المجتمع المدني اللبناني في مواجهة المجتمعين في الدوحة
quot;خط ثالثquot;: إذا ما اتفقتوا ما ترجعوا!
عماد الدين رائف من بيروت: تواصلت لليوم الخامس على التوالي الأنشطة الضاغطة التي يقودها المجتمع المدني اللبناني تحت شعار موجه إلى الزعماء quot;إذا ما اتفقتوا ما ترجعوا!quot;، في رصد ومواكبة للحوار الوطني المنعقد في الدوحة، برعاية عربية، نحو الوصول إلى صيغة توافقية تخرج لبنان من الأزمة الكبيرة التي ما يزال يعاني منها شعبه منذ ثمانية عشر شهراً إلى اليوم. فيما ترد أخبار من فندق شيراتون ndash; الدوحة عن انقسامات وخطابات متباينة بين أقطاب المعارضة والموالاة، تصر جمعيات المجتمع المدني اللبناني على إخراج نفسها إلى دائرة الضوء كـ quot;خط ثالثquot; خارج إطار الغالبية النيابية المتمثلة بقوى 14 آذار، وخارج إطار المعارضة المتمثلة بقوى 8 آذار. فما هي جدوى هذه التحركات التي تمت على مرأى ومسمع من المغادرين عبر مطار بيروت الدولي إلى دولة قطر والمتواصلة في غيابهم؟ وما هي التحركات المرتقبة في حال عاد الزعماء من الدوحة متفقين أو منقسمين؟ تابعت إيلاف خلال الأيام الخمسة هذه التحركات، وعادت بالحصيلة التالية.
الشرارة الأولى
quot;يصر الزعماء على وجود سلاح فردي في بيت كل مواطن لبناني، وقد صرحوا بذلك أكثر من مرة على الشاشات، لكن هذا الأمر غير صحيح، فما شهدناه من تقاتل بعد اندلاع الاشتباكات في السابع من هذا الشهر كان حرب شوارع حقيقة أثبتت أن السلاح كان في أيدي الأطراف المتنازعة وليس في أيدي الآمنين المدنيينquot;. يقول الدكتور مروان، وهو ناشط في التنمية المجتمعية، فيما يرفع شعاره اليوم بعد أن رفعه في 16 الجاري، quot;إن لم تتفقوا فلا تعودوا!quot;، لكن باللغة الإنكليزية هذه المرة. ترد أخبار من الدوحة أن لبنانيين آخرين هناك رفعوا الشعار نفسه، quot;في تحذير واضح للمجتمعين هناك بأن يخرجوا متفقين من الجولات المكوكية التي يبذل فيها القطريون وجامعة الدول العربية جهوداً كبيرة في ما يبدو آخر فرصة للتوافق بين هؤلاء الزعماءquot;، كما يقول فايز، وهو أحد إداريي اتحاد المقعدين اللبنانيين، و quot;الاتحاد جمعية مطلبية حقوقية تضم 1200 عضواً لديهم إعاقات حركية مختلفة، وكثيرون منهم كانوا ضحايا حروب ونزاعات سابقةquot;. كانت انطلاقة التحركات مع مغادرة الوفود إلى الدوحة بمبادرة من حملة quot;لا للحربquot; التي أطلقها الاتحاد، ثم تم التشبيك مع المجتمع المدني من خلال حملة quot;خلصquot;، وحملة quot;وحدتنا خلاصناquot;.
