بعد سيطرتها على مراكز القوى العائلية:
حماس في غزة تتقوى... المعاني والأبعاد

خلف خلف ndash; إيلاف: قوت حركة حماس من سيطرتها على قطاع غزة خلال الثلاثة شهور الماضية، ونجحت في فرض طاعتها على مراكز القوة العائلية، وأبرزها عائلة دغمش في حي صبرا وسط القطاع التي اعتادت أن تعمل تحت اسم quot;جيش الإسلامquot;، وعائلة حلس في حي الشجاعية.

كان احمد حلس الشخصية الكبرى في العائلة، في الماضي أمين سر فتح في القطاع، واكبر خصم لمحمد دحلان، لقد رأس جماعة رجال فتح الذين تعاونوا مع حماس، لكن هذه الحقيقة لم تنفعه على أرض الواقع. كان من المهم للأخيرة أن تحطم قوة العائلة العسكرية كمركز القوة الوحيد لفتح الباقي في القطاع. ولزيادة إطباق سيطرتها على غزة، اتخذت حماس عدة خطوات إضافية، منها حظر بعض وسائل الإعلام لفترة محددة، والعمل ضد بعض الجماعات الفلسطينية المسلحة التابعة لجهات أخرى، مثل quot;كتائب احمد أبو الريشquot;، وهي مجموعة مسلحة تتبع عائلة أبو الريش، وتعمل في الأساس في جنوب قطاع غزة، وتتهم بقيادة صناعة التهريب في الإنفاق. تلقت كتائب أبو الريش ضربة قوية عندما اعتقل عشرات من رجالها وجردوا من أسلحتهم. وكذلك أغلقت حماس محطة مذياع الجبهة الشعبية التي تعمل في قطاع غزة لفترة محددة، وهذه المحطة، هي الوسيلة الإعلامية المعارضة الوحيدة التي انتقدت سياسة حماس.

عمل حماس العسكري ضد الجماعات والجيوب المتبقية لحركة فتح في قطاع غزة، جاء بعقب عملية اغتيال غامضة قتل خلالها 5 من رجال حماس العسكريين، رأى مراقبون أن تصعيد حماس العسكري ضد رجال فتح في القطاع، حتى لو كان الاغتيال سببه المباشر، إلا أن جملة عوامل أخرى، أسهمت به، منها:

حماس توصلت منذ وقت إلى إدراك أنه يجب عليها أن تسعى إلى هذه النتيجة لأن محاولات تجديد الحوار مع فتح لم تنجح، ولان السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وبتعاون مع إسرائيل تجهد جهداً متصلا للقضاء على بنيتها التحتية هنالك، كما اتهمت حماس جماعات فتحاوية في القطاع في محاولة تقويض سلطتها في القطاع بمحاولات إطلاق صواريخ على إسرائيل لإثبات أن سيطرة حماس على القطاع ضعيفة.

هذه الواقع الذي زاد من مأزومية الساحة الفلسطينية، وضع إسرائيل أيضا أمام خيارين، يقول الكاتب الإسرائيلي شلومو بار أون، في تقدير استراتيجي نشره مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: quot;سيطرة حماس شبه التامة على قطاع غزة، تعطي إسرائيل أدوات أفضل لإدارة النزاع مع حماس في القطاع، لأن للحركة منذ الآن مسؤولية تامة عن كل ما يحدث في القطاع وستضطر إلى تقديم حساب عن كل تطور فيهquot;.

ويضيف: quot;يمكن هذا الوضع الجديد إسرائيل من التوصل إلى تفاهمات اشد استقرارا مع حماس إذا رغبت فيها. ومن جهة ثانية إذا كان الفرض الأساسي في الإستراتيجية الإسرائيلية هو أنه ينبغي هدم سلطة حماس في القطاع، فإن القدرة على تحقيق هذه الإستراتيجية، قد أصيبت إصابة شديدة والخيار الوحيد الباقي للتحقيق هو احتلال القطاع الذي هو طريقة عمل ثمنها باهظquot;.

بمعنى أن إحكام حماس من سيطرتها على غزة، منع أي نشاطات قد تشوش على سياستها، فالخروقات للتهدئة تقلصت، وباتت خيوط اللعبة بيد حركة حماس فقط، ومن الواضح أن نقض التهدئة سيكون في الأساس نتاج عدم رغبة حماس في فرضها، لا عدم قدرتها.

وإذا ظلت الحركة معنية باستمرار التهدئة يمكن الافتراض أن تبقى موجودة بلا نقض كبير، وبالقدر نفسه يمكن الافتراض أن حماس تستطيع الوفاء بأي تفاهم تصل إليه مع إسرائيل أو جهات أخرى مثل مصر والجماعة الدولية، ويمكن أن يكون لذلك تأثير مهم في إمكان التوصل إلى تسويات تتصل بالمنطقة الحدودية بين قطاع غزة ومصر.

وتقوية حماس في غزة يقلص من إمكانية التوافق الداخلي الفلسطيني، حيث إن الحركة باتت تتكلم من موقع قوة، فقد أكد رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية في أخر تصريحاته أن الأوضاع في قطاع غزة لن تعود إلى ما كانت عليه قبل سيطرة quot;حماسquot;، مشدداً على أن غزة تعرضت لمؤامرة كبيرة واتهم هنية بعض الفلسطينيين والعرب بتدبير مؤامرة كبيرة ضد قطاع غزة، والوقوف ضد الشعب الفلسطيني في غزة.

أما انعكاس هذا الوضع على صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل، فيبدو أن تعزيز قوة حماس زاد من شدة موقفها ورفع من سقف مطالبها، فهي ترفض البحث في الصفقة قبل أن تتعهد إسرائيل بتنفيذ ثلاثة شروط: الموافقة على إطلاق سراح كل السجناء وفتح معبر رفح والوفاء بالالتزامات التي وردت في اتفاق التهدئة.