اعتدال سلامه من برلين: بعكس بعض وسائل الاعلام الالمانية التي ابرز مراسلوها الوضع المأسوي في قطاع عزة وعرضوا صور مخيفة للدمار والموت الذي يحصل هناك، وابرزوا بشكل غير متوقع صورا للاطفال الذين قتلوا في الغارات الاسرائيلية، التزم السياسيون الالمان بالصمت وعدم توجيه اي كلمة نقد الى الحكومة الاسرائيلية الا حزب اليسار الذي طالب تل ابيب بوقف عملياتها العسكرية فورا ومن دون شروط.
وكانت المستشارة الالمانية انجيلا ماركل اكثر صراحة فحملت حركة حماس كامل مسؤولة الوضع في القطاع. وحسب قول متحدث باسم الحكومة الالمانية لا ترى المستشارة اي مبرر لتوجيه انتقاد الى الحكومة الاسرائيلية لما تقوم به في القطاع، بل يجب تحميل حماس المسؤولية ايضا مسؤولة التصعيد.
وكانت ماركل قد اجرت ليلة امس اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت واتفقا على ان حماس هي وراء التطورات الاخيرة في غزة. وحسب قول ماركل ايضا عند الحكم على الوضع في الشرق الاوسط يجب عدم الخلط بين المسببات والمؤثرات او نسيانها، فاسرائيل لها الحق في الدفاع عن شعبها وحماية اراضيها، لكن في نفس الوقت عليها اتخاذ كل التدابير من اجل حماية ارواح المدنيين الفلسطينيين، وعلى حماس الان وفورا ايقاف قذف صواريخها على الاراضي الاسرائيلية.
وقد يكون رئيس لجنة السياسية الخارجية في البرلمان الالماني روبرت بولنس من الحزب المسيحي الديمقراطي الوحيد الذي خرج قليلا عن الخط الالماني حيث اكد على مساندته للجهود الدولية من اجل تثبيت وقف فوري لاطلاق النار، في الوقت نفسه استبعد ان تلبي اسرائيل المطالب الدولي وتوقف عملياتها العسكرية الان.
وحسب بيان وزارة الخارجية اتصل صباح اليوم وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، واتفق الاثنان على ان التطورات الحاصلة في القطاع ليس لها انعكاس كارثي على سكان غزة والوضع السياسي هناك فحسب، بل ايضا على استقرار المنطقة بالكامل، لذا يجب العمل وبذل الجهود الدولية كي لا يتواصل التدهور.
وكان وزير الخارجية الالماني فرانك فلتر شتاينماير قد اتصل ليلة امس مع كل من مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الاوربي خافير سولانا ووزير الخارحية التشيكي كارل شفارتسينبيرغ وتتسلم تشيكيا مطلع عام 2009 رئاسة الاتحاد الاوروبي، حيث ناقش معهما الوضع في قطاع غزة. واكدوا على وجوب وقف حماس وبسرعة لاطلاقها الصواريخ على الاراضي الاسرائيلية ووجوب اسرائيل اتخاذ كل التدابير من اجل حماية ارواح المدنيين الفلسطينين.
كما اتفق الوزير الالماني مع نظيره التشيكي ومفوض الاتحاد الاوروبي للسياسة الخارجية على ان الوضع الانسان في غزة كارثي ويحتاج الى مساعدات انسانية فورية وسريعة ووجهوا نداءا الى حماس واسرائيل عدم اعاقة وصول هذا المساعدات عند البدء بتقديمها.
هذا، وتظاهر ليلة امس في برلين حوالي 10 الف شخص استنكارا للاعتداء الاسرائيلي على قطاع غزة، وكانت المظاهرة عفوية ودعت اليها جمعيات ومنظمات اجتماعية عربية وتركية والجاليتين العربية والفلسطينية في العاصمة خلال اقل من 12 ساعة.
وطالب المتظاهرون الذين امتزجت هتافاتهم بالغضب لما يحدث في قتل وتدمير في غزة، طالبوا الحكومة الالمانية بالعمل لوقع هذه المجزرة والابادة للشعب الفلسطيني، ونددوا بالصمت الدولي حيال ما يحدث، كما طلبوا المستشارة انجيلا ماركل وقف دعم اسرائيل بالسلاح الذي تقتل به اليوم المدنيين والابرياء في القطاع.
وتمكن منظمو المظاهرة من ضبط غضب بعض الشباب الذين لفوا اجسادهم بالعلم الفلسطيني وكانوا يصرخون عاليا شاجبين ما يحدث ورافعين صور الاطفال الذين قتلوا في الغارات منهم طفلة شهوتها القنابل ومزقت جسدها، الا ان المظاهرة انتهت دون وقوع اي حادث او تجاوز للقانون، كما قرر الجاليات تنظيم مظاهرة مركزية يوم السبت المقبل.
وخلال المظاهرة التي انتهت في ساحة فيتنبيرغ التجارية في برلين استرعى الانتباه سيدتين متقدمتين في السن تحمل واحدة كاميرة تصوير تلفزيونية والاخرى الميكروفون وتنتقلان من مكان الى اخرى، اتضح فيما بعد انهما من تلفزيون محلي اسرائيلي يدعى بابلسمبيرغ تي في. ولقد صورتا المظاهرة بالكامل وعندما سألت احداهما عن السبب قالت بانها تريد الفيلم كوثيقة من اجل الاحتجاج لدى السلطات الامنية فالمتظاهرون اطلقوا شعارات معادية للسامية. كما استنكرت الاخرى اعطاء السلطات المختصة المتظاهرين بهذه السرعة اذنا للتظاهرة، ووصفت ما يحدث تجاوزا للقانون الالماني.
التعليقات