لندن: الموضوع الذي لا تجد له أي صدى في الصحف البريطانية الصادرة اليوم الأحد هو انعقاد القمة العربية العشرين التي افتتحها الرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق يوم أمس السبت، إذ احتلت أخبار الحملة التي تشنها الحكومة العراقية، بدعم من القوات الأمريكية والبريطانية، على ميليشيا جيش المهدي في البصرة مساحات واسعة في صحف اليوم الأحد.
فقد طغت أخبار تطورات الوضع في البصرة والمشاكل التي يواجهها المسافرون في المبنى الخامس الجديد بمطار هيثرو وأصداء زيارة كارلا بروني، برفقة زوجها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، إلى بريطانيا، والانتخابات الرئاسية في زيمبابوي، على تغطية كافة صحف اليوم.
ففي مقال تحليلي بعنوان quot;القوات البريطانية والأمريكية تنجرُّ إلى معركة البصرةquot;، يكتب باتريك كوكبيرن في صحيفة الإندبندنت قائلا: quot;إن هجوم الجيش العراقي على الميليشيا الشيعية بدأ يترنح ويتداعى وإن استراتيجية حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تبدو وكأنها مجرد مغامرة خطيرةquot;.
ويضيف كوكبيرن، الذي يصدر له في الثالث من الشهر المقبل كتاب بعنوان quot;مقتدى الصدر وسقوط العراقquot;، إن الولايات المتحدة تواجه أزمة جديدة في العراق قد تحدد نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، نظرا لأن القوات الأمريكية منخرطة في دعم الحملة المترنحة التي يخوضها الجيش العراقي لقمع ميليشيا جيش المهدي في البصرة.
ويذكِّر الكاتب بقصف الطائرات الأمريكية لمنزل في حي الحيانية، الذي يعد معقلا لجيش المهدي في البصرة، وقتلها لثمانية مدنيين فيه، بينهم طفل وامرأتان، كما نقل عن الشرطة العراقية في المدينة.
ويقول كوكبيرن إن البريطانيين انخرطوا هم الآخرون أيضا يوم أمس السبت بشكل مباشر في القتال الدائر في المدينة، حيث نقلت التقارير عن قيام المدفعية المتمركزة في مقر قيادة القوات البريطانية في مطار البصرة بقصف عناصر ميليشيا جيش المهدي الذين يطلقون قذائف الهاون على المدينة.
ويلفت الكاتب النظر إلى أن دخول القوات البريطانية على خط المواجهة المباشرة مع المسلحين يأتي بعد أن كانت قد حددت دورها في الفترة الأخيرة بتقديم الدعم اللوجستي والجوي للحملة التي تشنها حكومة المالكي على ميليشيا جيش المهدي التابعة للصدر.
ويخلص الكاتب إلى القول إن المالكي قد quot;حشر نفسه في زاوية ضيقةquot; عندما أعلن quot;أن لا تراجع ولا تفاوض أو تسوية مع المسلحينquot;.
ويضيف كوكبيرن: quot;إن منتقدي السياسة الأمريكية سيهاجمون الصورة الرسمية لقصة التقدم الذي أُحرز في العراق على أنها مجرد وهم وسراب، إذ قد يخرج الصدر وجيش المهدي من الأزمة أقوى مما كانوا عليه من ذي قبل.quot;
وعن المواجهات الدائرة في البصرة والدور البريطاني فيها، يكتب البروفيسور مايكل كلارك، مدير المعهد الملكي للخدمات المتحدة، تعليقا في الصنداي تايمز يقول فيه: quot;إنه يتعين على بريطانيا أن تنتظر حتى تحسم معركة البصرة مصيرها.quot;
يقول كلارك، الذي يشارك هو الآخر بنشر كتاب في التاسع من الشهر المقبل بعنوان quot;حرب بلا عواقبquot;، إن الجيش البريطاني كان يعلم دوما أن الاختبار قادم لا محالة، وقد أتى هذا الاختبار بالفعل مع حملة القوات العراقية التي تشنها حكومة المالكي على الميليشيا والمسلحين في البصرة.
ويذكِّر الكاتب بأن الدور والهدف الرئيسي للقوات البريطانية في البصرة منذ عام 2003 كان تدريب القوات العراقية ونقل السيطرة لها على المناطق التي يستتب الأمن فيها في أقرب فرصة ممكنة.
