فيتالي ناؤمكين
فينيامين بوبوف
موسكو: عاش بلدنا على مر القرون كمجتمع متعدد القوميات والطوائف. ويعتبر تطوير العلاقات مع العالم الإسلامي بالنسبة لروسيا، إحدى الأولويات الطبيعية في سياستها الخارجية.
ووردت هذه الأفكار في رسالة التحية التي بعثها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى المشاركين في المؤتمر الدولي quot;روسيا والعالم الإسلاميquot; الذي عقد في موسكو مؤخرا. وجمع هذا المؤتمر الذي نظمه مركز الدراسات العربية والإسلامية، وعدد من المؤسسات الروسية والإيرانية وكذلك المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الاسيسكو)، ما يقارب 150 شخصية سياسية واجتماعية ودينية وعلمية من روسيا ودول العالم الإسلامي وأوروبا وآسيا وأميركا.
وكان بين المشاركين في هذا المنتدى المستشرق الروسي المعروف الأكاديمي يفغيني بريماكوف، ورئيس مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية آية الله محمد علي التسخيري، ومدير عام quot;الاسيسكوquot; الدكتور عبد العزيز التويجري، وشخصيات دينية واجتماعية معروفة أخرى.
وتحدث المشاركون عن تقارب قيمنا، وبأنه من الممكن أن تكون تجربة التعايش الوثيق بين الأرثوذكس والمسلمين في روسيا، خير نموذج للدول الأخرى. وأشار المشاركون إلى ضرورة ترسيخ مثل التسامح الديني والاحترام المتبادل في العلاقات بين الحضارات والثقافات. كما جرى التأكيد على ضرورة التصدي المشترك للأفكار المتطرفة. وأشير في المؤتمر إلى أنه من الممكن أن تكون روسيا في ظل تأزم العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي جسرا بين الحضارات.
وأكد المؤتمر، أن علاقات روسيا والعالم الإسلامي في نهوض، وهذا يعزز موقعنا على الساحة الدولية. أما تعايش مختلف الطوائف الاثنية والدينية يجعل بلدنا مريحا أكثر.
ومع ذلك هناك مثل شائع ـ ملعقة قطران تفسد برميل عسل. ومن الممكن أن تصبح قرارات بعض المسؤولين الروس غير المدروسة، ملعقة القطران هذه. فقد كان من الصعب علينا إقناع الزملاء الإيرانيين الذين حضروا المؤتمر بالحجج التي استندت إليها محكمة مدينة غوروديشه بمقاطعة بينزا، التي اعتبرت وصية مؤسس جمهورية إيران الإسلامية الإمام الخميني وثيقة متطرفة، وكذلك هيئة التسجيل الفدرالية التي أدخلت quot;الوصيةquot; للإمام الخميني في قائمة المواد التي تعتبر متطرفة. وشاهدنا أن هذا الخبر أزعج الزملاء الإيرانيين الذين وصفوا للتو موقف روسيا من الإسلام والعالم الإسلامي بأنه مثالي. وزادت من حدة المشكلة واقعة فرض حظر في روسيا الجديدة لأول مرة على بيع وطباعة ونشر عمل مؤسس دولة أجنبية، وليس مجرد مؤلف. وهذه الدولة في غضون ذلك جارتنا وتربطنا معها علاقات ودية. ومن المعروف أنه توجد في العالم دول لا تتعاطف مع إيران. ولكن لم يفرض إي بلد في العالم حظرا على أعمال الإمام الخميني.
وقبل سنة ونيف فرض حظر على 14 كتابا للفقيه التركي سعيد نورسي. وإننا أقدمنا على هذا الحظر بمفردنا أيضا. وتلقوا في تركيا ـ دولة إسلامية جارتنا أيضا، هذا الخبر الذي ساوى بين جماعة النور (مؤسسها سعيد نورسي) وأنصار quot;القاعدةquot; عمليا، كما في الحالة الإيرانية، باستغراب.
وجازفنا وقرأنا هذه الأعمال المتطرفة، ولكن لم نجد فيها في الحقيقة ما يجدر حماية أبناء وطننا منه. كما أن اهتمام مسلمينا، وليس المسلمين وحدهم، بهذه الأعمال مجرد زاد بعد الحظر، لأنه كان شائعا في العهد السوفيتي، أن الحظر هو خير دعاية. ومع ذلك، ليس هذا المقصود هنا.
ولا يقلقنا إطلاع القارئ الروسي الناضج تماما، بما في ذلك المسلم الروسي، على الكتب التي من المستحيل رسم صورة مكافئة عن العالم المحيط بنا بدون التعرف عليها، بل يشغل بالنا بالمرتبة الأولى، أنه بوسع رأي بعض الأشخاص العرضيين (فتاتان ـ quot;خبيرتانquot; كان رأيهما الأساس لقرار المحكمة بشأن quot;الوصيةquot; للإمام الخميني) التأثير سلبيا على علاقات روسيا الودية التي بنيت بجهد مع الدول الإسلامية.
ومن الضروري لإصلاح هذا الوضع تغيير نظام اتخاذ هذه القرارات القضائية التي تمس مصالح الدولة الوطنية الأساسية. فالمحاكم يجب أن تكون مستقلة. ولكن لا يضير توجيه السؤالين:
ـ من هم القضاة؟
ـ وما هو مستوى مؤهلات الخبراء الذين يكون رأيهم حاسما في قرار المحكمة؟
التعليقات