الخطاب والتحرك
في خطوة غير معتادة على أسماع اللبنانيين الذين ظلوا يستمعون إلى التناحر السياسي بين المعارضة والمولاة منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث حاول السياسيون تعزيز فكرة أن البلد برمته منقسم بين فريقين اثنين لا ثالث لهما، أطلت على وسائل الإعلام رئيسة اتحاد المقعدين اللبنانيين، مساء البارحة في بيان صحافي باسم المجتمع المدني والجمعيات المدنية الناشطة في لبنان، وقد أتت لغة البيان قاسية غير مهادنة، حيث أعادت حملة quot;لا للحربquot; على مسامع الزعماء المجتمعين ـ المنقسمين في الدوحة، مجددا القول quot;إذا ما اتفقتوا ما ترجعوا!quot;، وعاهدت بانتظارهم عند كل تحرك، وكل اجتماع في المؤسسات الرسمية quot;التي تعمدتم تعطيلها طيلة الفترة السابقةquot;، مؤكدة أنها لن تعدم حيلة في quot;تحركاتنا اللا عنفية ـ السلمية، ونعدكم بأنكم لن تكونوا بمأمن من حناجرنا وأصواتنا، ومطالبنا المستمرة أن تكفوا عن قتلنا اليومي.. أيها المجتمعون في الدوحة، نحن هنا في انتظاركم في لبنانquot;. وتوجه بيان الحملة الى الزعماء بالقول: نحن في المجتمع المدني اللبناني، الخط الثالث المغيب، لسنا قلة، ولم نكن يوما قلة، لكن غالبيتنا الصامتة هذه لم تتجه يوما للعنف، وليس صحيحاً ما تروجون له في كل فرصة أن كل بيوت اللبنانيين لا تخلو من سلاحquot;. وحذرتهم من العودة الى انتهاك الحرمات عبر استعمال الشارع وتجييش العصبيات واستباحة الارواح، quot;لأن أعمالكم الأخيرة قد انتهكتم فيها كل القيم والأعراف الانسانية والوطنية، ولا يوجد فرق في ذلك بينكم جميعاً، لقد اختبرناكم جميعا وفشلتم في الاختبار على الأرض، وها نحن نحذركم من العودة مختلفين من الدوحة في اختبار الحوار، فما أنتم فاعلون؟quot;. فيما يصر القائمون على الحملة أن يجعلوا من تحركاتهم المقبلة لغزاً محيراً للسياسيين، على أن يتحركوا في المكان والزمان غير المتوقعين من جميع الأطراف.
quot;الطلقة الأخيرةquot;
يمثل مؤتمر الحوار الوطني اللبناني الفرصة الأخيرة للتوافق، quot;على الرغم من تحفظنا على تسميته بالحوار الوطني، إذ إن كثيراً من الفئات تم تغييبها عنه، وتم الاقتصار على المتقاتلين على الأرضquot;، كما يقول علي الذي يرفع شعار quot;لا للحرب.. نعم للحوارquot;. تضيف سميرة: quot;مر لبنان بأزمة حالكة غير محسوبة النتائج والاتجاهات، تقوده فيها قوى متناحرة إلى اقتتال طوائفي مناطقي فئوي مذهبي؛ وتفتح أبواباً جديدة للصراع بين الأخ وأخيه، مصحوبة بتحريض إعلامي مسعور موجه ممنهج، بعيداً عن كل المواثيق والقوانين ورسالة المهنة، فوجدنا أنفسنا ملزمين بالتحرك، وهذا واجبنا الوطنيquot;. فيما يرى أيمن أن quot;كل طرف من الأطراف المتقاتلة يدعو الآخر إلى مفهومه لمنطق الدولة، محتكراً أحقية تفسير هذا المنطق، فيما منطق الدولة الصحيح هو في مكان آخر يبدو أبعد من أن يوصلنا إليه كلا الطرفين المتنازعين على مكاسب آنية وفق مصالح ضيقة تتجاهل الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الملحة وحاجات الفئات المهمشة من المواطنين اللبنانيين على طول خارطة الوطنquot;.
quot;عتبي على الإعلامquot;
quot;عتبي عليكم أيها الإعلاميونquot;، يقول فادي، وهو ناشط حقوقي، quot;خلال الأزمة الأخيرة كان واضحاً استهتار السياسيين من جميع الأطراف المتنازعة بأرواح الناس، ومن خلفهم مجموعة هائلة من الصحافيين والمراسلين المروجين لهذا الفريق أو ذاك غير آبهين بأن كلامهم على الشاشات أو عبر الأثير يشكل أحد أهم أسلحة السياسيين، مهيئين الأرضية بالتالي لأي قتال ينشأ بين المواطنين، شاحنين النفوس بجرعات كبيرة من الكراهية والحقد، مسهّلين الطريق لانتهاك حرمات الناس من هنا ندعوكم للعودة إلى رسالية المهنة، والكفّ عن التحريض الطائفي المذهبي الفئويquot;، ثم ينهي: quot;نؤمن بأن بلدنا يستحق منا وقفة جامعة ضد العنف والتحريض من كل الأنواع، كما نؤمن أن هذا الشعب العزيز يستحق حياة كريمةquot;.
التعليقات