الرئاسات الكردية ترفض مشروع ميستورا للمناطق المتنازع عليها
تحويل الإتفاقية العراقية الأميركية إلى مذكرة تفاهم لا تقلق الجوار
أسامة مهدي من لندن :
إضطرت الولايات المتحدة الأميركية، إثر الرفض العراقي الواسع لإتفاقيتها الاستراتيجية الطويلة المدى المقترحة مع بغداد، إلى تقديم مسودة جديد للاتفاقية التي ستتحول إلى مذكرة تنص على عدم استخدام العراق لهجوم مسلح ضد دول الجوار .. بينما رفضت الرئاسات الكردية الثلاث، إثر اجتماع برئاسة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني مقترحات ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق ستافان دي ميستورا حول المناطق المتنازع عليها، وعبرت عن استيائها من عدم تقديمه الحلول المناسبة لهذه المشكلة .

وعلمت quot;ايلافquot; من مصدر عراقي مطلع أن الادارة الاميركية قد أخذت في الإعتبار المعارضة العراقية الواسعة لبنود مسودة الاتفاقية العراقية الاستراتيجية الطويلة المدى التي تجري مفاوضات بين الجانبين لتوقيعها في موعد مقترح نهاية الشهر المقبل، وقدمت صيغة جديدة لها تضم تعديلات عدة. واشار المصدر الى ان هذه التعديلات تنص على عدم استخدام الاراضي والاجواء والمياه العراقية في شن اي هجوم مسلح ضد اي من دول الجوار وهو ما يتماشى مع ضغوط ايرانية لرفض الاتفاقية، تخوفًا من عمل اميركي مسلح ضدها، انطلاقًا من العراق حيث يتواجد 160 ألف عسكري اميركي. كما تتضمن رفع الحصانة عن شركات الحماية الخاصة التي تورطت في عمليات قتل لمواطنين عراقيين خلال السنوات الاخيرة، لكنها تبقيها على الجنود الاميركيين . واوضح ان التعديلات تتضمن ايضًا التخفيف من استخدام الطيران الحربي الاميركي للاجواء العراقية وزيادة استخدام الطيران العراقي لها وبما يزيد عن 29 ألف قدم . وقال ان الصيغة الجديدة تنص على تسليم القوات الأميركية للمعتقلين العراقيين لديها، والذين يزيد عددهم عن العشرين الفًا الى السلطات العراقية من اجل تطبيق قانون العفو العام على المستحقين منهم.

وأضاف المصدر ان هذه التعديلات ستقود بالنتيجة الى تحويل الاتفاقية الاستراتيجية الى مذكرة تفاهم ثنائية لا تستوجب موافقة الكونغرس الاميركي وتسمح للادارة الاميركية المقبلة عدم الالتزام بها اضافة الى مراجعتها من قبل الدولتين سنويًا.
ومن جهته، قال نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح إن الجانب الاميركي سيقدم ضمانات جديدة للجانب العراقي تؤكد على عدم المس بسيادته في الاتفاقية . وقال صالح في تصريح متلفز الليلة الماضية ان الإتفاقية لا تزال مجرد افكار في طور التفاوض، ولن يتم التوقيع او قبول اي اتفاقية تمس بالسيادة العراقية .

وتهدف المفاوضات إلى التوصللـ quot;اتفاقية وضع القواتquot; من اجل ارساء اسس قانونية لوجود القوات الاميركية في العراق بعد 31 كانون الاول (ديسمبر) المقبل عندما ينتهي العمل بقرار مجلس الامن الدولي الذي ينظم انتشارها حاليًا.
وكانت صحيفة quot;التايمزquot; اللندنية قد نقلت أمس عن مسؤول عراقي رفيع قوله إن المفاوضات بين واشنطن وبغداد بخصوص الوجود العسكري الاميركي في العراق وصلت الى مرحلة حرجة مما استدعى تدخل الرئيس الاميركي جورج بوش . واشار الى ان بوش قد اتصل برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الخميس الماضي للتخفيف من التوتر بين الطرفين بهذا الشأن وليؤكد له ان الولايات المتحدة لن تحد من السيادة العراقية، وانه ستتم اعادة النظر بالبنود المثيرة للخلافات من الاتفاقية . واضاف المسؤول ان بوش اكد للمالكي خلال اتصالاتهما الاخيرة quot;انه ستتم اعادة النظر في البنود التي ترفضها الحكومة العراقية من الاتفاقية، وان الهدف من الوجود العسكري الاميركي في العراق هو مساعدة الحكومة العراقية والتنسيق معهاquot;.

