أبرز الأسباب تخوف تل أبيب من المساس بمصالحها
لماذا لم تنضج التهدئة بين إسرائيل وحماس إلى الآن؟

خلف خلف- إيلاف: الحديث عن إمكانية تطبيق التهدئة المطروحة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، يوفر محركًا للبحث في عناصرها ومعانيها واحتمالات صمودها إذا تحققت. ومن المسلمات أن عدم نضوجها لهذه اللحظة مرده لعدة أسباب، أبرزها: تخوف تل أبيب من مساس التهدئة بمصالحها بمنظار أوسع. ثانيًا: خلافات حادة بين أعضاء المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر على عناصر التهدئة، يرافقها جملة إحداثيات داخلية، منها عدم الاستقرار السلطوي، وضعف الحكومة الإسرائيلية الحالية بزعامة أيهود أولمرت. أما العامل الثالث فهو إيدلوجي، فإسرائيل لا تريد أن يفسر قبولها بالتهدئة رضوخًا لطروحات حركة حماس.

عناصر التهدئة التي قدمها الوسيط المصري، تعطي ردًا ما على ترددات إسرائيل، وتشتمل على المساحة التي تنطبق عليها التهدئة، ومقدار المشاركين فيها، وصلتها بتخفيف الضغط عن غزة، وكذلك صلتها بوقف تسلح المنظمات الفلسطينية وتطويرها لصواريخها المحلية.

وكانت حماس قد إشترطت منذ البداية ضرورة اشتمال التهدئة على غزة والضفة الغربية معًا، ولكن حجج إسرائيل بأن تهدئة في الضفة ستقود لتعزيز المقاومة الفلسطينية فيها، جعلها ترفض هذا الشرط، ولحل هذه المشكلة اقنع المصريون حماس والفصائل الأخرى بقبول مصالحة تنطبق بحسبها التهدئة في المرحلة الأولى على قطاع غزة فقط، لكن تلتزم مصر ببذل جهد لإقناع إسرائيل بتوسيعها إلى الضفة في المرحلة الآتية.

المصالحة السابقة كما يبين الخبير الإسرائيلي شلومو بار - أون مشكلة لأن إسرائيل ستعارض قبول أي صيغة يفهم منها أنها مستعدة لأن تزن توسيع التهدئة إلى الضفة. كما أن صيغة تصريحات متحدثي الفصائل الفلسطينية مثل الجهاد الإسلامي في غزة تبين أنه على الرغم من أنها قبلت الاقتراح المصري ظاهر الأمر، فإنه سيصعب عليها ألا ترد إذا طالت اعتداءات قوات الاحتلال رجالها في الضفة.

إحدى الحجج الإسرائيلية الرئيسة على التهدئة هي الخوف من أن تستغل هذه المدة لبناء قدرة حماس العسكرية في غزة وان تستعمل على إسرائيل عندما يسهل الأمر على الحركة. السؤال الرئيس في هذا السياق هو تهريب السلاح إلى غزة. إسرائيل لا تعتقد أن حماس ستمتنع عن التهريب في إطار التفاهمات على التهدئة. وعلى ذلك فإن إسرائيل تحاول إلقاء الكرة في ملعب مصر.

وبحسب صحيفة معاريف الصادرة اليوم الثلاثاء فأن مصر قلقة من المأزق الذي علقت فيه مساعيها لإحلال التهدئة، في ضوء التعقدات السياسية في إسرائيل، ولكنها تعد بمواصلة بذل الجهود لتحقيق الهدف. وعن الإنذار الإسرائيلي الذي أطلق مؤخرًا، وبموجبه quot;من دون جلعاد لن تكون تهدئةquot;، تقول مصادر رسمية مصرية بان الوضع في واقع الأمر معاكس: quot;من دون تهدئة، لن يكون جلعاد شليتquot;.

