كاسترو بعد تنحيه يسخر من بوش
هافانا، وكالات: تعلن كوبا اليوم الأحد إسم رئيسها خلفا لفيدل كاسترو الذي حكم الجزيرة الشيوعية حوالى نصف قرن وترك إرثا ثقيلا لشقيقه راوول كاسترو الذي يرجح أن يتولى الرئاسة. وستعقد الجمعية الوطنية الجديدة التي انتخبت الشهر الماضي جلستها الاولى التي ستكون تاريخية لابرام قرار فيدل كاسترو (81 عاما) الذي اعلن الثلاثاء تخليه عن الرئاسة بسبب وضعه الصحي. وعشية تعيين خلف له، نشر فيدل كاسترو مقالا تحدث فيه عن ما اوردته صحف عن استقالته. ونقل مقال quot;الرفيق كاستروquot; وهو لقبه الجديد بطلب منه بعد تخليه عن لقب quot;القائدquot;، مقاطع من مقالات نشرتها صحف نيويورك تايمز الاميركية والبايس الاسبانية ولا خوردانا المكسيكية، وتحدثت عن مستقبل كوبا بعد كاسترو.

واشار فيدل كاسترو في مقال بعنوان quot;من سيذهب الى المزبلة؟quot;، الى تصريحات للامين العام لمنظمة الدول الاميركية خورغي ميغيل اينسولزا الذي استبعد عودة سريعة لكوبا الى المنظمة quot;التي لم يعد احد يذكرهاquot; على تعبير كاسترو. وكان فيدل كاسترو نقل منذ 19 شهرا صلاحياته الى شقيقه راوول بعد اصابته بنزيف حاد في الامعاء وخضع لعدة عمليات جراحية خطيرة. وكتب كاسترو في quot;خاطرةquot; الجمعة ان quot;ضميره مرتاح بعد ايام من التوتر بانتظار الرابع والعشرين من شباط/فبرايرquot;quot;. واضاف انهم يدعون في الخارج الى quot;التغيير. انني موافق على التغيير لكن في الولايات المتحدةquot;، داعيا الى quot;فتح النار العقائديةquot; على الانتقادات. واكد كاسترو اسلبت انه quot;سيمضي بضعة ايام بدون نشر اي نقال جديدquot;. ووعد راوول كاسترو، وزير الدفاع منذ 1959، باحداث تغييرات في كوبا لمعالجة وضع الاقتصاد الذي يعاني من البيروقراطية ومن حظر اميركي صارم.

لكن في ما يتعلق بالسياسة، قال راوول انه سيواصل تلك التي اتبعها فيدل رغم دعوات الاسرة الدولية الى احلال الديموقراطية والافراج عن السجناء السياسيين. ولا ينافس راوول كاسترو سوى مرشح واحد هو كارلوس لاجي الطبيب الذي يبلغ من العمر 56 عاما ويقوم بمهام quot;رئيس الوزراءquot; بحكم الامر الواقع. وهو اهم شخصية في الجيل الصاعد. لكن الحرس القديم الثوري الذي يتألف من رفاق فيدل كاسترو، ما زال قويا ويتمتع بنفوذ كبير، ومن بينهم راوول كاسترو (76 عاما) الذي رافق شقيقه في كل مراحل حياته. وسيكون على راوول كاسترو التعاون مع القدامى لكن مع جيل الشباب ايضا الذين يتطلعون الى طي صفحة حكم مطلق استمر 49 عاما في الجزيرة التي تحولت الى حصن للماركسية اللينينية.

لكن المراسلين الأجانب في كوبا يقولون إن الجمعية قد تختار سياسيا أصغر سنا من راوول كاسترو مثل نائب رئيس الدولة كارلوس لاخي أو وزير الخارجية فيليبي بيريس روكي. ولم يظهر كاسترو على الملأ منذ أن تخلى عن السلطة لشقيقه، ولكن نشرت بعض صوره بين الفترة والأخرى. وحين اعلن كاسترو عن تنحيه أكد انه سيستمر في كتابة عموده في جريدة الحزب quot;جرانماquot;، وانه سيستمر quot;في النضال كجندي في معركة الأفكارquot;. وتضمن مقال كاسترو هجوما على الولايات المتحدة التي تحاصر بلاده اقتصاديا منذ خمسة عقود.

