شبهات خطرة ضد أولمرت والمعارضة تطالبه بالاستقالة
أولمرت تجاهل تقرير فينوغراد و دعوات خصومه
نضال وتد من تل أبيب:
أثار الاستدعاء العاجل لرئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، للمثول للتحقيق تحت التحذير، ردود فعل في الشارع الإسرائيلي، وعلى الساحة الحزبية التي سارع أقطابها لمطالبة أولمرت بالاستقالة من منصبه، حتى قبل اتضاح تفاصيل عن الملف الجديد الذي استدعي أولمرت للتحقيق بشأنه، ولا سيما أن أمر التحقيق مع أولمرت عرف بسبب تسريبات للصحافة وليس من خلال بيان رسمي صادر عن الشرطة الإسرائيلية أو ديوانه، كما هو متبع عادة، ما أثار شكوكا وتقديرات من أن الشرطة الإسرائيلية، تخشى من قيام أولمرت بتنسيق الشهادات والإفادات مع آخرين يشتبه أن لهم ضلوعا في القضية.

ووفقا لما أعلن اليوم، فقد خضع أولمرت في العاشرة من صباح اليوم لتحقيق، تحت الإنذار، استغرق ساعة ونصف الساعة، للاشتباه بتلقيه رشوة مالية من رجل أعمال أميركي يعمل في إسرائيل، قبل أن يتولى أولمرت منصبه الحالي. إلى ذلك سمحت الشرطة الإسرائيلية بالنشر عن إجراء تحقيق مشابه مع المديرة السابقة لمكتب أولمرت شولا زاكين.

وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت، كشفت صباح الجمعة النقاب عن أن الشرطة تشتبه بتلقي أولمرت مبالغ طائلة، من رجل أعمال أميركي يعمل في إسرائيل، وقد أخضع هو الآخر للتحقيق، وقالت الشرطة إنه يتعاون مع المحققين.
وكانت الشرطة الإسرائيلية، حققت يوم الثلاثاء الماضي مع المديرة السابقة لمكتب أولمرت، شولا زاكين، في الوحدة القطرية للتحقيقات في الغش والخداع للاشتباه بضلوعها في القضية الجديدة. وكانت الشرطة قد عثرت في وقت سابق خلال التحقيق معها في قضايا فساد سابقة، على وثائق في جهاز الحاسوب الخاص بها، تتعلق بتعيينات سياسية في وزارة الصناعة والتجارة، عندما تولى حقيبتها أولمرت، في حكومة الليكود في الدورة السابقة، قبل انشقاق شارون عن الليكود وتأسيس حزب كاديما، عام 2006.
وقالت الصحف الإسرائيلية إن المستشار القضائي للحكومة ، ميني مزوز، أصدر الليلة إذنا خاصا بالتحقيق مع أولمرت خلال 48 ساعة، في حين أعلن ديوان أولمرت أن الأخير يعتزم التعاون مع المحققين، كما فعل في السابق، ولاسيما أنه مؤمن بأنه مع ظهور الحقيقة خلال التحقيق ستتبخر الشبهات ضدهquot;.

يشار إلى أن القضية الجديدة ليست القضية الوحيدة التي يجري فيها التحقيق مع أولمرت بشبهة الفساد، إذ لا يزال التحقيق معه جاريا في قضية شراء شقة فاخرة في القدس بسعر مخفض للغاية مقابل تقديم المساعدة للمتعهد بتسريع أعمال تنفيذ المشروع، عدا عن تحقيق آخر أجري في ملف بيع أسهم السيطرة والإدارة لبنك لئومي، أحد أكبر المصارف الإسرائيلية، الذي كان بملكية الدولة وتم بيعه للقطاع الخاص، لكن الشرطة خلصت إلى أنه لا توجد أدلة كافية ضد أولمرت.
المعارضة تطالب برأس أولمرت

وأثار الخبر الذي بثته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، مساء الخميس، عن التحقيق ، زوبعة في الجهاز السياسي والحزبي في إسرائيل، فقد سارع أعضاء كنيست من اليمين واليسار إلى مطالبة أولمرت بالاستقالة من منصبه بدعوى أنه لا يمكن إدارة شؤون الدولة وفق جدول قسم التحقيقات في الشرطة، فيما أعرب عدد من أعضاء الكنيست عن دهشتهم من تكتم الشرطة على التحقيق المزمع إجراؤه مع أولمرت.
فقد قال رئيس لجنة الداخلية التابعة للكنيست، عضو الكنيست أوفير بينيس، من حزب العمل، إنه يبدو له غريبا وغير معقول أن تخفي الشرطة عن الجمهور مسألة التحقيق مع رئيس الحكومة، وأنه كان من الأجدر أن يعرف هذا الأمر للجمهور عبر بيان رسمي وليس من خلال تسريبات للصحافةquot;.

