نجلاء عبد ربه من غزة: لم تصدق سالي الخبر عندما أخبرتها أختها quot;سلافهquot; أن أبيها قرر اليوم أخذ الأسرة كلها لنزهة على بحر غزة. فالأمر بالنسبة لسالي أصبح حلما تتمنى حدوثه بعد عام دراسي إجتهدت الفتاة فيه كي تتأهل للثانوية العامة أكثر نشاطاً وإجتهاداً.

كانت لحظات جميلة عندما ركبت سالي وأسرتها سيارة الأجرة، وتمضي الساعات.. ويرخي الليل ستارته على غزة ويحين موعد العودة لمن قرر التنزه في هذا اليوم الحار الآتي بموجة غير طبيعية على المنطقة، وتعود سالي وأسرتها للبيت دون فرحة الذهاب، فهي التي كانت تحدث عن تمنيها لعدد من نزهات مختلفة تجمع من خلالها طاقة وحيوية ونشاطاً، إلا أن ما حصل عكس ذلك.

فبينما كانت سالي تلهو بحبات الرمل على شاطئ غزة الذي إكتظ بزواره، كما قالت، هروباً من أشعة الشمس الحارقة داخل منازل الفلسطينيين في قطاع غزة، وإذا بالبوارج الحربية الإسرائيلية تقترب أكثر فأكثر من شاطئ غزة، ما أثار الخوف والرعب لدى الجميع.

وترتجف سالي قليلاً، كلما تتعمق في سرد حكايتها مع بحر غزة اليوم. وتقول quot;بداية، عندما رأيت البوارج الحربية الإسرائيلية. أول ما تذكرت غير الطفلة هدى غالية، عندما قتلت نفس البوارج أسرتها شمالي قطاع غزة، على إمتداد هذا الشاطئ، وأصابني الرعب أكثر عندما صوبت مدافعها تجاهنا، ما حذا بي لدخول خيمة كان والدي قد نصبها على الشاطئ لتقينا من حر الشمس الحارقةquot;.

وتضيف الفتاة لـ إيلاف quot;أيقنت بعد لحظات أن الموت يحيم بنا من كل جهة، فشاطئ غزة كان مكتظاً اليوم، وأي قذيفة إسرائيلية ستطلق عليه، سيحول التنزه والإستجمام إلى بركة من الدماء.. وما هي لحظات إلا وسمعت ذوي إنفجار هائل هز أعماق قلبي، وبدأت أبكي دون شعور، فأنا لا أعلم ماذا حصل!؟ وأين أتت القذيفة!؟quot;.

ولأن الرعب لدى سالي لم يكن بدرجة المجزرة، خاصة وأن وسائل الإعلام لم توقف برامجها وتنشر خبراً مباشراً حول مجزرة ما في غزة، حينها داعبت صديقتي الصغيرة لأطمنها أنها وأسرتها بخير، وأن لا مكروهٍ أصابهم، أو حتى أصاب غيرهم.

لم أفكر طويلا لأبعد الفتاة عني قليلا، كي يتسنى لي معرفة ما حصل بالضبط من خلال الإتصال ببعض الأصدقاء، فسالي تعشق شرب الكابتشينو على شرفة منزلي، وتعذرت لها بالإتصال بأحد زملائي في العمل لأسأله عن صحته.

حينها أبلغني أن البوارج الحربية الإسرائيلية استنفرت عصر اليوم وأطلقت قذيفة صوب هدف مائي مجهول لديها، أعتقدت أنها عملية ضد إسرائيليين ، وحينما عادت تلك البوارج لأماكنها السابقة، دخل صيادون غزة لمنطقة الإنفجار، وإذا بدولفين يطفو على سطح البحر وقد غرق بدمائه.

فالدولفين الذي ضل طريقة صوب شاطئ غزة، لم يعلم أن إسرائيل بترسانتها الهائلة تنتظره لتغتاله، كما إغتالت الشجر والحجر والإنسان منذ عقود مضت.. ولم تدرك سالي أن الهدف هذه المرة كان دولفين.