نضال وتد من تل أبيب: في الوقت الذي أمر فيه وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود براك بفرض إغلاق كامل وتام على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقطاع طيلة عطلة عيد الفصح اليهودي، الذي سيبدأ بعد غد الجمعة، وفي موازاة عمليات التوغل الإسرائيلية المتكررة لقطاع غزة، تمتلئ الصحف الإسرائيلية، بتقارير وأخبار عن أكثر سيناريوهات الرعب بالنسبة لإسرائيل وما قد يهدد أمنها، لكن أكثر هذه السناريوهات رعبا بالنسبة لإسرائيل، هو ما كشفت عنه صحيفة معاريف اليوم، والمتعلق quot;بالخطر على المدى القريبquot; ويتمثل بفرص تغلب مرشح حماس في انتخابات الرئاسة الفلسطينية القادمة على مرشح فتح والفصائل الوطنية الأخرى.

وبحسب التقرير فإن تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية وأجهزة الأمن تقول بأن: quot; حماس التي تسيطر على قطاع غزة سوف تسيطر أيضا على الضفة الغربية، وستفوز في الانتخابات الفلسطينية للرئاسة التي ستجري بعد سبعة شهورquot;.

وتقول الصحيفة إن هذه التقديرات تسود النقاشات الداخلية بين أجهزة الأمن الإسرائيلية في الآونة الأخيرة. وتنطلق هذه التقديرات من أن موعد الانتخابات الرئاسة الفلسطينية الرسمي هو شهر كانون ثاني 2009، حيث يتوقع أن تشارك حماس للمرة الأولى في هذه الانتخابات، بعد أن كانت الحركة قد فازت في الانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية 2006 برئاسة الحكومة وبأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني.

وكانت إسرائيل قد توقعت عشية الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، أن تتمكن حركة فتح من الفوز في الانتخابات، في حين توقع قلة فقط فوز حركة حماس، وهو ما قاد خلال عدة شهور، على رأي الصحيفة إلى سيطرة حماس على القطاع عسكريا. وتقول الصحيفة إن التقديرات الإسرائليية حالي متشائمة، بسبب خوف إسرائيل من تحقيق حماس لنصر جارف في انتخابات الرئاسة الفلسطينية القادمة والذي سيكون بالغ الأثر من حيث مدلولاته.

وتتابع أجهزة الأمن الإسرائيلية باستمرار وجهة الرأي العام الفلسطيني ورأي الجمهور الفلسطيني، وهي تستفيد في عملها هذا من الاستطلاعات لرأي العام التي تجري في الأراضي الفلسطينية، وخصوصا الاستطلاعات التي يقوم بها المركز الفلسطيني في رام الله والذي يديره الدكتور خليل الشقاقي، بسبب المصداقية الكبيرة التي يتمتع بها المركز، كما تعتمد على تقييمات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، والإدارة المدنية بشأن سبر غور نبض الشارع الفلسطيني وتوجهاته. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنه على الرغم من الأوضاع الصعبة في القطاع وعلى الرغم من الحصار الاقتصادي والمناوشات الدائمة إلا أن هناك quot;احتمالا معقولاquot; بأن تفوز حماس في الانتخابات التي ستجري في شهر كانون ثاني القادم.

وقالت مصادر أمنية إن التقديرات السائدة تقول بأن حركة فتح تعاني من الانقسام الداخلي، وتواجه صعوبات في إعادة تكريس مكانتها في الشارع الفلسطيني. كما تعتقد الأجهزة الإسرائيلية أن التوجه القائل بأن طريق حماس، طريق الكفاح وليس طريق المفاوضات هي الطريق الصحيح آخذ بالتعاظم داخل جموع الفلسطينيين. ووفقا لهذه التقديرات، فقد كانت مكانة حماس، حتى قبل عدة شهور في تدهور مستمر إلا أن الحصار الاقتصادي الصارم الذي فرض على قطاع غزة، تحت حكم حماس قد أدى إلى استعادة الحركة لتأييد السكان لها، حيث نجحت حماس خلال الحصار، وبخطوة ذكية ومحكمة من إزالة الحدود مع مصر على معبر رفح، كما أن السكان يعتقدون بأن الحركة نجحت في الصمود في وجه الحملة الإسرائيلية الأخير quot;شتاء دافئquot; التي قام بها الجيش الإسرائيلي شمالي القطاع قبل نحو شهرين، الأمر الذي زاد من تأييد السكان للحركة ودعمهم لها.

