التوافق العراقية : الحكومة غير مؤهلة لقيادة مشروع المصالحة

مؤتمر إسطنبول يرفض تكميم أفواه الصحافيين

نشارك في المصالحة والعملية السياسية بفصلنا عن بعث صدام

أسامة مهدي من لندن : أكد الرئيس العراقي جلال طالباني انه رغم الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية من الحرب التي اسقطت النظام السابق الا ان العراق ما زال يواجه عقبات كثيرة في مقدمتها الإرهاب والعنف والانتشار غير الرسمي للسلاح فيما غدا الفساد آفة خطرة تعيق إرساء أسس دولة القانون والنهوض بالاقتصاد، في وقت اختتم مؤتمر المصالحة العراقية الثاني اعماله في بغداد بالتأكيد على وحدة العراق ارضا وشعبا .

وقال الرئيس طالباني في كلمة الى الشعب العراقي وارسلت الرئاسة العراقية نسخة منها الى quot;إيلافquot; لمناسبة مرور خمس سنوات على بدء العمليات العسكرية التي أسفرت عن سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين الذي حكم العراق 35 عاما quot;قبل خمس سنوات بدأت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية عمليات عسكرية تكللت بإسقاط أبشع نظام دكتاتوري حكم العراق عقوداً سوداء تعرض خلالها شعبنا بجميع قومياته وأديانه وطوائفه وشرائحه الاجتماعية، من أقصى جنوب العراق حتى أقصى ذرى كردستان، ومن شرق العراق إلى غربه، إلى جور ومظالم لم يسبق لها مثيل في تاريخه. فقد غصت السجون بالأبرياء وكانت أقبية وسراديب الأجهزة الصدامية مسارح لجرائم تعذيب دموية، وقد عطلت بالكامل الحريات السياسية والإعلامية والنقابية وأصبحت كل مفاصل الدولة مسخرة لخدمة الدكتاتور وطغمته. وبدد النظام الجائر ثروات العراق وكبله لسنين طويلة بقروض ومديونية هائلة ترتبت على النهب المتواصل لثروات البلد وسوء إدارة الاقتصاد إلى جانب الحروب العبثية الجائرة التي خاضها الدكتاتور ضد شعب العراق أولا ثم ضد إيران وأخيرا في غزو الشقيقة الكويتquot;.

واضاف quot;لقد انتهك النظام القمعي كل القيم والأعراف الإنسانية فاستخدم الأسلحة الكيماوية ضد الأطفال والنساء والشيوخ في حلبجة ونظم حملات الأنفال الوحشية وامتلأت المقابر الجماعية برفات مئات الآلاف من أبناء شعبنا في سائر أنحاء العراقquot;. وقال quot;حكم الدكتاتور على شعبنا بالتخلف الحضاري، ففي القرن الحادي والعشرين لم يكن مسموحاً للعراقيين بالاستخدام الحر لشبكة الانترنت، أو الهاتف الجوال أو نصب أجهزة الاستقبال التلفزيوني، ناهيك عن منع النظام للمطبوعات العربية والأجنبية بما فيها العلميةquot;.

واشار الرئيس العراقي الى انه quot;كان تحرير العراق على أيدي قوات التحالف إيذانا ببداية عهد جديد، عهد الحريات والأمل، والحقوق الديمقراطية للشعب بما فيها حق الاقتراع. فقد انتخب المواطنون الأحرار جمعية وطنية قامت بوضع دستور دائم حظي بموافقة الشعب في استفتاء عام، وأعقبته انتخابات برلمانية جرت كالاقتراعين السابقين، في جو من الحرية والشفافية وأسفرت عن قيام مجلس نيابي انبثقت منه رئاسة الجمهورية وحكومة تمثل إرادة الناخبين. ولذا فان شعبنا مارس لأول مرة منذ عقود حقه في اختيار حكامه، وأطلقت حريات العمل السياسي والحزبي والنقابي، وشرعت الأبواب أمام الإعلام الحر فصدرت مئات المطبوعات وتأسست عشرات القنوات التلفزيونية والإذاعية، ما أنهى عهد الرأي الواحد المفروض قسراً. وبدأ المشرعون في وضع اللوائح التي ترسي أسس دولة المؤسسات والقانون، والشروع في ترشيد استخدام ثروات الوطن الهائلة وتسخيرها لخدمة الشعبquot;.

