طلال سلامة من روما: لم ينس روبرتو ماروني، وزير الداخلية، القواعد الإنسانية التي يتحلى بها أي بشري عاقل ومتعقل على سطح الكرة الأرضية. الى جانب سلوكه المتحجر وغير المتسامح الذي لعله كان القاعدة الرئيسية التي رفعته الى مناصب وزارية مرموقة، لم يستطع هذا الوزير إخفاء تضامنه سراً مع المهاجرين غير الشرعيين عن طريق ضلوعه بفضيحة إنسانية قد تسبب له بعض المشاكل الإدارية لا أكثر.

اليوم، يواجه حزب رابطة الشمال سوية مع وزير الداخلية أزمات إنسانية وطنية وواجبات دولية ينبغي التقيد بها مهما كان الثمن. فأعداد المهاجرين الذين يدخلون ايطاليا سراً يتضاعف ناهيك من زيادة طلبات اللجوء السياسي التي دفعت حكومة برلسكوني الى بناء مراكز احتجاز جديدة بسرعة البرق. في معظم الأحيان، تدير هذه المراكز أطراف خاصة دون دراية رؤساء البلديات التي تقع فيها هذه المراكز الجديدة. للآن، يبلغ عدد مراكز الاحتجاز الخاصة، التي ستستقبل أولئك الذين طلبوا حق اللجوء السياسي، ثلاثين مركزاً. وسيدير هذه المراكز، التي من المتوقع أن تنتشر من أقصى شمال ايطاليا الى أقصى جنوبها لاحتضان نحو 2500 مهاجر غير شرعي، جمعيات دينية وخيرية وخاصة. ومن اللافت أن معظم المهاجرين الذين يرغبون الحصول على حق اللجوء السياسي يأتون من العراق والصومال وأفغانستان وإريتريا. لدواع إنسانية، لا تستطيع ايطاليا، إلا في الحالات الاستثنائية، ترحيلهم الى بلادهم أين ينتظرهم الموت الحتمي.

برغم من عدم فعالية مراكز الاحتجاز الخاصة، في بعض الأحيان، إلا أن وزارة الداخلية ترى فيها خلاصاً مؤقتاً لها حيث يستطيع هؤلاء المهاجرون الخروج من هذه المراكز صباحاً ليعودون إليها ليلاً. ويظهر شمال شرق ايطاليا، أين يسجل حضوراً سياسياً بارزاً لحزب الشمال، تضامناً كبيراً مع هؤلاء المهاجرين.

في الدول الأوروبية الأخرى، كما سويسرا، تلجأ الحكومات الى مراكز تابعة للبلديات من أجل استقبال المهاجرين غير الشرعيين مؤقتاً. بيد أن هذه الإجراءات تتم سراً بإيطاليا اعتماداً على موافقة البلديات ومدى تضامنها معهم. للآن، ثمة بلديات قليلة هنا تعرض انفتاحها على هذه الفكرة. لذلك، يتبع ماروني خطة بديلة لا تحتاج الى موافقة رؤساء البلديات ولا حتى موافقة عمدة روما. فانتظار موافقة البلديات، حسب ما تفيدنا به وزارة الداخلية، يحتاج الى وقت طويل مما سيرمي بالشوارع الإيطالية آلاف المهاجرين الصائعين والضائعين. وهذه خطوة متهورة لا تدخل إنسانياً في منهج ماروني المتميز بقلبه القاسي.