لندن، وكالات: النهاية الدموية للرجل الذي جعل من الإختطاف سلاحا في الحرب. كان هذا هو العنوان الذي إختاره روبرت فيسك لمقاله المنشور في الإندنبندنت اليوم حول عماد مغنية، الذي إغتيل في إنفجار سيارة مفخخة في العاصمة السورية يوم الثلاثاء. وفي الفقرة الأولى من مقاله يكشف لنا فيسك أنه قابل عماد مغنية في أكتوبر عام 1991 من أجل التوسط لصديقه تيري أندرسون، رئيس مكتب الاسوشيتدبرس في بيروت والذي اختطفه مغنية لما يقارب السبع سنوات.

ثم يبدأ فيسك في سرد أسباب عداوة أميركا وإسرائيل لمغنية. فهو الرجل الذي كان وراء اختطاف وقتل ويليام بكلي، رئيس محطة وكالة الاستخبارات المكزية الأميركية في بيروت عام 1984، وهو أيضا الرجل الذي كان وراء اختطاف طائرة الـTWA إلى بيروت عام 1985 وقتل ضابط في مشاة البحرية الأمريكية كان على متنها وتفجير مقر مشاة البحرية الأمريكية، المارينز، عام 1983 في لبنان. ويصف فيسك مغنية بالقول إنه كان يتمتع quot;بشخصية واثقة في النفس إلى حد مخيف، وبالايمان العميق فيما يفعل، وهو شيء يتشارك فيه مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن، ولنكن صرحاء هنا، مع الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش. فمنظمة الجهاد الإسلامي التي كان يقودها مغنية عذبت أعدائها. كما فعلت القاعدة، وكما يفعل، كما كلنا يعلم، جيش السيد بوشquot;. ويختم فيسك مقاله بالحكمة التي تقول إن من يعش بالسيف يمت بالسيف.

الفاينانشيل تايمز: اغتيال دمشق..

وفي الصفحة الأولى أيضا للفاينانشيل تايمز صورة صغيرة للمسؤول الأمني في حزب الله. وفي الخبر الذي أوردته الفاينانشيل تايمز نبذة مختصرة عن عماد مغنية، لكن في الصفحة السابعة من الجريدة، التي تهتم بأخبار المال والأعمال، تغطية مفصلة تم عنونتها بـ: اغتيال دمشق. وفي التغطية نشاهد أحدث صورة شخصية لعماد مغنية وهو في اللباس العسكري لحزب الله، وصورة لسيارته التي تم تفجيرها في أحد أحياء دمشق، وعرض زمني مفصل بأبرز عمليات حزب الله، والتي شارك فيها مغنية، وأبرز الذين تم اغتيالهم من قيادات حزب الله منذ نشأته بعيد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وحتى اليوم.

وفي بداية خبر الفاينانشيل تايمز الذي شارك في إعداده فيري بيدرمان من بيروت وتوبياس بك من القدس ورولا خلف من لندن نقرأ أن quot;حزب الله تلقى ضربة يوم أمس بعدما تم اغتيال قائد رفيع المستوى من قادته، وهو الرجل الذي تضعه الولايات المتحدة وإسرائيل على رأس قائمة أكثر الرجال المطلوب تسليمهم إليهما، وذلك بعد اغتياله خلال ساعات ليل الثلاثاء الماضي.quot; والى جانب الخبر الذي تناول اغتيال مغنية وتداعياته الإقليمية والدولية وتنصل إسرائيل من مسؤوليتها عن رحيله عن الحياة، كتب فيري بيدرمان من بيروت مقالا تناول فيه السيرة المهنية لمغنية.

وقال بيدرمان عن رجل حزب الله المغتال إنه quot;حقق لدى أنصاره في لبنان ما يشبه المكانة الأسطورية نتيجة لعملياته الجريئة وقدراته على الهرب من أعدائه لعقودquot;. وأضاف بيدرمان أن مغنية المولود عام 1962 في قرية فقيرة في جنوب لبنان انضم، وفق عددا من التقارير، للقوة 17 التابعة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عندما كان متواجدا في لبنان خلال السبعينات، ثم التحق بعدها بالجهاد الإسلامي وارتبط اسمه بأكبر وأهم الاعتداءات ضد المصالح الأميركية قبل أن يأخذ مكانه تنظيم القاعدة ويحل زعيم القاعدة أسامة بن لادن على رأس قائمة المطلوبين لدى الولايات المتحدة بدلا منه.

