تل ابيب: ذكرت صحيفة هآرتس اليوم الأحد أن أهم قرار ستتخذه الحكومة الإسرائيلية المقبلة بعد الانتخابات العامة في شباط/فبراير هو البت فيما إذا كانت سترصد ميزانية لتمويل هجوم ضد إيران أم أنها ستقرر تعزيز الردع ضدها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى وشركاء في صناعة قرارات القيادة السياسية والأمنية قولهم إن القرار الأهم الذي سيكون مطروحا أمام الحكومة المقبلة في إسرائيل يتعلق بكيفية توزيع الموارد المخصصة لمواجهة التهديد النووي الإيراني، وهل ينبغي الاستعداد لشن هجوم أم تطوير وسائل ردع ودفاع.

واستعرض هذه quot;المعضلةquot; رئيس مجلس الأمن الاقتصادي والمستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الإسرائيلي البروفيسور مانويل طخطنبرغ في خطاب ألقاه أمام المؤتمر السنوي لمعهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب يوم الخميس الماضي.

وقال طخطنبرغ إنه quot;لدى اختيار الإستراتيجية لمواجهة التهديد الإيراني غير التقليدي، علينا أن نأخذ بالحسبان المصادر المحدودة التي بحوزتنا، الأمر الذي يحتم علينا إدارة المخاطر بصورة محسوبة لأنه لن تكون لدينا تشكيلة واسعة من الحلولquot;.

من جهة ثانية أفادت هآرتس بأن هناك خبراء في الشؤون الأمنية الذين يعارضون موقف طخطنبرغ ويعتبرون أن تكلفة الخيار العسكري القاضي بشن هجوم ضد إيران أقل من التكلفة التي يصفها من يعارضون الخيار العسكري.

وأضاف هؤلاء الخبراء أن الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى زيادة ميزانيته بمبلغ مليار شيكل (حوالي 250 مليون دولار) في السنة من أجل تقوية quot;الذراع الطويلةquot; لعملية هجومية ضد إيران.

وأوضحوا أن هذا التمويل مطلوب بالأساس من أجل تقوية قدرات أجهزة الاستخبارات والتزود بطائرات تزويد وقود التي ستؤدي إلى إطالة مدى العمليات الهجومية وقدرة الطائرات الحربية الإسرائيلية على حمل الذخيرة.

وقدر الخبراء أن الموازنة العامة الإسرائيلية قادرة على تحمل تكاليف إضافية من أجل الإعداد لهجوم في إيران وأن الحكومة المقبلة لن تتنازل مسبقا عن الخيار العسكري وإنما ستفضل أن تحتفظ بحرية القرار فيما يتعلق بمهاجمة إيران.

ورأى المحلل السياسي في هآرتس، ألوف بن، أن قرار الحكومة الإسرائيلية المقبلة بخصوص رصد ميزانية لتمويل quot;الذراع الطويلةquot; ستحدد ما إذا كانت إسرائيل تدرس بجدية الخيار العسكري ضد إيران، بينما سيعني اتخاذ قرار بالتركيز على الردع والدفاع أن إسرائيل تراجعت عن مهاجمة إيران.

ولفت بن إلى أن المعضلة تتفاقم على ضوء الركود الاقتصادي الناجم عن الأزمة الاقتصادية العالمية والذي يقيد قدرة الحكومة على توسيع ميزانية الأمن.

وأشار إلى وجود خلاف داخل إسرائيل بين مؤيدي الخيار العسكري ومؤيدي تعزيز قوة الردع.

ويفضل مؤيدو quot;خيار الردعquot; رصد ميزانيات في مشاريع طويلة الأمد للاحتماء من هجوم نووي وبناء قدرة رد عسكري يردع مسبقا هجوما إيرانيا محتملا، وذلك انطلاقا من الاعتقاد بأنه لا توجد لدى إسرائيل قدرة عسكرية حقيقية ضد إيران ولا ينبغي إهدار موارد على خطط لن يتم تنفيذها.

كذلك يرى مؤيدو quot;خيار الردعquot; أن الحد الأقصى الذي بإمكان إسرائيل عمله هو عرقلة البرنامج النووي الإيراني لسنوات قليلة، الأمر الذي لا يبرر المخاطرة واحتمال تعقد العملية العسكرية أو أن تؤدي إلى حرب إقليمية واسعة.

من جانبه اعترض رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت على هذا الرأي واعتبر أنه إذا كان بإمكان إسرائيل إحباط البرنامج النووي الإيراني فإن قدرة الردع الحالية كافية لتحقيق ذلك ولا يجدر إهدار موارد أخرى على بناء قدرات إضافية لن تحتاجها إسرائيل.

ولم يقرر أولمرت ما الذي سيفعله بعد بعدد من المشاريع في هذا السياق والتي ما زالت بانتظار مصادقته عليها.

يشار إلى أنه بحسب تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية فإن إيران تخطت quot;السقف التكنولوجيquot; لمشروعها النووي خلال العام الأخير كونها أصبحت قادرة على تخصيب اليورانيوم.

وأضافت هذه التقديرات أن الانتقال من القدرة التكنولوجية إلى حيازة سلاح نووي مرهون الآن بقرار من القيادة الإيرانية.

لكن الاستخبارات الإسرائيلية تقدر أن الإيرانيين ليسوا مسرعين ويفضلون جمع كمية كبيرة من المواد الانشطارية قبل أن يتجهوا نحو برنامج نووي عسكري وهو الأمر الذي يفتح quot;نافذة فرصquot; أمام جهد دبلوماسي أخير لوقف البرنامج النووي الإيراني.