لكن الرئيس طالباني اقر بأن quot;المسيرة التي بدأت قبل خمس سنوات تواجه عقبات كثيرة في مقدمتها الإرهاب والعنف، ومظاهر الانتشار غير الرسمي للسلاح، كما إن الفساد غدا بدوره آفة خطرة تعيق إرساء أسس دولة القانون والنهوض بالاقتصادquot;. واوضح ان quot;رئاسة الجمهورية والقيادات السياسية عامة تبذل جهوداً حثيثة من اجل معالجة كل هذه الظواهر وإزالة كل ما يعيق تحرك بلادنا نحو الاستقرار والرفعةquot;.
وشدد بالقول quot;نحن على ثقة من أن المسيرة التي بدأت قبل خمس سنوات لن تكتمل إلا بقيام حكومة وحدة وطنية حقيقية تمثل جميع مكونات المجتمع العراقي وبانجاز مقومات السيادة الوطنية وتحقيق المصالحة الفعلية بين أبناء شعبنا، وطيّ الصفحات البغيضة من الماضي والمضي قدماً في بناء العراق المتآخي الموحد، العراق الديمقراطي التعددي الفيدرالي، الذي تظل شمس الحرية مشرقة في ربوعهquot;.

مؤتمر المصالحة العراقية الثاني يختتم اعماله

اختتم اعماله في بغداد اليوم مؤتمر المصالحة الوطنية العراقية الذي افتتحه في بغداد أمس رئيس الوزراء نوري المالكي بمشاركة 500 شخصية تمثل عدة قوى سياسية عراقية.

وسعى المؤتمر الذي قاطعته كتل سياسية في مجلس النواب إلى مناقشة ملفات ثلاثة أهمها الاندماج السياسي بعد خمس سنوات من اجتياح العراق ومحاولة حل خلافات حول قضايا مهمة منها التشريعات والقوانين الحاسمة بشأن الثروة النفطية والنظام الإداري للأقاليم اضافة الى قضية وجود القوات الاجنبية داخل البلاد واعادة النظر في بعض فقرات الدستور العراقي.

وقد اصدر المؤتمر بيانا قصيرا اشار فيه الى ان قوى منخرطة في العملية السياسية من داخل مجلس النواب واخرى من خارج العملية من داخل العراق وخارجه قد شاركت في اعمال المؤتمر اضافة الى قيادات مسلحة متمردة سابقة ومسؤولين في مجالس الصحوات والاسناد المسلحة . وقال ان المشاركين بحثوا من خلال اربع ورش عمل عدة قضايا وطنية تستهدف تعزيز العملية السياسية واعادة بناء العراق الجديد . وهذه الورش هي : ورشة القوى الميدانية حول الدور الامني والسياسي .. وورشة دور القوى الوطنية في السلطة واستكمال السيادة والاعمار .. وورشة الخطاب السياسي الوطني العراقي .. ثم ورشة سيادة القانون .

واكد المؤتمرون تمسكهم بالثوابت الوطنية ووحدة العراق ارضا وشعبا وأدانوا الارهاب والتهجير وونهج التكفير والتخوين التي مارسها اعداء العراق ضد العراقيين . واوضح البيان الختامي ان انسحاب بعض القوى السياسية من المؤتمر في اشارة الى جبهة التوافق السنية والتيار الصدري الشيعي لم يؤثرفي اعمال المؤتمر او على ايمان المنسحبين بضرورة تحقيق المصالحة الوطنية وتفعيل انجازها. وقال ان توصيات المؤتمر والتي يتم الاعلان عن نصها سترفع الى مجلس النواب والوزراء من اجل متابعة تطبيقها وإنجازها لتحقيق مشروع المصالحة .
ومن جهته اشار عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر فاروق عبد الله الى ان التوصيات اكدت ضرورة توحيد الخطاب السياسي باتجاه الابتعاد عن الطروحات الطائفية والعرقية والمصالح السياسية الضيقة ووضع مصلحة العراق الوطنية اولا وفوق جميع الطروحات الضيقة .

وكان المالكي اعلن لدى افتتاحه المؤتمر امس ان حكومته ضمت 35 الف مسلح انشقوا عن تنظيم القاعدة الى القوات المسلحة العراقية و98 الف عسكري سابق الى الجيش الجديد ودعا دول الجوار الى عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية ومساعدته على تحقيق المصالحة رافضا الحوار مع البعثيين . وقال ان هذا المؤتمر ينعقد في اجواء كسب المعركة ضد الارهاب وتحقيق الاستقرار والامن والازدهار مشيرا الى ان المصالحة تعد حدا فاصلا بين اصدقاء العراق واعدائه وبين المصالح الفئوية والحزبية الضيقة ومصالح الشعب العامة . واكد ان المصالحة هي رؤية الحكومة الاستراتيجية المتكاملة لتحقيق الامن والاعمار والبناء وطي صفحة الماضي وليس تقاسما للسلطة والنفوذ . واشار الى ان مؤتمرات المصالحة اصبحت تقليدا سياسيا عراقيا بامتياز من اجل تعميق الحوار البناء وخاصة ان المؤتمرين الان يمثلون المنخرطين في العملية السياسية ومعارضيها ايضا .