ووفقا للتقديرات الإسرائيلية فإن تأييد 75% من الفلسطينيين لعملية quot;مركاز هرافquot; في القدس والتي نفذها علاء دهيم، يشكل بحد ذاته دليلا على التأييد الكبير quot;لطريق الكفاحquot;، وذلك على الرغم من أن غالبية الجمهور الفلسطيني لا يزال يعبر عن تأييده لتسوية سياسية مع دولة إسرائيل، وعليه يفسر هذا الفرق بين تأييد العملية من جهة وبين تأييد التسوية السياسية بكون الفلسطينيين لا يعلقون أملا كبيرا على نجاح المسيرة السياسية.

وتستشهد أجهزة الأمن في تقديراتها هذه بما يعكس هذه المخاوف المتزايدة وهو تصريحات قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي شمني، الذي قال قبل نحو شهرين quot;إنه لولا النشاط الدائم للجيش والشاباك، لكانت حركة حماس قد تمكنت من السيطرة على الضفة الغربية على غرار ما فعلت في غزة.

وتشير أجهزة الأمن الإسرائيلية في هذا السياق إلى أن هذه العمليات الدائمة للجيش الإسرائيلي تتم بفضل التنسيق الأمني المتزايد مع قوات الأمن الفلسطينية، التي تتلقى أوامرها من حركة فتح، ولكنquot; إذا انتصرت حركة حماس وتولت السيطرة على قوات الأمن الفلسطينية فقد يتغير الوضع في الضفة الغربية بصورة حادة بين ليلة وضحاهاquot;، على حد قول ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي.

وبحسب التقديرات الإسرائيلية فإن حماس لن تكتفي في الفوز في انتخابات الرئاسة الفلسطينية بل ستسعى للسيطرة على مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، حيث تتمتع فتح بأغلبية كبيرة طويلة الأمد.

إطلاق سراح البرغوثي
وبحسب الصحيفة فإن الانتخابات الفلسطينية ستجري في نفس الشهر الذي سيتولى فيه الرئيس الأمريكي القادم مهام منصبه. ولغاية الآن فإن جهات إسرائيلية سياسية تؤكد أنه لا توجد حاليا أية نية لا في إسرائيل، ولا في الولايات المتحدة، ولا في السلطة الفلسطينية لإلغاء الانتخابات أو تأجيل موعدها. في المقابل تشير مصادر إسرائيلية إلى quot;إنه خلافا للانتخابات التشريعية الفلسطينية في العام 2006، حيث لم تتخذ إسرائيل استعدادتها لاحتمالات فوز حماس، فإنه لا يمكن الآن تجاهل ضرورة الاستعداد لاحتمالات فوز حماس في انتخابات الرئاسة، ولا من إسقاطات فوز كهذا، وفي الوقت ذاته تأمل الجهات الإسرائيلية أن تساهم quot; المبادرات التي تقوم بها إسرائيل في زيادة التأييد لحركة فتحquot;.

إلى ذلك فإن الخوف من فوز حماس في الانتخابات القادمة قد يدفع بالمزيد من الأوساط الإسرائيلية للدعوة والعمل من أجل الإفراج عن الأسير النائب مروان البرغوثي، الذي يعتبر أكثر شخصية مؤثرة على الفلسطينيين داخل حركة فتح.