلالها رؤية ستكون خارطة طريق للمحادثات المرتقبة.

وأشارت الى تصريحات الناطق الرسمى باسم حركة العدل والمساواة، أحمد حسين بقوله ان محادثات الدوحة كانت جيدة وسارت بشكل إيجابي سواء على مستوى القيادة القطرية أو مع الوسيط الدولي أو المبعوث النرويجي، واعتبر مجيئهم للدوحة إبرازا لجديتهم. ووقال انهم سلموا رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم رسالة تحمل مجمل رؤية حركة العدل والمساواة في قضايا السلام خاصة الجوانب الإجرائية، مؤكداً انهم استمعوا إلى بعض الأفكار من الوزير القطري وان هناك لقاءً آخر سيجري في الدوحة لمناقشة بعض التفاصيل.


على صعيد مواز، نظّم مركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية ندوة بعنوان quot;عملية الوفاق الوطني في ظل مبادرة أهل السودان والمبادرة القطريةquot;، وأكّد المتحدّثون على أهمية الدور القطري في إيجاد حل لمشلكة دارفور، مطالبين بتحقيق عملية الوفاق الوطني بين مختلف الأقطاب السياسية، من أجل تحقيق السلام والتنمية في السودان، وخاصة في دارفور، مشيرين الى ان الوفاق الوطني يعتبر أهم المراحل الحالية لمواجهة المخططات الخارجية من أجل حماية السودان.

ونوّه مركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية ياسر ابتدر بأن مبادرة أهل السودان جاءت باقتراح من الرئيس عمر البشير، الأمر الذي أدى إلى جمع معظم ألوان الطيف السياسي من الأحزاب السياسية والشخصيات القومية وفعاليات منظمات المجتمع المدني وبعض الشخصيات الإقليمية والعالمية في الفترة من 15 إلى 30 من الشهر الماضي، مضيفاً أن هدف الملتقى هو الوصول إلى رؤى وأفكار تشكل إطاراً لحل مشكلات السودان دون استثناء.

وشدد المركز على ضرورة التنسيق بين المبادرات المطروحة في الساحة السياسية، وتحديد ما هو متفق عليه بين الكتل المختلفة، وحصر كل الأطروحات لحشد الدعم الإقليمي والدولي لمصلحة الوفاق الوطني.

بدوره، شبّه الباحث في مركز دراسات افريقيا والشرق الأوسط عمر مهاجر مبادرة أهل السودان بـ quot;الخيمة الكبرىquot; للسودانيين لتداول أزمة دارفور التي أصبحت المهدّد الاستراتيجي للسودان في استقراره ووحدته، خاصةً مع الظروف الدولية التي عملت على تضخيم هذه الأزمة.

واعتبر أن هذه الأزمة لم تخلق بصورة عفوية، وإنما كانت نتاجاً لظهور نظام عالمي مختلف عن القطبية الثنائية، إلى جانب نظام أحادي تقوده أميركا التي تهدف إلى السيطرة على الموارد، كاشفاً أن دارفور كانت في الفكر الأميركي، نظراً لكونها غنية بالموارد إضافة إلى عمقها الاستراتيجي كمدخل للعرب في غرب إفريقيا.

وأشار مهاجر إلى أن مبادرة أهل السودان تعتبر رؤية توافقية لبعض الأحزاب السياسية، خاصة أنها لم تشهد سيطرة المؤتمر الوطني عليها، بالتالي كان هناك إجماع عليها من قبل بعض الأحزاب، كما تخوّف المتحدث من التدخل الدولي في الشأن السوداني مما يعوق مسألة الوفاق الوطني.

وأوضح أن quot;هناك اختراقاً إسرائيلياً ضخماً لدارفورquot;، مبيّناً ذلك من خلال تصريحات رجل المخابرات الإسرائيلية السابق ريختر عن دور إسرائيلي في دارفور والسودان منذ فترة الخمسينات، معتقداً أن الأهداف الإسرائيلية تحققت في جنوب السودان الذي سوف ينفصل في عام 2011

أما دارفور فقد quot;كانت في الاستراتيجية الإسرائيلية منذ العام 2000 في عهد شارون الذي كوّن لجنة أزمات لإضعاف السودان من خلالهاquot;، وذلك لأن المجتمع السوداني هش وقابل للاختراق، وأوضح ريختر أن السودان لن يشكل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل في إفريقيا وذلك للأوضاع الصعبة التي يعيشها.