الإجراءات

وسيختار 614 عضوا في الجمعية الوطنية التي انتخبت في 20 كانون الثاني/يناير الماضي، الرئيس الجديد الذي سيكون على الارجح راوول كاسترو (76 عاما) الشقيق الاصغر لفيدل المرشح.وقد تولى راوول منصب رئيس مجلس الدولة بالنيابة عن شقيقه منذ 31 تموز/يوليو 2006 وهو الرجل الثاني في النظام ويشغل منصب وزير الدفاع منذ العام 1959.وكارلوس لاخي (56 عاما) احد النواب الخمسة لرئيس مجلس الدولة مرشح ممكن ايضا في حال قرر فيدل وراوول كاسترو اعطاء نفحة شبابية للقيادة الكوبية.ودعيت الجمعية الوطنية للانعقاد الاحد عند الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي (15:00 تغ).

وتضم هذه الجمعية غالبية من الحزب الشيوعي (الوحيد في البلاد) ويتراسها ريكاردو الاركون. وهي تعقد جلسات مغلقة عادة.وبعد كلمة افتتاحية قصيرة يسمح للصحافيين بحضورها، ستقوم الجمعية الوطنية باختيار 31 عضوا في مجلس الدولة الهيئة التنفيذية، ورئيسا للمجلس يصبح رئيسا للدولة.واعد فيدل وراوول كاسترو اجراءات اختيار قادة الدولة بعناية بما لا يمكن اي شخص غير مرغوب فيه ان يتقدم بترشيح نفسه.والحزب الشيوعي رسميا هو quot;القوة القائدة العليا للدولة والمجتمعquot;.وما زال فيدل كاسترو امينا عاما للحزب ويليه في الهيكل القيادي للحزب راوول.وانشئ مجلس الدولة عام 1976 ويضم ايضا نائبا اول للرئيس المنصب الذي يتولاه حاليا راوول وخمسة نواب اخرين للرئيس.ويقضي الدستور بان يحل النائب الاول للرئيس محله في حال quot;غيابه او مرضه او وفاتهquot; من دون حد اقصى للمدة التي يمكن ان ينوب فيها عنه.

ومازال 27 من اعضاء مجلس الدولة ال31 الذين تم تعيينهم في الدورة التشريعية السابقة في العام 2003 في مناصبهم اذ توفي الاخرون او اقيلوا.ومن بين اعضاء مجلس الدولة 11 من اعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي.ومنذ انشاء مجلس الدولة قبل 32 عاما، لم ير الكوبيون اعضاءه الا مرة واحدة عندما طلب منهم فيدل كاسترو التصويت فردا فردا برفع الايدي وامام عدسات التلفزيون على عقوبة الاعدام التي صدرت بحق الجنرال ارنالدو اوشوا بطل الجيش الكوبي الذي اتهم بتهريب مخدارت وتم تنفيذ الحكم فيه رميا بالرصاص في 1989.

راوول كاسترو وريث فيدل بعدما عاش نصف قرن في ظله

وراوول كاسترو (76 عاما) الذي يرجح انتخابه رئيسا لكوبا بعد تخلي اخيه الاكبر الزعيم الكوبي فيدل كاسترو الثلاثاء عن السلطة، نجح في خلال 19 شهرا من توليه السلطة بالانابة في تغيير صورته كعسكري صارم الى اصلاحي حكيم.ويشغل راوول كاسترو منصب وزير الدفاع منذ قرابة نصف قرن وهو يقود بقبضة من حديد مؤسسة الجيش الكوبي الذي يعتبر دعامة نظام شارك في جميع معاركه وتقلباته.وخلال تسعة عشر شهرا تولى خلالها السلطة بالانابة منذ مرض شقيقه في تموز/يوليو 2006، ابدى راوول ميله الى التغيير العملي quot;في اطار الاستمراريةquot; الاشتراكية.وحث الكوبيين في خطاب القاه في 26 تموز/يوليو 2007 على الخوض في مشاكلهم quot;بصدق وشجاعةquot; الامر الذي قام به الملايين اثر ذلك في مواقع العمل والاحياء.واكد راوول كاسترو انه لن يتحقق شىء quot;خارق للعادةquot; وان التغيرات ستحصل quot;رويدا رويداquot; لانه يتعين ان يتوصل الكوبيون الى quot;توافقquot; على حد قوله.

