كيف يلعب أوباما وأولمرت والأسد وحماس ونجاد على عامة العرب
أوباما يريد من ضربة غزة... حسم معركة أفغانستان أميركيًا
زيد بنيامين من دبي: في الوقت الذي كانت فيه صواريخ اسرائيل تقضي على البنية التحتية لحماس في قطاع غزة كما كانت تعلن، كانت تلك الصواريخ تاخذ في طريقها اي امال بعودة الهدنة بينها وبين حماس في المستقبل القريب، كما أضافت الكثير من الخجل على اي طرف فلسطيني اخر يريد الجلوس والحوار مع اسرائيل وعلى رأس كل تلك الاطراف يجلس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية.وتيرة الضربات الموجعة التي تلقتها العملية السياسية في الاراضي المحتلة ، ربما بقدر عدد الذين سقطوا في شوارع القطاع على حين غرة خلال يوم السبت حيث بدأت العمليات الاسرائيلية، سواء بضربات الصواريخ او باستهداف الطائرات عن بعد، ليقفز السؤال الاهم مباشرة، كيف تركت الدولة العبرية وجيرانها من العرب الوضع ليصل الى الحد الذي نشهده اليوم ولماذا؟
يرى الكاتب البريطاني سكوت بلومر في صحيفة التلغراف ان الوضع في غزة هو نتاج اعمال حماس التي سيطرت على القطاع في منتصف 2007، ومنذ ذلك الوقت بدأت تتحدى الشرعية الاسرائيلية بدعم من ايران وسوريا، كما تتحمل حكومة اولمرت جانبًا من الملامة ايضاً لانها لم تفتح خط الحوار مع حماس حينما كانت الهدنة قائمة.
وبحسب الوضع الداخلي الاسرائيلي وقرب خروج ايهود اولمرت من كرسي السلطة، والى حين تشكيل تحالف جديد من اجل قيادة اسرائيل بعد الانتخابات المقبلة في فبراير، فأن الحوار مع العرب قد ينتظر اشهر طويلة، وتقول كل الاستفتاءات ان المرشح الابرز للوصول الى السلطة بعد فبراير هو بنيامين نتنياهو الزعيم اليميني المتطرف والذي يمتلك قاعدة شعبية وحزبية اوسع من اولمرت، كما كان الحال مع سلفهما ارييل شارون في السابق.
والوضع الداخلي على الجانب الفلسطيني فهو كالتالي: الاعمال الاسرائيلية الاخيرة لم تقوِّ طرفاً في المعادلة الفلسطينية سوى حماس، حيث ازداد الدعم الشعبي لها بسبب الضربات الاسرائيلية، في وقت نجحت فيه في الحد من تأثير الحصار الاقتصادي الذي فرض على المناطق التي سيطرت عليها، وها هو الرئيس محمود عباس يقف ضعيفاً في الضفة الغربية مع قليل من السلطة وابعاد تام له ولحركة فتح عن غزة قد يزداد بابعاد المتبقي من مناصريه خلال الايام القليلة المقبلة من القطاع، فتواجه اسرائيل طرفًا تفاوضيًا هو عباس غير القادر على تقديم شيء بالمقابل.
هنا يأتي دور المنقذ وهو الولايات المتحدة، فالجامعة العربية دعت الرئيس الاميركي المنتخب حديثًا باراك اوباما الى تقديم خطته الداعية إلى تبادل الارض مقابل السلام وهو تحرك يدعمه رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون.
في 2002 كان الرئيس الاميركي جورج بوش اول رئيس اميركي يدعو إلى اقامة دولة خاصة بالفلسطينيين، ولكنه كان بعيداً عن اي تدخل عميق في الازمة الاميركية الاسرائيلية، وبعد فترة قصيرة بدأت الحرب في افغانستان ثم العراق لتبعداه عن القضية تماماً، وحينما جاء ليطلق انابوليس.. كان الوقت قد تأخر على الجميع.
اوباما اكد في وقت سابق ان القضية الفلسطينية الاسرائيلية ستكون في اولويات ادارته المقبلة، واذا صدق، فأن ذلك يعني تدخلاً واسعاً لادارته في شأن الصراع العربي الاسرائيلي وستكون وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مطالبة بالكثير.
واوباما يعرف جيدًا ان اي حل في المنطقة لن يأتي الا بضغط اميركي، وهو يعلم ان هذا الضغط يجب ان يستخدم في مقابل ضغط اسلامي (من الدول الاسلامية) من اجل ضبط العلاقات العربية والاسلامية مع اميركا، واحد نتائج ذلك يجب ان ينعكس في افغانستان، وسيكون شعار اوباما على النحو التالي (ان كانت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش قد علمت اميركا شيئًا حتى الان.. فهو انها بحاجة الى شركاء) لتكون حملته في ممارسة ضغط اميركي مقابل ضغط اسلامي.
ثم يأتي دور اسرائيل.. التي نجحت حتى الان في تغيير الرؤية الاميركية لامكانية الحوار مع سوريا، خصوصًا بعد ان قال اولمرت في وقت سابق انه قادر على قيادة جبهة امامية لكسر العلاقة التي تربط بين دمشق وطهران، وهو ما يعني ابعاد قادة حماس والجهاد من دمشق وقطع المال عن حزب الله، في مقابل قيام العرب بوضع خطة لعملية السلام لكنها بحاجة الى بعض التعديلات، يضاف الى ذلك موقف القادة العرب الداعي الى وقف ادخال الصواريخ الى غزة خصوصا بعد انسحاب اسرائيل من القطاع في عام 2005، وهو ما زاد الامال في امكانية تطبيق المبادرة العربية وزاد من ضغوطهم على حماس بضرورة وقف اعتراضاتها.
يبقى ان العالم تحول عبر الضربة الاخيرة، الى خشبة مسرح جاهزة للعرض، بمشاركة اللاعبين الرئيسيين، وبانتظار الادارة الاسرائيلية القادمة والتي يتوقف عليها شكر من قاموا بالادوار الرئيسة ومن ثم اتخاذ القرار.. فاما اكمال الامر الى السلام او الانهيار... فهل تحل القضية الفلسطينية على الطريقة التي حلت بها قضية ايرلندا الشمالية، سيكون الامر وقتها بيد العرب والاسرائيليين حتماً.. الامر لا يحتاج سوى أشهر قليلة من الانتظار.
التعليقات