الجزائر : أعطى خلاف بين روسيا والجزائر بشأن طائرات مقاتلة فرصة للغرب لفتح سوق جديدة وأظهر التحدي الذي تواجهه مبيعات الاسلحة الروسية للدول النامية مع ازدياد رفاهيتها.ويقول خبراء ان قلة هم الذين يتوقعون حدوث تحول جذري في مشتريات الاسلحة من قبل الجزائر عضو منظمة اوبك وخامس أكبر سوق للاسلحة في العالم النامي في عام 2006 بعد قرار غير عادي لاعادة 15 طائرة حربية من طراز ميج تقول انها تحتوي على بعض الاجزاء التي تقل عن المواصفات المطلوبة.
لكن الرفض الاولي يعكس اعترافا بأن الجزائر وهي مشتر تقليدي للاسلحة الروسية وكذلك ليبيا المصدرة للنفط يمكنهما التسوق في العالم باستخدام ايرادات الدولة التي يدعمها ارتفاع أسعار النفط إلى نحو 100 دولار للبرميل.وهذا الادراك جزء من اتجاه بين الدول النامية التي تزداد ثراء مثل الهند التي اقتربت من واشنطن في السنوات الأخيرة بعد عدة عقود من العلاقات الوثيقة مع الاتحاد السوفيتي سابقا.
وزادت الجزائر مشترياتها من الاسلحة الأمريكية منذ عام 2001 حيث تعتبر واشنطن هذا البلد ضمن دول quot;خط المواجهةquot; في جهود محاربة تنظيم القاعدة.وماليزيا بلد آخر يشتري الآن اسلحة من الجانبين.
وقال اندرو بروكس خبير الطيران بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا quot;كل الاشياء المؤكدة القديمة ولت.quot;واضاف quot;الجزائريون يتعلمون مثل الاخرين انه اذا كان لديك المال فلماذا تشتري اشياء غير مناسبة بينما بامكانك الحصول على سلع جيدة فرنسية أو اوروبية أو بريطانية أو أمريكية أو صينية..quot;
والولايات المتحدة وروسيا لهما أكبر حصة في السوق من مبيعات الاسلحة التقليدية لدول العالم النامي وهي سوق بلغت قيمتها أكثر من 28 مليار دولار في عام 2006 وفقا لتقرير بشأن مبيعات الاسلحة اعدته إدارة البحوث بالكونجرس الأمريكي.وتتمتع واشنطن بالسبق حيث بلغت حصتها 35 في المئة من السوق في عام 2006 مقابل 28 في المئة لروسيا.
والمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة أطراف رئيسية أيضا.لكن احصائيات الحكومة الأمريكية التي نشرت في التقرير أظهرت ان روسيا هيمنت على اتفاقيات مبيعات الاسلحة في الشمال الافريقي حيث باعت معدات قيمتها 3.2 مليار دولار في الفترة من عام 1999 الى عام 2006 مقابل 600 مليون دولار لصالح دول غرب اوروبا و100 مليون دولار للولايات المتحدة.
والقيود الأمريكية التي تحد من انتقال تكنولوجيا عسكرية إلى دول لا ينظر إليها على انها صديق مقرب بدرجة كافية أو ليسست موضع ثقة بدرجة كافية يعني ان شركات الصناعات العسكرية الأمريكية لا يمكنها بيع منتجاتها إلى دول معينة وهي اسواق حققت فيها روسيا تقليديا نتائج جيدة.والجزائر والولايات المتحدة لم يكن بينهما تجارة عسكرية قبل عام 2001 لكن هذا تغير ولا يهدد هيمنة روسيا فحسب وإنما آمال دول اخرى تبيع اسلحة مثل فرنسا.
وتبحث ليبيا شراء 14 طائرة رافاييل حربية من شركة داسو افييشن الفرنسية في إطار تقاربها مع باريس بعد انتخاب الرئيس نيكولا ساركوزي في عام 2007. وليبيا زبون دائم لمنتجات المصانع الروسية ودول اخرى في شرق اوروبا ورفعت عنها عقوبات غربية استمرت سنوات عديدة.وقال بروكس quot;يمكن الحصول على صفقات رائعة. الفرنسيون سيقدمون صفقة رائعة بشأن طائرات رافاييل لسبب بسيط وهو انهم لم يبيعوا أي طائرة منها في الخارج.quot;
وفي شمال افريقيا تتغير انماط المبيعات التقليدية حتى في المغرب حيث لا يوجد نفط. وأصابت المملكة التي تشتري تقليديا منتجات من غرب اوروبا وروسيا صناعة الدفاع بصدمة في العام الماضي عندما أشارت إلى انها ستتخلى عن الشراء من فرنسا حليفها المقرب لكي تشتري مقاتلات من طراز اف-16 سي/دي من شركة لوكهيد مارتن الأمريكية.وكان شراء الجزائر لطائرت الميج جزءا من صفقة أكبر قيمتها 7.5 مليار دولار تم توقيعها في عام 2006 وشملت عددا من المعدات العسكرية التي طلبها ضباط تدربوا في الاتحاد السوفيتي. ويتوقع ان يمضي معظم الصفقة قدما دون مشكلة.وبالإضافة إلى اتفاقية الاسلحة وافقت روسيا على شطب ديون قيمتها 4.7 مليار دولار تدين بها الجزائر للاتحاد السوفيتي.
وروسيا التي تنفي وجود أي مشكلة بالنسبة للطائرات لديها من الاسباب ما يجعلها تعمل بجد للمحافظة على مشتري اسلحة ومتعاطف مع الاتحاد السوفيتي لها أيضا علاقات وثيقة معه في مجال الطاقة. وتحصل الجزائر على 1.5 مليار دولار اسبوعيا من مبيعات النفط والغاز.لكن القلق في الجزائر بشأن طائرات الميج يعكس تصميما على الحصول على أفضل نوعية. وقالت الصحف الجزائرية ان الضابط الجزائري الذي اكتشف أوجه القصور حصل على ترقية ووسام.
وقال محلل عسكري جزائري طلب عدم نشر اسمه quot;العمل هو العمل. عندما تدفع نقودا لشراء تفاحة فانه لا يمكنك ان تقبل برتقالة.quot;ونقلت وسائل إعلام روسية عن مسؤولين روس قولهم ان الاجراء الجزائري ينبع من ضغوط من دول اخرى تحاول بيع اسلحة ومن خلافات بين جماعات مختلفة داخل الإدارة الجزائرية وليس من أي مشاكل فنية في طائرات الميج.
وقال ديفيد هارتويل رئيس تحرير مجلة جينز لمخاطر البلاد ان العلاقات العسكرية الجزائرية مع موسكو ستتجاوز على الارجح هذا الخلاف.واضاف quot;لكن بالطبع ستكون الجزائر أكثر اصرارا عندما يتعلق الامر بالجودة.quot; وأضاف ان الجزائر تريد quot;طائرات أكثر فاعلية وأحدث.quot;
التعليقات