أما بشأن دور البريطانيين في المعركة الحالية الدائرة مع الميليشيا في البصرة، فيقول: quot;إن البريطانيين يقومون بتزويد الوحدات العراقية المرابطة على مشارف المدينة بالمؤن والذخيرة اللازمة، بالإضافة إلى تقديم المعدات الطبية والمساعدة بتأمين الغطاء الجوي لها.quot;
ويرى الكاتب أن معركة البصرة ستصعِّد من وتيرة الدعوات لإجراء تحقيق رسمي في حرب العراق برمتها، وأن مثل هذا التحقيق الذي سيبدأ في نهاية المطاف، quot;رغم أنه لن يكشف عن أي شيء جوهري لا نعرفه.quot;
ويعتقد كلارك quot;أنه حتى يكون التحقيق في حرب العراق ذا قيمة، فلا بد أن يقيِّم مخاطر استخدام بريطانيا لمهاراتها العسكرية التكتيكية بوضعها في الخدمة قوات صغيرة لتحقيق أهداف استراتيجية طموحة وغامضة لا تمكنها من الحصول منها على أكثر من مجرد نفوذ تتقاسمه مع قوى دولية أخرى.quot;
وفي تحقيق مصور لمراسليها في العراق وتنشره على صفحتين كاملتين تحت عنوان quot;جيش المهدي يتشبث بمواقعه مع دخول الولايات المتحدة معركة البصرة المحوريةquot;، ترسم لنا الصنداي تايمز صورة عن الوضع الميداني وآخر تطورات المواجهات في ثاني أكبر المدن العراقية quot;التي قد تقرر نتيجتها مستقبل الصراع في العراق برمته.quot;
وفي تحقيق مصور لمراسليها في العراق وتنشره على صفحتين كاملتين تحت عنوان quot;جيش المهدي يتشبث بمواقعه مع دخول الولايات المتحدة معركة البصرة المحوريةquot;، ترسم لنا الصنداي تايمز صورة عن الوضع الميداني وآخر تطورات المواجهات في ثاني أكبر المدن العراقية quot;التي قد تقرر نتيجتها مستقبل الصراع في العراق برمته.quot;
ينقل التحقيق عن حيدر عبد العباس، أحد المقاتلين في صفوف جيش المهدي، قوله: quot;إن المالكي يقاتل الآن باسم المحتلين ونيابة عنهم، إنه سيلقى المصير ذاته الذي لقيه (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين.quot;
ويُرفق التحقيق بصورة كبيرة لمسلحين من ميليشيا جيش المهدي وقد تأبط كلا منهما بندقيته وراح يصوبها باتجاه الخصم ويده ممسكة بالزناد استعدادا للضغط عليه في أي لحظة، بينما يظهر في صورة أخرى رجل ينتحب فوق جثة أخيه الذي قضى في قتال أخير وقع في مدينة الحلة.
أما ماري كولفين، فتنشر تقريرا في نفس الصحيفة بعنوان quot;انفجار العنف أعقب سنوات من الجحيم اليوميquot;، تتحدث فيه عن الرعب الذي كان البصريون العاديون يشعرون به في ظل إحكام عناصر ميليشيا جيش المهدي لقبضتهم على البصرة لسنوات سبقت حملة الحكومة العراقية على جيش المهدي في المدينة.
وفي الإندبندنت نقرأ تحقيقا عن موضوع منفصل، وإن كان من العراق أيضا، يقول إن والد العراقي بهاء موسى يريد لقاء رئيس الحكومة البريطانية جوردن براون وجها لوجه لطلب تحقيق كامل بشأن مقتل ابنه عام 2003.
يقول التحقيق إن والد بهاء، الذي لقي مصرعه بعد أن تعرض للضرب المبرح على أيدي عناصر من القوات البريطانية، قد تقدم بالفعل بطلب للقاء براون بعد أن اتهم وزارة الدفاع البريطانية بمحاولة عرقلة إجراء تحقيق شامل بمقتل ولده الذي كان يبلغ من العمر 26 عاما عندما لقي حتفه.
وتنقل الصحيفة عن العقيد داوود موسى، والد بهاء، قوله عبر محاميه: quot;إنني واثق من أن وزارة الدفاع البريطانية قد اتخذت هذا الموقف للتغطية على الحقيقة وحماية الأفراد الذي قتلوا ابني. إن هدفي هو البحث عن الحقيقة وراء مقتل ولدي وهذا ما يتعين ان يتكشف ويظهر للعيان من خلال المحاكم البريطانية.quot;
التعليقات