بروكسل : تتعرض الحكومة البلجيكية الجديدة، التي أدت اليمين الدستورية أمس الخميس أمام الملك ألبير الثاني، وبدأت مهماتها اليوم برئاسة إيف لوترم الليبرالي الديمقراطي، إلى انتقادات واسعة من قبل وسائل الإعلام المحلية التي لا ترى فيها إلا حلاً مؤقتاً quot;بات إجبارياًquot; لإنهاء أزمة حكومية استمرت لتسعة أشهر ماضية .

واعتبرت صحيفة لوسوار في تعليقها اليوم على الكلمة التي ألقاها لوترم أمس أمام البرلمان ومجلس الشيوخ لنيل الثقة على حكومته، أنها quot;ليست لا برنامجاً حكومياً، ولا مخططاً ولا حتى خارطة طريق، بل هي تصريح يحمل نوايا طيبةquot;.ورأى كاتب المقال أن هذه الحكومة سوف تتعرض لأخطار قادمة قد quot;تجعل عمرها قصيراً جداًquot;، لأن الأطراف المختلفة التي كونتها أجلت البحث في الملفات الشائكة كالإصلاح المؤسساتي وتقاسم السلطات والموازنة العامة على أهميتها، إلى أوقات لاحقة.ولاحظت الصحيفة أن الاتفاقات التي تم التوصل إليها من أجل رفع القدرة الشرائية داخل البلاد والإصلاح الضريبي وإدارة ملف الهجرة واللجوء، لا تكفي لتجعل واقعاً قابلاً للحياة.

وتعيب بعض الأطراف على هذه الحكومة غياب quot;التقاسم العادلquot; للمناصب بين الفرانكوفونيين، سكان المناطق الجنوبية للبلاد والناطقين بالفرنسية، والفلامانيين، شمالي البلاد ويشكلون 60 في المائة من عدد السكان ويتكلمون الهولندية، الأمر الذي سيعقد الأمور في المستقبل القريب، قبل حلول منتصف تموز/يوليو وهو الموعد الذي حدده رئيس الحكومة إيف لوترم للتقدم بمشروع قانون جديد حول الإصلاح المؤسساتي، quot;الذي ينتظره ويستفيد منه كافة المواطنين على اختلاف انتماءاتهم العرقيةquot;.

وبعيداً عن الأوساط الصحيفة، توجه المنظمات الأهلية المعنية بشؤون اللجوء والهجرة، انتقادات واسعة، هي الأخرى لحكومة إيف لوترم الجديدة، وذلك بسبب اتفاقها على سياسة هجرة quot;غير عادلة وبعيدة عن الواقعquot;.وترى هذه المنظمات والجمعيات على رأسها (التجمع من أجل المهاجرين غير الشرعيين)، أن القيود التي تنوي الحكومة فرضها على إجراءات الحصول على الجنسية البلجيكية وتقييد عمليات التجمع العائلي، لن تصب في مصلحة المجتمع البلجيكي.كما انتقدت الجمعيات نية الحكومة إجراء امتحان quot;للتحقق من قدرة المهاجر على الاندماج في المجتمعquot;، مؤكدة أن مثل هذه الامتحانات المعمول بها منذ زمن في دول عدة مجاورة أثبتت عدم فاعليتها.

ويذكر أن الحكومة البلجيكية الحالية تعتبر تشكيلة خارجة عن المألوف، إذ ضمت بالإضافة إلى الأطراف التي حصدت نتائج انتخابات العاشر من حزيران/يونيو الماضي، من إصلاحيين وديمقراطيين وليبراليين، الأطراف التي وجدت نفسها في صفوف المعارضة كالحزب الاشتراكي.

هذا، ولا يبدي المراقبون تفاؤلاً حقيقياً في قدرة هذه الحكومة على إنهاء الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ حزيران/يونيو الماضي، إذ أن تشكيلها جاء، كما يقدرون، محاولة لفرض أمر واقع أكثر منه لحل مشاكل مزمنة لا تزال قائمة في البلاد.