الجارديان: عند مماته لا يمكن التفريق بين الأسطورة والحقيقة

أما الجارديان فكان عنوان تغطيتها لموضوع اغتيال مغنية: quot;سيارة مفخخة تنهي حياة قائد في حزب الله مطلوب بسبب سلسلة من الاختطافات وعمليات القتل الجماعي التي قام بهاquot;. وفي التغطية كتب إيان بلاك من بيروت عن مغنية قائلا إن quot;الرجل الذي يعرف بين أتباعه باسم الحاج رضوان، حافظ على ابتعاده عن الأضواء وعلى إبقاء نفسه معزولا عن المعرفة إلى الحد الذي جعله تقريبا غير مرئي. ويقال إنه كان مداوما على تغيير هوياته وكان يخضع لعمليات تجميل جراحية من أجل تغيير ملامحه.quot; وأضاف بلاك أنه quot;نتيجة لحياة مغنية السرية، فإن وفاته جعلت من التفريق بين الأسطورة والحقيقة أمرا مستحيلا. فالرجل وصف بأنه عبقري وسايكوباتي (مرض نفسي يجعل الشخص ميالا لإيذاء الآخرين)، ويقال بأنه تأثر بشدة نفسيا لمقتل أخويه في اعتداءات من قبل عملاء للولايات المتحدة وإسرائيل.quot;

التايمز اختارت أن يكون عنوان تغطيتها لاغتيال مغنية كالتالي: quot;المخطط الإرهابي الذي كان رأسه يساوي 25 مليون دولار (قيمة المكافأة المالية لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه من قبل أجهزة الأمن الأمريكية) يموت في انفجار سيارةquot;. وقد أوردت التايمز مع تغطيتها صورة نادرة لمغنية وهو في كابينة الطائرة التابعة لشركة TWA الأمريكية التي اختطفها إلى بيروت عام 1985. وقالت الجريدة في تعليقها على الصورة إن مغنية quot;كان مسؤولا عن قتل المئات خلال الأعوام الخمسة والعشرين الماضيةquot;.

نبذة عن مغنية

عماد مغنية هو أحد القادة العسكريين لحزب الله ويعد واحدا من أكثر العناصر المطلوبة من جانب الولايات المتحدة التي رصدت مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تفضي إلى القبض عليه. وتوجه له قائمة طويلة من الاتهامات التي تتراوح بين التآمر لخطف طائرات واحتجاز رهائن وقرصنة جوية أفضت إلى القتل ووضع متفجرات على طائرات إلى مهاجمة ركاب طائرات وأطقمها. ولد عماد لأسرة شيعية في الجنوب اللبناني عام 1962، ثم انتقلت عائلته إلى الضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت. تعلم عماد في عدة مدارس لبنانية خلال المرحلة الاعدادية والثانوية، ثم دخل لمدة عام واحد إلى الجامعة الأميركية، وفي أواخر السبعينات كان ضابطا في quot;القوة 17quot; التابعة لحركة فتح. وبعد خروج الفلسطينيين من بيروت عام 1982 التحق بحركة أمل وبعدها انتقل إلى حزب الله. ذهب إلى إيران وهو في العشرين من عمره وشارك لمدة أربعين يوما في الحرب على الجبهة الايرانية ضد العراق.

اتهامات

جرى ربط اسم مغنية بعمليات عديدة حصلت في عدد من الدول العربية منها عملية الخبر والضهران. وقيل انه المسؤول الاساسي عن علاقة حزب الله بالحرس الثوري وعن التنسيق في نقل السلاح وتجهيز للحزب على يد الحرس الثوري الايراني وعن التدريب. ويتهم الأميركيون مغنية بتدبير الهجوم على مقر مشاة البحرية الأميركية quot;المارينزquot; في بيروت عام 1983 بالإضافة إلي للاشتباه في علاقته بخطف طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية quot;تي دابليو ايهquot; في بيروت عام 1985، كما يعتقد بأنه وراء خطف غربيين بلبنان في الثمانينيات.

ويعتقد أنه متورط في تفجير مركز يهودي في العاصمة الأرجنيتينة بوينس ايرس عام 1994 أودى بحياة 95 شخصا، وتفجير سفارة إسرائيل هناك عام 1992 مما أسفرعن مقتل 29 شخصا. كما اربتط اسمه باختفاء الطيار الاسرئيلي رون ارد الذي يقول حزب الله انه فقد اية معرفة بمصيره منذ معركة ميدون عام 1989 ، وهي المعركة التى حصلت في البقاع الغربي بين مجموعات من حزب الله والقوات الاسرئيلية. وجاء مغنية علي رأس القائمة الأولي التي ضمت 22 إسما ووزعتها المخابرات الأميركية عقب هجمات 11 سبتمبر 2001. وكان القتيل مطلوبا من 42 دولة من دول العالم ويطلق الايرانيون عليه اسم quot;الثعلبquot; والأميركيون يسمونه quot;الحاج القاتلquot; والاسرائيليون يعتبرونه quot;بن لادن الشيعيquot; أما في قيادة حزب الله فيلقب باسم quot;الحاج رضوانquot;.