اعتدال سلامه من برلين: الحكم الذي صدر صباح اليوم عن قضاة المحكمة الدستورية العليا في كارلسروه لم يكن لصالح الحكومة الاتحادية لكن في نفس الوقت لم يرض المتقدمين بالدعوى وهم مجموعة من الحقوقيين والمثقفين والصحفيين والمحامين. والامر يتعلق هنا بقانون اصدرته حكومة الائتلاف المشكلة من الاتحاد الوطني ( الحزبيين المسيحيين الديمقراطي والبافاري ) والحزب الاشتراكي الديمقراطي ويدعو الى التنصت على كل وسائل الاتصالات وتخزين بيانات وذلك ضمن سياستها لمكافحة الارهاب.

فحسب قرار المحكمة يعتبر التنصت على حركة الكمبيوتر والهواتف قانونيا ومدعوما من الدستور فقط عند تتوفر اثبات او معلومات مدعومة باثباتات بوجود خطر محدد وواضح يهدد بخرق قانون اساسي ومهم او بوجود تهديد حقيقي للدولة او لمؤسساتها او تهديد لكيان الانسان، لكن في هذه الحالة من ضرورة اصدار تعليمات او قرار رسمي للقيام بعملية التنصت.
وبهذا يمكن القول ان المحكمة سمحت بالتنصت لكن ضمن ظروف محددة وبناء على شروط مشددة. الا ان قرارها لم يوفر الحماية الكاملة للمواطن العادي الذي يخشى دخول اجهزة التنصت الى هاتفه او اي وسيلة اتصال لديه من دون علمه وتخزين ما تريده بواسطة برامج للتجسس اسمه حصان طروادة بحجة وجود شكوك تحوم حوله يجب التأكد من صحتها، خاصة بعد تصريح رئيس القضاة هانس يورغن بابير بان ما صدراليوم ليس قانونا له حدود معينة. فيما اكد المشروعون بان المحكمة وفرت بقرار اليوم اساسا قانونيا لحماية الثقة بنظام المعلوماتية.

وكانت صحفية الالمانية وعضوة في حزب اليسار مع مجموعة من المثقفين ووزير الداخلية السابق الليبرالي غرهات باوم تقدموا في ولاية وستفاليا شمال الراين بدعوة قضائية تتهم السلطات الامنية بخرق الحرمات الشخصية عبر قانون التنصت الذي صدر ودخل حيز التنفيذ قبل فترة وجيزة.

ولقراراليوم اهمية كبيرة لحكومة الائتلاف التي تجتمع اليوم في بون فهي تحضر حاليا لخطة تنصت واسعة على حركة اجهزة الكمبيوتر لمكافحة الارهاب واكد وزير الداخلية الاتحادي فولفاغنغ شوبليه على اهميتها والتمسك بها لانها اهم وسيلة لحماية المانيا من التنظيمات الارهابية.

وتعليقا على الحكم الصادر قال سياسيون من الحزبين المسيحي الديمقراطي والاشتراكي بانه لم يتماش كليا مع توقعاتهم فيما قال اخرون بانهم لم يتوقعوا منها الرفض التام للقانون بل ارفاق تنفيذه بقواعد صارمة.

وكان احد الحقوقين البرلينيين قد اشار في تقرير له الى ان العديد من الالمان يخشون حاليا قانون التنصيت لذا خفضوا منذ مطلع هذا العام عدد مكالماتهم الهاتفية او غيروا وسائل الاتصال.
واستند في تقريره ايضا على استقراء للرأي اجرته مؤسسة برلينية مختصة، حيث قال حوالي 90 في المائة انه يعتقد بامكانية مراقبة دوائر المخابرات الالمانية في كل وقت والدخول الى اجهزة الكمبيوتر والاطلاع على ما خزنه فيها من بيانات ومعلومات، وهذا ينطبق ايضا على مضمون المكالمات ان بواسطة الهواتف النقالة اوالثابتة والبريد الالكتروني.

لكن قد يكون هذا التنصت المدعوم بقانون صادر عن اعلى سلطة تنفيذية في المانيا له فائدة ويعيد الناس الى الاتصال فيما بينهم عبر الزيارات واللقاءات التي اصبحت شبه معدومة وحل محلها الاتصال عبر الالات مما قلل من المشاعر بينهم .