مغزى قيام بابا الفاتيكان بتعميد صحافي مصري

علام: من إيديولوجية الموت إلى ثقافة الحياة.. قصتي

محمد حميدة : ربما لم تحتفل وسائل الأعلام الإيطالية والدوائر الدينية في روما بحدث واحد او قضية واحدة مثلما اتفقت على اعتبار تحول الصحافي المسلم - الإيطالي الجنسية المصري المولد- الى الكاثوليكية بأنه حدث جلل. ورغم انه ليس إلا مجرد حادث لشخص ارتد عن دينه، مثل اي شخص اخر يترك دينه من اجل اعتناق الاسلام، الا ان الاهتمام بتحوله كان لافتا حتى ان البابا بنديكيت السادس عشر هو الذي قام بتعميده بنفسه وهذا لا يحدث الا نادرا ومع حالات استثنائية. تعميد مجدي علام اخذ اكثر من حجمه ولكن هذا كان متوقعا مع شخص وهب نفسه وولاءه الأول والأخير لإسرائيل وتخصص في الهجوم على الدين الإسلامي بمناسبة وبدون مناسبة بدعوى محاربة التطرف تارة أو من اجل التسامح تارة اخرى اولاجل مصطلح آخر من المصطلحات التي يتغنى بها الحاقدين على الدين الإسلامي والذين يزعجهم نموه برغم الحملات الشرسة التي يتعرض لها والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

ولاقت وقائع التعميد اهتماما إعلاميا وتمت في حضور كاميرات كثيرة وقام البابا بنفسه بمراسم وطقوس التعميد على أضواء الشموع كما تمت في يوم مميز دينيا عند الكاثوليك ، في العشية الفصحية التي احتفل بها الفاتيكان ليلة السبت الماضية في كاتدرائية القديس بطرس. وقد زفت وسائل الأعلام الإيطالية والعالمية الموالية او غير الموالية لإسرائيل والمتخصصة فى محاربة الدين الإسلامي الخبر مضخمة من قدر الحدث كما لو كانت روما اعيد فتحها من جديد والكاثوليكية دخلت عصرا جديدا . وكل ذلك مصاحبا على الجانب الآخر بتصريحات مسيئة منه ضد الإسلام ورموزه وطبعا تجد مثل هذه التصريحات من يروج لها طالما انها تحمل هجوما على الإسلام.

وقالت صحيفة كورييرا ديلا سيرا التي يعمل لديها علام نائب رئيس تحرير في عنوان تصدر صفحتها الأولى ان علام ترك الإسلام واعتنق الكاثوليكية ووصفته الاسوشستد برس بانه ألمع معلق مسلم . وأضافت في معرض حديثها ان مجدي علام ولد في مصر و تخصص في الكتابة عن الشؤون العربية والإسلامية ومحاربة التطرف من اجل التسامح مشيرة الى ان البابا قام بتعميد 6 أشخاص آخرين معه رجل وخمس نساء من إيطاليا والكاميرون والصين والولايات المتحدة والبيرو.

ونقلت وسائل الأعلام قوله عن سبب اعتناقه الديانة المسيحية ان الإسلام quot;عنيف ماديا ومصدر نزاعات تاريخياquot;. وان مواقفه العلنية ضد التطرف الإسلامي ادت الى إطلاق تهديدات بالموت ضده واضطرته للعيش تحت حماية منذ خمس سنوات. وتابع ان البابا بموافقته على تعميده علنا quot;وجه رسالة واضحة وثورية الى كنيسة لزمت حتى الآن الحذر حيال اعتناق المسلمينquot; ديانتها quot;خوفا من الا تتمكن من حماية هؤلاء من الحكم عليهم بالموت بسبب ارتدادهمquot; عن الإسلام. واختار لنفسة اسم كريستيانو.

ومجدي علام لمن لا يعرفه ، يعتبره البعض نسخة صحفية وسياسية من quot;سلمان رشديquot; صاحب كتاب quot;آيات شيطانيةquot; ، تحول من قومي ناصري إلى متطرف في حب إسرائيل محسوب على اليمين الإسرائيلي، حتى انه أصدر كتابا كي يعبر فيه عن حبه للدولة العبرية وإعجابه بها، حقق أعلى المبيعات في إيطاليا بعنوان (تحيا إسرائيل.. من أيديولوجية الموت إلى ثقافة الحياة: قصتي).

