الأمم المتحدة تساعد إنسانيًا 2.5 مليون عراقي بمدينة الصدر
ممثلو 15 دولة يبحثون بالبصرة تغليب الحوارعلى العنف الطائفي

أسامة مهدي من لندن: بمشاركة 200 شخصية إسلامية شيعية وسنية تمثل 15 دولة بدأ اليوم في مدينة البصرة العراقية الجنوبية وسط إجراءات أمنية مشددة مؤتمر دولي إسلامي لبحث وسائل تغليب لغة الحوار وقبول الرأي الآخر على لغة القتل والعنف من خلال التركيز على قضية الوحدة الإسلامية ونبذ التطرف والعنف الطائفي... بينما أعلن مكتب الأمم المتحدة في العراق أن وكالات المنظمة الدولية تعكف حاليًا على تقديم مساعدات إنسانية لحوالى 2.5 مليون شخص يسكنون بمدينة الصدر الحي الشعبي الأكبر في بغداد وإعادة تأهيل 1000 منزل وعشرات المحال التجارية وتوفير الأدوات المنزلية للأسر المعوزة بكلفة 10 ملايين دولار.

ويهدف المؤتمر الإسلامي الذي يعقد في مدينة البصرة ( 550 كم جنوب بغداد) إلى الإنفتاح على المدارس الإسلامية في العالم وإيجاد لغة مشتركة لتوحيد صفوف المسلمين وكذلك التأكيد على إستبدال لغة القتل والعنف والتهميش بلغة الحوار وقبول الرأي الآخر إضافة إلى التركيز على قضية الوحدة الإسلامية ونبذ التطرف والعنف الطائفي في مسعى لعودة العراق عمومًا والبصرة ثاني أكبر مدن العراق بعد بغداد خاصة مدرسة للفكر وحاضرة للعلم والعلماء .

ويشارك في المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام اكثر من 200 شخصية دينية من 15 دولة عربية واسلامية من بينها سوريا ومصر والسعودية والمغرب ولبنان والجزائر والبحرين والكويت والامارات واليمن وتركيا وايران وكينيا وغانا والنيجر اضافة الى العراق . وقال الشيخ محمد فلك ممثل المرجع الديني الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني فی البصرة والمشرف على المؤتمر ان هذ المؤتمر يهدف الى ترسيخ الثقافة الاسلامية الوسطية عموما من اجل تعميق ثقافة التعيش والحوار مع الاخرين من مسلمين وغير مسلمين من الديانات الاخرى والانفتاح على المدارس الاسلامية فی العالم وايجاد لغة مشترکة لتوحيد صفوف المسلمين .

وبحسب اللجنة المنظمة للمؤتمر فإن المؤتمر الذي سيعقد تحت شعار quot;من الامام علي بن ابي طالب نستلهم ثقافة التعايش والوئامquot; يهدف الى ترسيخ الثقافة الاسلامية والتأكيد على ان الشعب العراقي يسعى الى الاطلاع على ثقافة الآخر والتعريف بثقافة الحوار التي يجب ان تكون بديلة عن ثقافة العنف والقتل. واشارت الى ان شخصيات رسمية متمثلة برئاسة الوزراء واعضاء مجلس النواب واخرى من الوقفين السني والشيعي ومعتمدي المرجعية الدينية اضافة ممثلي 15 دولة عربية واسلامية . وينعقد المؤتمر وسط اجراءات امنية مشددة في المدينة حيث انتشر افراد القوات الامنية في شوارعها وتم تكثيف نقاط التفتيش العسكرية .

ومن المنتظر ان تدور نقاشات المؤتمر على خمسة محاور تشمل موضوعات التعايش السلمي عند الامام علي بن ابي طالب مع المسلم وغير المسلم اضافة الى احترام حقوق الاخر في حالة الحرب ونظرة في التراث الفكري عنده وبحوث اخرى تتعلق في الدعوة الى التعايش السلمي مع الديانات الاخرى . وسينظم على هامش المؤتمر الذي ينعقد مع ذكرى ولادة الامام علي بن ابي طالب التي تصادف 13 رجب عام 1429 الموافق ليوم 17 تموز (يوليو) عام 2008 معرض ثقافي تشارك فيه 11 مؤسسة دينية وثقافية وفكرية .

وكالات الامم المتحدة تقدم مساعدات لمليوني عراقي بمدينة الصدر

قالت بعثة الامم المتحدة في العراق ان وكالات المنظمة الدولية تعكف حاليًا على تقديم مساعدات انسانية لحوالي 2.5 مليون شخص يسكنون بمدينة الصدر الحي الشعبي الاكبر في العاصمة العراقية بغداد وإعادة تأهيل 1000 منزل وعشرات المحال التجارية وتوفير الأدوات المنزلية للأسر المعوزة بكلفة 10 ملايين دولار. واضافت البعثة ان المحنة والظروف التي يعيشها 2.5 مليون شخص من سكان مدينة الصدر قد شدّت إنتباه المجتمع الدولي حيث تركزت على مدى الأشهر القليلة الماضية العمليات العسكرية بشكل كثيف في الجزء الجنوبي من المدينة فيما قامت وكالات الامم المتحدة بتقديم مساهماتها من أجل تحسين حياة المدنيين الأبرياء.

