طلال سلامة من روما: لاقت مبادرة روبرتو ماروني، وزير الداخلية الإيطالي، المتعلقة بفهرسة البصمات الرقمية لأطفال الغجر، تأييداً quot;عمياء اللونquot; من رؤساء بلديات أهم المدن الإيطالية التي سقطت في قبضة الائتلاف اليميني الحاكم بعد خوض الانتخابات، كما روما وميلانو. وتكمن ذريعتهم في فرصة لا تفوت من أجل حماية هؤلاء الأطفال. حتى دون قراءة النص الذي ينوي ماروني تحويله الى قانون بأقرب وقت ممكن، تنوه quot;ليتتسيا موراتيquot;، رئيسة بلدية مدينة ميلانو، بأن خطة ماروني من شأنها تسهيل مهمات رجال الشرطة. وكأنها تشيع بصورة غير مباشرة عن تجريم أطفال كل من هو غير إيطالي أو غير كاثوليكي. أما جياني أليمانو، عمدة روما الجديد الذي حل محل فالتر فلتروني ولديه سجل حافل بانتماءاته الماضية الى التيارات السياسية الفاشية، فيبرر خطة ماروني بأنها لصالح أطفال الغجر وترمي الى حمايتهم من التسول وتلبية الخدمات quot;الجنسيةquot;. لا شك في أن استغلال الأسر الغجرية لأطفالهم هنا هو السبب الأول والأخير الذي دفع ماروني الى التفاعل مع هذه المشكلة بصورة مفرطة قد تشعل معارك ديبلوماسية داخل ايطاليا وخارجها.
على الصعيد الداخلي، ثمة العديد من الجهات الرفيعة المستوى، المعنية بحماية خصوصية للمواطنين، التي بدأت تتحرك لاستجواب السلطات المختصة، لا سيما محافظي مدن نابولي وميلانو وروما، حول نواياها. فعملية الفهرسة الرقمية هذه قد تختلق مشاكل حساسة قد تشعل بدورها العنصرية تجاه العديد من الجاليات الأجنبية المقيمة بإيطاليا، بخاصة الأطفال الأجانب.
على الصعيد الدولي، أبدت منظمة اليونيسف، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة والمعنية بشؤون الأطفال، عن اندهاشها وقلقها إزاء تحركات ماروني. لأجل مراعاة حقوق المساواة بين جميع الأطفال تقترح اليونيسف على ماروني فهرسة البصمات الرقمية للأطفال الإيطاليين كذلك. صحيح أن خطة ماروني قد تكون quot;عادلةquot; إنما هي مليئة بالاستفزازات. لذلك، لا يترك ماروني فرصة أمام اليونيسيف إلا للرد عليه باستفزازات مماثلة. فأطفال الغجر لا يختلفون عن بقية الأطفال، ولا يمكن ولا ينبغي معاملتهم وكأنهم بالغين.
الغريب في الأمر أنه، ومنذ تولي حكومة سيلفيو برلسكوني السلطة هنا، ركزت المؤسسات الحكومية والرأي العام ووسائل الإعلام الإيطالية انتباهها على جاليات الغجر المقيمة في البلاد. فمن سيخطف الضوء عن هذه الجاليات في الأسابيع القادمة: الأفارقة أم العرب؟
التعليقات