لكن النظام quot;ينبغي ان يكون اكثر ديموقراطيةquot; كما قال في كانون الاول/ديسمبر، وحتى اذا بقي الحزب الشيوعي الحزب الوحيد فيتوجب ان يكون quot;ديموقراطيا الى ابعد الحدودquot;.وظل راوول كاسترو طويلا رجل الظل خلافا لاخيه الاكبر المعروف بحضوره القوي. وجمع منذ نصف قرن منصبي نائب اول لرئيس مجلس الدولة (السلطة التنفيذية) ليلقب quot;الرجل الثانيquot; والسكرتير الثاني للحزب الشيوعي الكوبي.وقال عنه فيدل كاسترو في 2001 quot;انه بلا شك الرفيق الذي يملك اكبر سلطة بعدي والخبرة الافضل. وهو يملك كل المواصفات لخلافتيquot;.

والفوارق التي تميزه عن اخيه فيدل كاسترو لا تقتصر فحسب على قصر قامته وشاربيه الرفيعين، بل هو ايضا لا يجيد فن الخطابة ويبتعد عن الاضواء كما انه يفتقر للجاذبية عكس شقيقه الطويل القامة والجذاب الذي يتمتع بقدرة مشهود له بها على القاء الخطابات الماراتونية.لكنه يعرف كيف يكون وجيزا وواضحا، وهو في الواقع تغيير في الاسلوب يستسيغه الكوبيون.اما العلاقة بين الشقيقين فكانت وثيقة على الدوام منذ ان اخذ فيدل الشقيق البكر تحت جناحه quot;الابن الاصغر والاخيرquot; في عائلة كاسترو الذي ولد في الثالث من حزيران/يونيو 1931 في بيران (جنوب) وتابع بعد الحصول على موافقة الاهل الدراسات نفسها في افضل كليات اليسوعيين في البلاد.

وفي ظل قيادته قام الجيش الكوبي بدور كبير في السنوات الاخيرة في القطاعات الاساسية للاقتصاد لاسيما في السياحة.وراوول كاسترو معروف برغبته في الاستلهام من التجربتين الصينية والفيتنامية اللتين بدا اهتمامه بهما عن كثب من خلال زياراته المتكررة الى quot;الحزبين الشقيقينquot; في بكين وهانوي.ومع واشنطن احتفظ بعلاقات المواجهة على غرار شقيقه مع اعطاء بعض اشارات انفتاح غير متوقعة مثل الرغبة التي عبر عنها في 2001 وكررها اثناء عرض عسكري في الثاني من كانون الاول/ديسمبر في هافانا في تطبيع العلاقات مع العدو اللدود.وفي وقت مبكر رفض المسيحية التي تعتنقها العائلة وآثر عليها الماركسية. فراوول كاسترو شيوعي منذ كان في سن الثانية والعشرين وهو واحد من الاعضاء القلائل في الحزب الشيوعي الكوبي الذي شارك في الهجوم على ثكنة مونكادا في 26 تموز/يوليو 1953 التي بدأت بها مسيرة كاسترو.

وبعد تسلم الحكم في كانون الثاني/يناير 1959، لم يكف عن ادراج الثورة الكوبية في خط الايديولوجية السوفياتية وجهزها بجيش واستخبارات على مستوى طموحات شقيقه الدولية.وراوول كاسترو هو ايضا quot;مدع عامquot; يخشى بأسه. فهو الذي طلب العقوبة القصوى اثناء محاكمة الجنرال ارنالدو اوشوا quot;بطلquot; حرب انغولا الذي اعدم رميا بالرصاص في 1989 بتهمة تهريب المخدرات.لكن في المجالس الخاصة يطغى عليه حسا عائليا محدودا لدى شقيقه بحسب المقربين منه، كما انه يميل للدعابة.

وزوجته فيلما اسبين quot;السيدة الاولى الحقيقيةquot; في البلاد توفيت في حزيران/يونيو من العام الماضي. وهو اب لاربعة اولاد وجد لثمانية احفاد.

