مصر ترعى الحوار والشارع الفلسطيني ينتظر النتائج
حوار فتح وحماس .. مبادرات جديدة تنتظر مصيرها
ميرفت أبو جامع من غزة:
ينتظر الفلسطينيون بقلق في شطري الوطن المنقسم تارة بفعل الصراع الفلسطيني الفلسطيني وأخرى صراعهم المزمن مع إسرائيل، انطلاق الحوار الفلسطيني، وطي هذه الصفحة السوداء والدامية والأسوأ في تاريخهم من الخلاف والشقاق التي استمرت لأكثر من عامين، ذاق فيها الشعب عذابات شتى، في ظل ظروف دولية وحصار طال جوانب الحياة كافة في قطاع غزة.

وتجري حاليا لقاءات مكثفة مع قيادات من مختلف الفصائل الفلسطينية تقودها quot;قوى اليسار الفلسطينية quot;التي توحدت تحت هذا المسمى مؤخرا، من أجل الوصول إلى صيغة توافق وطني تنهي الانقسام الفلسطيني الذي نجم عن الصراع بين الفصيلين فتح وحماس منذ إحراز الأخيرة فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية عام 2006.

العودة للحوار ضرورة ملحة
واتفقت أمس quot;قوى اليسارquot; المكونة من quot; الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب quot;خلال اجتماعها مع حركتي الجهاد الإسلامي وحركة حماس على ضرورة إنهاء الانقسام والعودة إلى الحوار الوطني الفلسطيني وتشكيل حكومة توافق وطني وإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية ومهنية وتفعيل دور المجلس التشريعي واحترام نتائج الانتخابات وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية في الانتخابات، وفقا لما جاء في الوفاق الوطني وإعلان القاهرة،وذلك كأرضية لانطلاق الحوار المتوقع الأسبوعين المقبلين .
وكانت آخر المبادرات العربية لانطلاق الحوار الفلسطيني المبادرة اليمنية التي أطلقها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وتبنتها فيما بعد جامعة الدول العربية أوائل العام الحالي، مستندة إلى اتفاق القاهرة (عام 2005) واتفاق مكه (عام 2007) وأفشلتها أطراف النزاع الفلسطيني .

تاريخ دام من الصراع
وشهدت العلاقة بين الفصيلين quot; فتح وحماسquot; توترا بعد سيطرة الأخيرة على قطاع غزة في حزيران العام الماضي، و استيلائها على مقار الأجهزة الأمنية ومؤسسات السلطة بعد معركة حسمت لصالحها .
ولا يزال الفصيلان يحتجزان عشرات المعتقلين السياسيين لدى سجونهم في الضفة وغزة، على خلفية الانتماءات السياسية وهو ما نفته في حينه حماس وقال الناطق باسم الحكومة المقالة طاهر النونو في تصريحات سابقة ان المعتقلين محتجزون على خلفيات جنائية وليسوا معتقلين سياسيين الأمر الذي استهجنه بالمقابل الناطق باسم فتح فهمي الزعارير الناطق باسم حركة فتح في الضفة الغربية، مؤكدا ان الاعتقالات التي تمارسها حماس بحق عناصر فتح هو اعتقال سياسي بالدرجة الأولى وليس على خلفية جنائية.
واشتد الخلاف والصراع بعد حادثة تفجير الشاطئ التي راح ضحيتها خمسة مقاومين يتبعون كتائب القسام الذراع العسكري لحماس وطفلة واتهمت الأخيرة عناصر من فتح ينتمون لعائلة حلس بالوقوف وراءها.
وفي إطار ردود الفعل المتبادلة شرعت الأجهزة الأمنية التابعة للحكومتين في قطاع غزة والضفة الغربية بحملة اعتقال واسعة ، طالت العشرات من عناصر ومؤيدي حركة فتح في قطاع غزة ، و أمثالهم من عناصر ومؤيدي حركة حماس في الضفة الغربية ، ورغم استجابة الحكومتين للمبادرات الوطنية والرسمية الرامية إلى تهدئة النفوس بينهما وأفرجا على بعض من المعتقلين السياسيين، ولكنهما أبقيا على اعتقال آخرين من المعتقلين السياسيين، وذلك دون مبرر قانوني.
وقالت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان وتعمل في غزة إنها تتابع بقلق كبير استمرار إخضاع عناصر من حركتي فتح وحماس للاعتقال السياسي والاعتقال التعسفي، معتبرة ذلك انتهاكاً خطراً لحقوق الإنسان والقانون الفلسطيني، ودعت الضمير الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء في حكومة غزة المقالة إسماعيل هنية، إلى ضرورة إنهاء معاناة هؤلاء، وبالإفراج الفوري عن جميع من اعتقل على خلفية الانتماء السياسي.