وتجرى المفاوضات بين الجانبين حول هذه الاتفاقية منذ اكثر من شهرين وقد ارسلت الحكومة العراقية وفودًا الى اكثر من 80 بلدًا حول العالم مرتبطة بإتفاقيات مشابهة مع الولايات المتحدة للاطلاع على هذه الاتفاقيات. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي اميركي في بغداد قوله ان الاتفاقية بين البلدين ستكون مماثلة لاتفاقيات واشنطن مع هذه الدول، لكن مع فارق وحيد هو حاجة القوات الاميركية في العراق الى خوض القتال في هذا البلد .
يذكر أن إعلان مبادئ قد جرى توقيعه بين المالكي وبوش في كانون الأول (ديسمبر) الماضي يشمل ضمانات أمنية والتزامات تجاه العراق لردع أي عدوان خارجي ينتهك سيادة البلاد ووحدة أراضيه ومياهه وأجوائه. ومن المتوقع أن يتم التوقيع على الاتفاق بنهاية الشهر المقبل ليدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني (يناير) من العام المقبل .
القيادة الكردية ترفض مقترحات ميستورا للمناطق المتنازع عليها
رفضت القيادات الكردية اثر اجتماع برئاسة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني مقترحات ستافان دي مستورا ممثل الأمين العام للامم المتحدة في العراق حول المناطق العراقية المتنازع عليها.
وبعد اجتماع عقدته الرئاسات الثلاث للأقليم والحكومة والبرلمان في كردستان، إضافة الى المجلس الأعلى للأحزاب السياسية في الاقليم في منتجع صلاح الدين (360 كم شمال بغداد) عبر المشاركون عن إستيائهم ورفضهم لمضمون تقرير مقترحات ميستورا الذي لم يتم التوقع ان يكون بهذا الشكل واعتبروا انه لا يصلح ان يكون اساسًا مناسبًا لمعالجة المشاكل. وأشارت القيادات في بيان الليلة الماضية اثر اجتماعها الى ان أغلبية الخطوات في آلية تنفيذ التقرير بعيدة عن النقاط التي وضعت سابقًا، وتم الاتفاق عليها لمعالجة المشاكل اضافة الى انه تحاشى المضمون وتجنب ما جاء في الدستور حول تنفيذ المادة 140 . واضافت ان لجنة ميستورا منهمكة باعمال ثانوية بدلاً من ان تعمل على معالجة المشاكل الاساسية وخصصت جزءًا كبيرًا من التقرير لبعض المسائل التي لم تكن من شأنها.

وبالإجماع عبر المجتعون عن رفضهم لتقرير ميستورا ووصفوه بغير الفعال وقرروا اعداد مذكرة رسمية لتحديد الأخطاء التي تضمنها التقرير ومعالجتها وتضمينها مطالب شعب كردستان وبعثها الى ميستورا واللجنة المختصة وتشكيل لجنة من ممثلي اقليم كردستان لبحث الموضوع مع ممثل الأمين العام للامم المتحدة في العراق. وفي الختام طالبت القيادة الكردية بان يتم اخذ استيائها هذا بالإعتبار ومعالجة الأخطاء والنواقص في التقرير .
وعلى الصعيد نفسه، قال النائب عن جبهة التوافق وعضو لجنة التعديلات الدستورية حسين الفلوجي ان تأخير تعديل الدستور هو سبب رئيس ومركزي في تعقيد مسألة المادة 140 وقضية كركوك بصورة خاصة .
واضاف في تصريح صحافي ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; أن القضية الأهم والأخطر هي كركوك وقال quot;لو سلمنا ان الحل الذي تقدم به السيد دي ميستورا صحيح وهو ان المناطق التي تسكنها كثافة كردية تضم إلى إقليم كردستان والمناطق التي بها كثافة عربية تضم إلى المحافظات العربية الأخرى فستكون كركوك مجزأة ولن تكون هناك مدينةquot; . وشدد بالقول quot;ان هذا هو الذي يقلقنا لان المعيار الذي اعتمد غير صحيح ولا يمكن الركون لهquot;. واشار الى ان الأطراف التي عارضت هذه التعديلات الدستورية على المادة 140 والمواد الأخرى التي تنظم العلاقة بين المركز والمحافظات وإقليم كردستان هي التي تتحمل مسؤولية ما أفرزته الأحداث وستفرزه من تعقيدات كان بالإمكان تجاوزها لو رضيت بالتنازل عن الشيء القليل.
واوضح ان المعارضة كانت شديدة جدًا من قبل كتلة التحالف الكردستاني، وقال ان هذه المعارضة دفعت إلى تأجيلات مستمرة وبات من واجب جبهة التوافق العراقية الآن ان تأخذ المبادرة للضغط على بقية الإطراف وتستمر إلى حين الوصول إلى توافقات سياسية من اجل الانتهاء من ملف تعديل الدستور . وعما تقترحه الجبهة في هذا الاطار اشار الفلوجي الى ان هناك طريقين الأول بحث المشكلة كحزمة واحدة والبحث عن حل يرضي جميع الأطراف مرة واحدة أو ان تجزأ المشكلة والأزمة ويتم البحث عن حلول اخرى .
معروف ان خليطًا من السكان التركمان والاكراد والعرب والكلدوآشوريين يقطن كركوك التي يصل عدد سكانها الى حوالى المليون نسمة ويطالب الاكراد بضمها الى اقليم كردستان الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991 لكن ذلك يصطدم بمعارضة عربها وتركمانها .

وكان ميستورا قد إقترح الخميس الماضي تقسيم كركوك إلى أربع مناطق إنتخابية حتى يمكنإجراء إنتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي فيها والتي يفترض إجراؤها خلال تشرين الأول (أكتوبر) المقبل واقتطاع مدينتين من محافظة الموصل وضمهما الى اقليم كردستان ورفض ضم اثنتين اخريتين إليه وابقاء واحدة ضمن محافظة ديالى والاخرى ضمن الموصل .
ومن جهته اعلن النائب التركماني عن الكتلة الصدرية فوزي أكرم ترزي انه تم حل لجنة المادة 140 في مجلس النواب .وأكد في تصريح صحافي أن هذه اللجنة لم تستطع أن تنهض بمسؤولية لمراقبة لجنة المادة 140 التنفيذية المشكلة من قبل الحكومة وبالتالي انتفت سبب وجود هكذا لجنة لم تستطع أن تقوم بمهماتها الرقابية .وأوضح إلى أن المادة 140 انتهت صلاحيتها في 31 كانون الأول (ديسمبر) عام 2007 وأنها مادة خلافية أحيلت للمحكمة الدستورية للبت فيها وبالتالي كان من المفترض ان يكون للجنة البرلمانية دور محوري ومركزي في هذا الصدد.