وشدد المالكي على رفض الحوار مع البعثيين وقال ان الدستور يحظر التعامل معهم مشيرا الى انهم مازالوا يحملون افكارا تقف ضد العراقيين وينفذون اعمالا ارهابية ويؤمنون بالانقلابات وسيلة للسيطرة على السلطة . وقال انه لايمكن للحكومة الدخول بمفاوضات او حوار مع البعثيين لان الدستور يحظر ذلك وان اي حوار من هذا القبيل سيؤدي الى مساءلة الحكومة من قبل مجلس النواب بتهمة خرقها للقانون .
وشدد على ان اكبر انجاز تحقق في العراق هو ابعاده عن الانزلاق في حرب طائفية مدمرة خطط لها انصار النظام السابق والارهابيون من التكفيريين وعودة الكثير من اللاجئين الى العراق ووقف نزوح العائلات . واكد ان حكومته تسعى إلى إنهاء التخندق الطائفي والفئوي والعرقي وتشجيع لغة الحوار والمصالحة . وقال ان طريق انجاز المصالحة ما زال طويلا ومريرا ومحفوفا بالمخاطر لكنه اكد ان الاصرار عليها والتمسك بها كفيل بتحقيق اهدافها الكاملة . واشار باسف الى وقوف بعض القوى والشخصيات السياسية ضد العملية السياسية والاستقواء بالخارج بهدف إفشال المصالحة .

واطلق المالكي مبادرة المصالحة الوطنية في حزيران (يونيو)عام 2006 وكان المؤتمر الأول للحوار الوطني بين القوى السياسية عقد في السابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) من العام نفسه بمشاركة شخصيات من داخل العملية السياسية وخارجها ولكن بشكل ضئيل وتمخض عن تشكيل أربع لجان متابعة هي لجنة الموازنة السياسية وتوسيع المشاركة ولجنة النظر في موضوع الفيدرالية ولجنة آليات تعديل الدستور فضلا عن لجنة الكيانات المنحلة.

وكانت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثاني للقوى السياسية اصدرت بعد ثمانية اجتماعات لها تقريرا في العاشر من الشهر الحالي قررت فيه اسم المؤتمر وشعاره واكدت ضرورة انعقاده في بغداد quot; لتبقى بغداد تحتضن كل القوى الوطنية السياسية العراقية رغم التحديات.quot;

وقد اكد ممثل حزب البعث قطر العراق القريب من سوريا ان الحزب مستعد للمساهمة في العملية السياسية والمشاركة في مؤتمرات المصالحة العراقية اذا تم تعديل الدستور الحالي بالشكل الذي يفصله عن حزب البعث الذي كان يقوده الرئيس السابق صدام حسين وجرائمه التي ارتكبها ضد العراقيين وقال انه ليس من الانصاف مساواة تنظيم قطر العراق الذي عمل مع فصائل المعارضة السابقة والحاكمة حاليا مع الحزب المحظور كما هو منصوص عليه في هذا الدستور ووصفه بالفاشي .

وقال ممثل حزب البعث قطر العراق محمود الشيخ راضي في تصريح لـquot;إيلافquot; عن اسباب رفض المشاركة في مؤتمر المصالحة ان الدعوات التي وجهت لحضوره وصلت الى عدد من ممثلي الحزب بصفتهم الشخصية ولم توجه الى الحزب كتنظيم سياسي كما كان الاتفاق عليه مع منظمي المؤتمر . وقال انه تم ابلاغ وزير الدولة العراقي لشؤون الحوار الوطني اكرم الحكيم ان التنظيم مستعد للمشاركة في العملية السياسية وحضور مؤتمرات المصالحة الوطنية في حال تعديل الدستور الذي نص على ان حزب البعث فاشي . واضاف ان الحكيم قال انه مقتنع بضرورة التفريق بين بعث تنظيم العراق وبعث صدام لكن هناك ضغوطا سياسية كبيرة تمنع ذلك دستوريا حاليا .

واشار ممثل حزب البعث المقرب من بعث سوريا والذي يعرف في العراق بquot;البعث اليسارquot; الى ان هذا التنظيم ناضل ضد سلطة البعث السابقة في العراق وضد الرئيس السابق صدام حسين ضمن فصائل المعارضة العراقية السابقة وقدم الكثير من quot;الشهداءquot; الذين غيبهم النظام السابق . وقال ان الحزب شارك في مؤتمرات المعارضة السابقة من اجل إسقاط النظام السابق والوقوف بوجه جرائمه ضد العراقيين وان كان مختلفا معها حول خيار التدخل الخارجي لإسقاط النظام .