وطالبت القوى في بيان أمس الفصيلينquot; فتح وحماسquot; بخطوات تمهيدية تساعد على إنجاح الحوار، ومنها وقف الحملات الإعلامية والإفراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين في غزة والضفة والعمل على تشكيل لجنة وطنية لإنهاء ملف المعتقلين السياسيين في كل من الضفة والقطاع..
وقال كايد الغول القيادي في الجبهة الشعبية ان القوى الخمس اتفقت على كل ما ذكر و على تشكيل لجنة عليا لتناقش تفاصيل ملفات الحوار .انه سيجري ترتيب اللقاء مع حركة فتح يوم الاثنين القادم .
مبادرة عربية لإنقاذ الوضع
وتزامنا مع لقاءات الفصائل في غزة قالت صحيفة المنار المقدسية أمس عن مصادر فلسطينية quot; إن اتصالات سرية مكثفة تجري بين القاهرة وعدد من العواصم العربية من أجل بلورة موقف واحد مشترك يمهد لحوار فلسطيني فلسطيني ويضمن نجاح هذا الحوار وحمل طرفي النزاع في الساحة الفلسطينية على القبول بمبادرة عربية تنقذ الساحة الفلسطينية وتنزع فتيل الصراع نهائيا.
وكانت القيادة المصرية وجهت مذكرات خطية للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية بهدف معرفة وجهات نظرها من الحوار الوطني الشامل.واشتملت المذكرات على ثلاثة أسئلة محورية، تتعلق بالحوار الوطني وسبل إنهاء الانقسام الفلسطيني.
وبدورها ردت الفصائل في حينها على الأسئلة المصرية وتقوم القاهرة بدراستها من أجل بلورة رؤية مصرية شاملة للحوار من كافة جوانبه استنادا إلى الرؤى والمفاهيم التي ستطرحها قيادات الفصائل، عندما يتم الالتقاء بها في القاهرة في إطار ثنائي.