واضافت في تقرير لها اليوم، أنه قد تم توجيه المساعدات الإنسانية على وجه الخصوص من خلال وكالات الأمم المتحدة مثل صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة quot;اليونيسيفquot; وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية من خلال قيامها بتوزيع ملايين اللترات من المياه الصالحة للشرب وأقراص تنقية المياه والإمدادات الطبية وإمدادات المعونة الغذائية حتى أثناء ساعات حظر التجول. واضافت البعثة انها والوكالات التابعة للأمم المتحدة تواصل حث الجميع على الإمتثال للقانون الإنساني الدولي ومعايير حقوق الإنسان لا سيما في ما يتعلق بتوفير فرص الحصول على المساعدات الإنسانية للسكان كما دعت إلى ضرورة الإنتباه أيضاً إلى التمييز بين الميليشيات والمدنيين خلال العمليات العسكرية.

وتعد مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أحد أهم وكالات الأمم المتحدة التي تقدم الخدمات لسكان مدينة الصدر وهي منظمة تعنى بشؤون اللاجئين بمزيد من التركيز بما في ذلك إعادة بناء المنازل المتضررة جراء العمليات العسكرية من أجل تمكين الناس من البقاء في منازلهم. وقال ممثل المفوضية في العراق دانييل إندريس، quot;إن المطلوب هو اتخاذ إجراءات فورية على جميع الجبهات لمساعدة الناس على البقاء في منازلهم على وجه الخصوص وعدم التعرض للنزوحquot;. وقد قامت المفوضية مع ثلاث شركاء عراقيين بإعادة تأهيل 209 منزلا في منطقة الشعلة ومدينة الصدر اضافة الى العمل على إعادة تأهيل 1000 منزل آخر في مدينة الصدر بشكل رئيس. وتقدر تكلفة إعادة تأهيل هذه المنازل بما في ذلك إصلاح المحلات التجارية في سوق جميلة وتوفير الأدوات المنزلية للأسر المعوزة بما يقارب 10 ملايين دولار.

وتؤكد بعثة الامم المتحدة ان هذه الجهود قد اسهمت بالفعل في إحداث تغيير في حياة المواطنين العاديين. وقال ممثل المفوضية في العراق quot;إن التدخلات الإنسانية في مثل هذه اللحظات على الرغم من المخاطر والعقبات تمثل رمزًا مهمًا للتضامن الذي يمكن أن يُحدث فرقًا في حياة الناس.quot; وأضاف quot;إذا كنتم في العراق وإلتقيتم الشعب الذي عانى العديد من المصاعب وعلى الرغم من ذلك لديه الكثير من الحماس لتحسين الأوضاع في بلاده فإنني أصبحت أكثر اقتناعًا بأن وجودي على رأس المفوضية في العراق ليس مهمًا فحسب بل ضروريًاquot;.

وعن اوضاع اللاجئين والنازحين داخليًا في العراق قال اندريس أن quot;من بين كل ستة عراقيين هناك نازح واحد مما جعل من هذه الأزمة إحدى الأزمات الإنسانية الهائلة في التاريخ الحديثquot;. واوضح ان عددًا كبيرًا من العراقيين يصل عددهم الى 1.5 مليون شخص قد اضطروا إلى النزوح في عامي 2006 و 2007. وبشيء من التفاؤل أشار إندريس إلى quot;أنه لأمر جيد أن نرى أن هناك إنخفاضًا كبيرًا في عمليات النزوح منذ الصيف الماضي وقد بدأ بعضهم في العودة بالفعلquot;.

وبالإضافة إلى هذه الجهود المبذولة في مجال إعادة التأهيل، قامت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتوزيع المواد غير الغذائية مثل مراتب الأسرّة والبطانيات والصفائح والمواقد وأدوات المطبخ على أسر النازحين أو الأسر التي تم تصنيفها ضمن الفئات الضعيفة نتيجة لظروف العنف السائدة.

وكانت مدينة الصدر قد شهدت منذ بدء العمليات العسكرية في مدينة البصرة الجنوبية اواخر اذار (مارس) الماضي مواجهات بين مسلحين تابعين لجيش المهدي بقيادة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر من جهة والقوات العراقية والاميركية من جهة اخرى ادت الى مقتل واصابة حوالي 3 الاف شخص اضافة الى مئات المعتقلين .