وقال راضي انه بحث الامر مع الرئيس طالباني الذي ايد الامر لكنه كان لرئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني تحفظات حول تعديل الدستور بهذا الاتجاه فتم الاقتراح بان يجري تفسير للمادة الدستورية من قبل مجلس النواب العراقي والنص على فصل بعث تنظيم العراق عن حزب البعث الذي حكم العراق 35 عاما . وشدد راضي على ان التنظيم يرغب في المساهمة بوقف سريان الدم العراقي والمشاركة في العملية السياسية والعمل من اجل تحقيق المصالحة الوطنية بين جميع القوى السياسية العراقية والدخول في الانتخابات العامة .

ويعتبر الدستور العراقي الجديد حزب البعث فاشيًا ومن المحظور عليه القيام بأي نشاط تحت أي مسمىً كان ولا يجوز ان يكون له دور ضمن التعددية السياسية في العراق .

وشهد مؤتمر المعارضة الحالي مقاطعة قوى سياسية حيث قالت جبهة التوافق العراقية السنية انها لم تحضر اعمال المؤتمر لان الحكومة الحالية غير مؤهلة لقيادة مشروعها ولان الظروف غير مهيأة شكلا ومضمونا لنجاحه واكدت ان المصالحة لاتحتاج الى احتفالات وانما الى افعال .. فيما أعلنت الكتلة الصدرية انسحابها من المؤتمر مؤكدة انها مع المصالحة الوطنية وليس مع مؤتمر صوري لايقدم حلولا جذرية .

وخلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد قياديون في جبهة التوافق قال الدكتور عبد الكريم السامرائي عضو مجلس النواب إن الجبهة تعتقد أن الظروف الحالية غير مهيأة لا شكلا ولا مضمونا لإنجاح مثل هذه المؤتمرات وبالتالي فان أعضاءها فضلوا عدم الحضور والامتناع عن المشاركة في المؤتمر. واشار الى أن جبهة التوافق إذ تؤكد موقفها وإيمانها الراسخ على المصالحة الوطنية كونها حجر الزاوية ومفتاح النجاح في العراق فإنها ترى ان المصالحة الحقيقية لا تحتاج إلى مظاهر احتفالية لا مغزى لها بقدر ما تحتاج إلى إرادة حقيقية وتصميم عال وأفعال لا أقوال.

ومن جهتها أعلنت الكتلة الصدرية في مجلس النواب انسحابها من مؤتمر المصالحة مؤكدة ان حضورها جلسة افتتاح المؤتمر وانسحابها بعدها استهدف التأكيد على quot;اننا مع المصالحة الوطنية ولكن ليس مع مؤتمر صوري لايقدم حلولا جذرية.quot;

وأكدت الكتلة في مؤتمر صحافي انها دخلت مؤتمر المصالحة الوطنية لأجل المشاركة ودعم هذا المشروع وخرجت منه لان اجراءاته صورية واهدافه نظرية بعيدة عن التطبيق العملي . وقالت ان المؤتمر وضع احد ثوابته في ما يخص جدولة انسحاب القوات الاميركية اسفل سلم اهتمامه من بين الثوابت العشرة التي حددها.

وكان وزير الدولة للحوار الوطني اكد لدى افتتاح المؤتمر أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر قد وزعت الدعوات الرسمية إلى جميع الكتل البرلمانية في وقت مبكر.

وأضاف أكرم الحكيم في مؤتمر صحافي أن quot;اللجنة التحضيرية للمؤتمر ووزارة الحوار الوطني وزعت في وقت مبكر دعوات رسمية ورسائل مباشرة إلى كافة الكتل البرلمانية معربا عن استغرابه من اعلان جبهة التوافق عدم استلامها دعوة رسمية لحضور المؤتمر الثاني للقوى السياسية.

ومن جهته قال الدكتور علي الدباغ الناطق باسم الحكومة العراقية إن الحكومة تأسف لعدم مشاركة أطراف سياسية ممثلة بمجلس النواب في أعمال مؤتمر المصالحة وللسلبية التي تنطلق منها تلك الأطراف في النظرة الى العملية السياسية . وقال ان هدف المؤتمر مراجعة وتقويم ما تم إنجازه وما سيتم فعله في المستقبل القريب بما يضمن إرساء المصالحة السياسية بعد تحقيق خطوات مهمة على طريق تحقيق المصالحة الوطنية.