ويشير الكاتب والمحلل السياسي رجب أبو سرية إلى ان هناك اتصالات بالفعل وان لم تكن رسمية بين قادة فصائل فلسطينية والقاهرة لانطلاق الحوار، متوقعا ان يتم ذلك في غضون الأسبوعين المقبلين وقال ابو سرية لإيلاف: quot;اعتقد ان هناك ما يدفع الفلسطينيين للحوار بعد ان تبددت الأوهام حول حل الدولتين خلال العام الحالي وبعد مرور شهرين على التهدئة وخيبة امل القيادة الفلسطينية بإمكانية ان تقدم إسرائيل على فك الحصار عن غزة.
ويضيف quot; والأهم هو أن الجميع يعلم انه ان لم تنطلق جولة الحوار فان هناك استحقاقات بعد بضعة أشهر يمكن في حال الوصول إليها في ظل الانقسام ان تحدث مواجهة سياسية مدمرة مشيرا إلى احتمالية نشوب حرب أهلية فلسطينية .
وذكرت مصادر فلسطينية لصحيفة quot;المنارquot; ان قيادات التنظيمات الفلسطينية المختلفة تلقت تقارير خطرة تؤكد خطورة استمرار الأزمة وتعثر حلها وتأجيل إنهائها مشيرةإلى أنهاحذرت من خطورة الانزلاق وراء مواقف هذا المعسكر الإقليمي او ذاك، وما تبيته الولايات المتحدة ودول أوروبية ضد القيادة الفلسطينية .
واستعرضت (المنار) بنود المبادرة العربية التي يجري نقاشها من اجل تمريرها وإلزام الفصائل الفلسطينية بقبولها وتطبيقها وتتكون من أربعة عشر بندا أهمها:
وقف كافة الحملات التحريضية من إعلامية وغيرها.وإطلاق سراح كافة المعتقلين من حماس وفتح في وقت واحد وبإشراف لجنة عربية تقودها القاهرة.و السماح بعودة المواطنين الذين غادروا قطاع غزة دون التعرض لهم.و إلغاء الحظر المفروض على عدد من الجمعيات والمؤسسات في الضفة والقطاع. الالتزام بوحدانية وشرعية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية لكافة شرائح الشعب الفلسطيني وذلك عبر البدء بإصلاح وإعادة هيكلة منظمة التحرير مع انطلاق الحوار الفلسطيني على ان يتم الانتهاء من ذلك خلال 4 اشهر.
و ان تقوم حركة حماس بإخلاء تواجدها وعناصر من مؤسسات ومقرات السلطة في قطاع غزة السياسية منها والأمنية وعودة هذه المواقع الى السلطة الشرعية.
وأكدت المصادر لـ (المنار) أن الايام القليلة القادمة سوف تشهد زيارات على مستوى عال ل قيادات الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة مشيرة الى ان الحوار قد ينطلق في مبنى الجامعة العربية خلال أسبوعين ثم ينتقل الى مكان آخر بعيدا من وسائل الاعلام برعاية مصرية وبمشاركة من لجنة مشكلة من ممثلين لعدد من الدول العربية، بل وتحدثت المصادر عن زيارة لمشعل مرتقبة في غضون الأسابيع المقبلة للقاهرة.
ويؤكد ابو سرية ان الفصائل الفلسطينية مطالبة قبل أي وقت بانطلاق الحوار الوطني الفلسطيني وانجاز اتفاق للمصالحة يطوي صفحة دامية من الصراع خاصة في ظل تهديدات كليهما باتخاذ جملة إجراءات تعتبر عمليا مدمرة سياسيا ،فحركة حماس اعلنت أنها لن تعترف بشرعية الرئيس ابي مازن، بعد انتهاء ولايته في شهر كانون الثاني المقبل، وربما تسبقه حركة فتح بإجراءات من شأنها quot;حرق الجسورquot;، من خلال الإعلان اولاً عن ان الدعوة للحوار، ليست مفتوحة الى الآن، وثانياً ان جعبة السلطة المركزية ليست خالية من الإجراءات الاستباقية التي من شأنها أن تقلب الطاولة في وجه حماس.

ولفت أبو سرية إلى انه لم يتم الإعلان رسمياً عن اجتماع للقيادة الفلسطينية ، لكن هناك تسريبات أشارت الى ان السلطة المركزية أبلغت مصر والجامعة العربية، وربما عواصم عربية اخرى، بنيتها إعلان قطاع غزة إقليما متمرداً على الشرعية وعلى السلطة المركزية، ومتابعة كل ما يترتب على ذلك من إجراءات قضائية وسياسية وإدارية.
وحتى يتم تجنيب الشعب الفلسطيني ويلات جديدة وعذابات هو في غنى عنها لابد من إعمال العقل وحده، والتفكير في السياسة بمنطق أكثر واقعية، يمكنه فقط أن يجنب الفلسطينيين الذهاب إلى الخيار الأسوأ، فيما الوقت المتبقي، قد لا يكون كافياً لتطبيق الحل الذي يمكن التوصل إليه، لكي ينزع فتيل اندلاع quot;أم المعاركquot; السياسية الفلسطينية، يختتم أبو سرية.