وأضاف بينيس أنه إذا كانت خطوة الشرطة هذه بالحفاظ على السرية نابعة من رغبتها في منع تشويش إجراءات التحقيق وعرقلتها فإن ذلك مقبول أما إذا كان الأمر نابعا من خوف الشرطة من رئيس الحكومة فهذا وضع خطر يجب ألا يحدث في الديمقراطية الإسرائيليةquot;.

وطالبت عضو الكنيست، شيلي يحيموفيتش، من حزب العمل، أولمرت بتنحية نفسه والاستقالة من منصبه، فأولمرت هو رئيس حكومة غارق حتى أذنيه بقضايا الفساد والتحقيقات الجارية ضده وعليه أن يقدم استقالته من منصبه، حتى وإن كان لا يزال بعرف القانون بريئا ما لم تثبت إدانته.

وقال زعيم المفدال، عضو الكنيست، زبولون أورليف: quot;إن رئيس حكومة متورط في ثلاث قضايا، كان يتعين عليه الاستقالة من منصبه منذ مدة، فلا يمكن إدارة شؤون الدولة تحت تحقيقات عاجلة وطارئةquot;.
أما البروفيسور عماويل غروس، المختص في القانون الجنائي، فقال لموقع يديعوت أحرونوت:quot; إنه يعتقد أن الأمر الذي صدر بناء على طلب من الشرطة، جاء لمنع أي إمكانية أو محاولة المس بنجاح التحقيق. فالشرطة تتوقع أن يؤثر النشر عن التحقيقفي أولمرت، وفي آخرين متورطين بالقضية، ويدعوهم إلى تحضير أنفسهم للتحقيق وبالتالي عرقلة سير التحقيقات، وقدرة المحققين في الوصول إلى الحقيقةquot;.

أولمرت لن يستقيل

على الرغم من الطريقة التي ألزم فيها أولمرت للمثول أمام المحققين، ورغم تعالي الأصوات المطالبة باستقالته، إلا أن أولمرت، الذي رفض الاستقالة، حتى بعد تقرير لجنة فينوغراد، التي بحثت أسباب هزيمة الجيش الإسرائيلي في لبنان، وأشارت إلى قصور في عمل أولمرت، لن يسارع إلى تقديم رأسه على طبق من ذهب، لا للمحققين ولا لخصومه السياسيين، خصوصا وأنه كان أكد خلال فترة عيد الفصح أنه يعتزم خوض الانتخابات القادمة لرئاسة الحكومة، وباستثناء حالة واحدة، عندما قدم رابين استقالة حكومته عام 78 بعد نشر تقارير صحافية كشفت أن زوجته أدارت حسابا بنكيا في أحد المصارف الأميركية، حتى بعد تسلم زوجها منصب رئاسة الحكومة، فإن أيا من السياسيين الإسرائيليين، لم يبادر إلى الاستقالة من منصب رفيع المستوى، في السنوات الأخيرة، على خلفية التحقيق معه بشبهة تجاوزات مالية، او شبهات فساد وتلقي رشاوى، وإساءة استخدام الصلاحيات او خيانة الأمانة العامة.
ووفقا لبيان ديوان أولمرت الذي أكد أن الأخير سيتعاون مع المحققين لحين ظهور الحقيقة، حيث ستتبخر الشبهات ضده، فإنه من الواضح أن أولمرت لن يقف مكتوف الأيدي وسيرد كل هجوم سيتعرض له من قبل خصومه في السياسة، وفقط في حال وصول الشرطة إلى قناعة بوجود أدلة كافية تدين أولمرت، فقط في مثل هذه الحالة قد يضطر أولمرت للاستقالة من منصبه.