بغداد : عندما تولى الجنرال ديفيد بتريوس قيادة الجيش الاميركي في العراق في فبراير شباط عام 2007 كانت البلاد على حافة حرب أهلية شاملة.
كانت تفجيرات السيارات الملغومة تقع في بغداد كل يوم بما في ذلك 42 تفجيرا خلال الشهر الذي تولى فيه منصبه.
ولكن بدعم من 30 ألف جندي أميركي اضافي نفذ بتريوس استراتيجية جديدة لمواجهة التمرد التي ساعدت مع عوامل أخرى في ابعاد شبح الحرب عن العراق.
ويسلم بتريوس قيادة القوات الاميركية في العراق الى نائبه السابق اللفتنانت جنرال ريموند أوديرنو يوم الثلاثاء. وشغل أوديرنو منصب نائب قائد القوات الاميركية في العراق لمدة 15 شهرا حتى فبراير شباط وستجري ترقيته الى رتبة جنرال يوم توليه القيادة.
وسيترك بتريوس وراءه عراقا مختلفا. اذ تراجع العنف لمستويات لم تشهدها البلاد منذ عام 2004 ويتحدث مسؤولو العراق الان بحماس عن جذب الاستثمارات الاجنبية.
ويقر بتريوس بأنه كانت تجول في خاطره أفكار سوداء في بعض الاحيان خلال توليه قيادة الجيش.
وصرح بتريوس لرويترز في مقابلة ببغداد في أواخر يوليو تموز quot;دون شك اذا كنت صريحا مع نفسك تكون هناك لحظات تتساءل ما اذا بامكانك أن تحقق الهدف المرجو.quot;
وأضاف quot;ولكننا في مكان مختلف للغاية الآن عما كان عليه قبل عام أو قبل عام ونصف العام.quot;
وسيظل بتريوس مشاركا في سياسة العراق عندما يتولى الشهر المقبل منصب قائد القيادة المركزية الاميركية وهو المقر الذي يشرف على العمليات في عدة دول بالشرق الاوسط وخارجه بما في ذلك أفغانستان.
وأمضى بتريوس وقتا في العراق أطول من أي شخصية عسكرية أميركية أخرى منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 .
وفي حين أن بعض المنتقدين يتساءلون عما اذا كانت المكاسب الامنية في العراق قابلة للاستمرار وما اذا كان يرافقها تقدم سياسي كاف كان بتريوس عنصرا محوريا في خفض وتيرة العنف.
ولدى توليه القيادة في العراق نقل القوات من قواعدها الكبيرة المحصنة الى مراكز التجمعات السكانية في بغداد حيث كان تنظيم القاعدة يعيث فسادا بتفجيرات السيارات الملغومة وكانت فرق الموت الطائفية تجوب الشوارع بحرية كاملة.
وكان هذا يعني اقامة نقاط قتالية صغيرة مشتركة في أنحاء بغداد وأماكن أخرى حيث كان يعيش الجنود الاميركيون ويقاتلون مع الجنود العراقيين. كما أمر بتريوس بموجة من العمليات الصارمة ضد المسلحين في كافة أنحاء البلاد.
كبدت المراحل الاولى الجيش الاميركي خسائر كبيرة خلال الشهور من ابريل نيسان الى يونيو حزيران عام 2007 اذ قتل أكثر من 330 جنديا أميركيا في العراق لتصبح أكثر الفترات دموية في الحرب.
ولكن عدد القتلى من القوات الاميركية بدأ ينخفض سريعا مع نشر القوات الاضافية وزيادة عدد مجالس الصحوة التي انضمت للمعركة ضد تنظيم القاعدة كما طلب رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر من ميليشيا جيش المهدي التابعة له الالتزام بوقف لاطلاق النار.
والتزم بتريوس بجدول أعمال منهك..
كان يقوم بزيارات منتظمة الى ساحة المعارك للتحدث الى الجنود ومعرفة ارائهم بخصوص الطريقة التي تدار بها الحرب.
وعندما وصل بتريوس الى قاعدة عسكرية في محافظة ديالى المضطربة في أكتوبر تشرين الاول الماضي في رحلة رافقته رويترز خلالها عقد على الفور اجتماعا مع صغار الضباط. وكان يريد أن يستطلع اراءهم دون وجود قادتهم.
ويقول مساعدون ان هذا كان جزءا من أسلوب بتريوس أي تشجيع صغار الضباط الميدانيين يوميا على التحدث بصراحة في غير وجود قادتهم المباشرين. أما الجنود فكانوا يبعثون له برسائل عبر البريد الالكتروني.
كما أظهر بتريوس مهارة إعلامية في بغداد وواشنطن اذ لم يسمح أبدا بأن يستدرج الى توقعات مفرطة في التفاؤل بشأن العراق عندما كانت الاحصاءات فيه تظهر أن العنف تراجع بشدة. وحتى في الوقت الحالي يقول مرارا انه لن تكون هناك quot;رقصة نصرquot; في العراق.
وقال ريتشارد كون وهو مؤرخ عسكري في جامعة نورث كارولاينا ان بتريوس يحظى بشعبية أكثر من أي قائد عسكري أميركي اخر منذ سنوات ولكنه حذر من أن هذا الوضع قد يتغير اذا لم تكن الاوضاع على ما يرام في العراق أو اذا لم يكن أداؤه جيدا في منصبه الجديد.
وأضاف كون أن بتريوس سيواجه تحديات أكثر صعوبة مثل الحرب في أفغانستان والتشدد في باكستان عندما يتولى القيادة المركزية.
وأردف قائلا quot;بين يديه وضع أكثر تعقيدا.quot;