وحسب المسار الذي يخطط له المصريون، فإن التهدئة بين إسرائيل وحماس والفصائل المختلفة في غزة لن تكون منصوص عليها في وثيقة رسمية أو باحتفال توقيع ما. كل ما يتفق عليه بين الأطراف هو موعد بدء التهدئة ومبادئها العامة: وقف تام لإطلاق النار في جبهة غزة (دون أن تتعهد إسرائيل بوقف نشاطاتها في الضفة)، وفتح المعابر بين إسرائيل والقطاع لنقل المعونات والمساعدات الإنسانية.

وبالتوازي، يقول المصريون، -بحسب معاريف- غداة بدء التهدئة، تفتح القاهرة مفاوضات مكثفة متواصلة بين الطرفين لاعادة جلعاد شليت. معبر رفح لن يفتح إلى أن تستكمل صفقة شليت بحيث يكون لإسرائيل ومصر رافعة عديدة المغازي للضغط على حماس. ويقول المصريون: quot;بدل القول انه م دون جلعاد شليت لن توافقوا على التهدئة. أنتم ملزمون بأن تفهموا بأن الأمل الوحيد لإعادة جلعاد هو عبر التهدئةquot;.

جلسة المجلس الوزاري السياسي ndash; الأمني الإسرائيلي، تأجلت إلى يوم الأحد القادم، بعد عودة رئيس الوزراء أيهود اولمرت من واشنطن. في هذه المرحلة، لا يوجد في المجلس الوزاري أغلبية لمسار quot;تهدئة من دون جلعادquot;. وزير الدفاع ايهود باراك، مسنود برئيس الأركان الفريق غابي اشكنازي سيحاولان إقناع أعضاء المجلس الوزاري بإعطاء فرصة للتهدئة في الصيغة الحالية، والتي اتفق على مبادئها في رحلات عاموس جلعاد المكوكية من القاهرة إلى تل أبيب وبالعكس في الأشهر الأخيرة.

وتنقل معاريف عن محافل أمنية رفيعة المستوى إيضاحها في الآونة الأخيرة انه ليس لإسرائيل بديل أفضل. فلا يمكن الخروج في عملية واسعة في غزة دون تجربة الخيار المصري قبل ذلك. وتقول هذه المحافل: quot;في الأسابيع الأخيرة يبدو واضحًا تقدم بارز في هذا المجال. للعملية العسكرية يمكننا دومًا أن ننطلق بعد أن تفشل هذه التجربة. مشكوك فيه أن نتمكن إلى الخروج إليها قبل ذلك. الدولة الديمقراطية تحتاج إلى إجماع داخلي ودعم دولي كثيف كي تخرج إلى عملية تلحق مئات القتلى في جانبنا وآلاف عديد في الجانب الآخرquot;.

وتتابع المحافل ذاتها: quot;كل هذا، دون أن نأخذ بالحسبان الجلبة الإقليمية، الآثار على العلاقات الإسرائيلية ndash; المصرية، الوضع الداخلي في الدول العربية وعلى المفاوضات مع أبو مازن، التي ستتوقف فورًا وعلى إمكانية أن تنحل السلطة الفلسطينية ويغادر قادتها المنطقةquot;. وتضيف المحافل: quot;كل هذه الأمور ستحصل، وعندها سنجد نفسنا في غزة نغرق في بحر من الدم والنار دون أن نرى النهاية. وعندما نخرج ستعود الصواريخ وسيعود تعاظم القوىquot;.

ولكن من جهة ثانية، فإن إسرائيل في حال موافقتها على التهدئة، ستوفر حياة أفضل للسكان الإسرائيليين في النقب الغربي والامتناع من جر إسرائيل عائدة إلى غزة وهو ما يكبها خسائر كثيرة، ولكن هناك أصواتًا ترى أن تهدئة كهذه في حال طبقت تحمل بذور انهيارها، حتى لو لم تكن التفاهمات تشتمل على تحديد زمن (6 أشهر حسب الاقتراح المصري)، وبخاصة بسبب التوتر بين التهدئة في قطاع غزة والمواجهة في الضفة الغربية.