كارلوس لاخي منافس quot;شابquot; لخلافة كاسترو

أما كارلوس لاخي (56 عاما) المنافس الذي لا يتمتع بفرص كبيرة لخلافة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو الذي اعلن الثلاثاء تخليه عن الرئاسة، يمثل جيلا جديدا من القادة يمكنه تغيير النظام.ومع ان راوول كاسترو شقيق فيدل ورث عن اخيه منصب الرئيس بالنيابة اثر مرض فيدل في تموز/يوليو 2006، هو المرشح الافر حظا لخلافة شقيقه فان لاخي الطبيب المعروف بطباعه الهادئة اكثر من خطبه الطنانة، يبدو مرشحا يحظى بمصداقية.ويرى العديد من الخبراء الاجانب او الكوبيون ودبلوماسيون ان لاخي هو quot;الرئيس العمليquot; للحكومة واحد القادة الكوبيين الاكثر ظهورا ويمكنه ان يحدث المفاجأة في اجتماع البرلمان الاحد لتعيين رئيس جديد.

وهو احد نواب رئيس مجلس الدولة الخمسة ويعادل منصبه الحالي سكرتير اللجنة التنفيذية لمجلس الوزراء، منصب رئيس الوزراء.ولاخي الذي رأس لفترة طويلة تنظيمات الشباب الشيوعي طبيب اطفال ومجاز في العلوم الاجتماعية. وكان قام بمهام طبية في اثيوبيا قبل ان ينضم الى الدوائر العليا للقرار في نظام كاسترو ما اوصله الى الحكومة.

وهو نائب في البرلمان منذ 1976 وعضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ومكتبها السياسي. وكان وراء اصلاحات اقتصادية خجولة اطلقت خلال اسوأ ازمة مرت بها كوبا في 1993 و1994 اثر انهيار الاتحاد السوفياتي.واثناء فترة نقاهة فيدل كاسترو المستمرة منذ اكثر من عام ونصف العام، تحول لاخي الذي يحظى باحترام كبير في الاوساط الرسمية رغم قلة جاذبيته، الى احد ابرز مبعوثي النظام الى الخارج.

ومع ذلك فان هذا الرجل المتواضع الذي لا يملك قدرات خطابية استثنائية، ويوصف بانه حازم ودقيق، يسعى للارتقاء دون لفت الانتباه. ولم يكن من النادر مشاهدته يصل الى قصر الثورة على دراجة هوائية استبدلها في السنوات الاخيرة بسيارة لادا روسية الصنع.اما والدته الكاتبة والصحافية اريس دافيا التي توفيت في كانون الثاني/يناير الماضي عن 89 عاما فقد كانت من ابرز شخصيات الاذاعة والتلفزيون الكوبيين.

غير ان باقي افراد اسرته اختاروا الطب على غرار والده وشقيقيه واحدهما يشغل منصب مدير مركز علم المناعة الجزيئية.وكارلوس لاخي متزوج من خبيرة اقتصاد واب لثلاثة اولاد.وكان احد ابنائه رئيسا للاتحاد الطلابي الجامعي بينما يتولى الثاني ادارة جامعة العلوم المعلوماتية.اما ابنته فقد كرست نفسها لرقص الباليه.

ماكين: أتمنى موت كاسترو قريبا

الى ذلك قال المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية جون ماكين، إنه لا يتوقع إصلاحات رئيسية في كوبا وحتى وفاة كاسترو، وتمنى أن لا يستغرق الأمر طويلاً. وعقب ساخراً خلال توقفه في إنديانا: quot;أتمنى أن تتاح له (كاسترو) فرصة الالتقاء بكارل ماركس في القريب العاجل.quot; وجاءت تعليقات ماكين في أعقاب جدل بين مرشحي الحزب الديمقراطي السيناتور باراك أوباما والسيناتور هيلاري كلينتون حول أفضل السُبل لدفع رياح التغيير نحو كوبا.

كما تأتي رداً على سخرية الزعيم الكوبي المخضرم من الانتخابات الممهدة للسباق الرئاسي الأمريكي ومن المرشحين المتنافسين، وقال إنهم عملوا جاهدين كي لا يثيروا غضب أي ناخب من خلال إصرارهم جميعاً على انتقاد كوبا، كما انتقد تعبير quot;التغييرquot; المتداول بكثرة في الحملات الأمريكية، مقراً بالحاجة إلى ذلك في واشنطن وليس في بلاده.