وعلام، 55 عاما، هو نائب رئيس تحرير صحيفة quot;كوريرا ديللا سيراquot; الإيطالية، متزوج من quot;فلانتينا كولومبوquot;، ولديهما ثلاثة أبناء صوفيا (27 عاما)، اليساندرو (23 عاما) وأخيرا رزق بطفل تزامن مولده مع صدور كتابه فاختار له اسم quot;ديفيدquot;! . قطع طريق طويل بين الإعجاب العميق بنبي القومية العربية جمال عبد الناصر وياسر عرفات رمز القضية الفلسطينية، وحتى استقراره مؤخرا في معسكر اليمين الإسرائيلي دون تحفظ!

تعرض مجدي للاعتقال والتحقيق والسجن في الخامسة عشرة من عمره ، بتهمة التجسس لصالح إسرائيل بسبب علاقته بفتاة يهودية، كانت حبه الحقيقي الأول، وكانت في نفس عمره. وبعدها غادر مصر إلى إيطاليا لاكمال دراسته.

ومنذ ذلك لم يعد مجدي للحياة في مصر حيث اصبح ممنوعا من دخول البلاد ومع حصوله على الماجستير في الدراسات الاجتماعية بجامعة quot;لا سباينتساquot; في روما، توجه إلى العمل الصحافي، حيث بدأ العمل بجريدة الحزب الشيوعي quot;لا اونيتاquot;، وبعد ذلك في جريدة quot;لا ربوبليكاquot;، وهو اليوم نائب رئيس تحرير جريدة quot;كوريرا ديللا سيراquot;، وصاحب أحد الأعمدة المؤثرة في إيطاليا، يتطرق فيه كثيرا إلى الشرق الأوسط.

تتلخص آراء مجدي علام في أنه يرفض كل أشكال المقاومة الفلسطينية، ويصفها جميعا بالإرهابية، مما دفعه إلى تلقي تهديدات بالقتل بحسب ادعائه، دفع الحكومة الإيطالية إلى توفير حراسة شخصية له طوال 24 ساعة يوميا لحمايته، وقال مجدي في حديث سابق لصحيفة هآرتس الإسرائيلية: quot;إسرائيل هي الحصن الأخير في حرب الإرهاب الإسلامي ضد الحضارة الإنسانيةquot;.

ويرى أنه كان من الخطأ إشراك حماس في العملية الانتخابية منذ البداية quot;لأنها منظمة إرهابية لن تعترف أبدا بحق إسرائيل في الوجود، ولن تتنازل عن الإرهاب ولن تعترف بالاتفاقيات الدولية التي وقعتها السلطة الفلسطينية معهم كما يرفض مجدي علام فكرة الأرض مقابل السلام ويقول ان اسرائيل أخطأت عام 1967 بقبولها لمبدأ الأرض مقابل السلام، كما أنه يتفق في الرأي مع الأديبة والصحفية الإيطالية quot;اوريانا بلاتشيquot;، التي تقول إن أوروبا تحولت إلى quot;عوروباquot;، أي أنها أصبحت معقلا للإسلام، ويقول: quot;بالطبع أصبحت أوروبا اليوم قلعة للتطرف الإسلامي.

سافر إلى إسرائيل عدة مرات، و منحته جائزة quot;دان ديفيدquot; لعام 2006، ويتمنى أن تقوم في إسرائيل حكومة وحدة وطنية قوية وعازمة على مواجهة أخطر تهديد على أمن العالم هي ايران.

وسافر مجدي إلى إسرائيل اربعة مرات منها مرة لاستلام جائزة quot;دان ديفيدquot;، قام بأول زيارة له إلى متحف quot;ياد فاشيمquot;، الذي يخلد ضحايا اليهود في المحارق النازية، والتي قال عنها: quot;هذه التجربة تركت أثرا قويا على كل حياتي، وأتمنى أن يأتي يوم تتمكن فيه إسرائيل من اعتقال احمدي نجاد وتجبره على قضاء بقية حياته بين جدران متحف ياد فاشيمquot;.