مذكراته -الجزء الثاني -quot;الكويت من الدولة إلى الإمارةquot;
إنتقادات الخطيب لإدارة الشيخ سعدللحكومة تثير جدلاً في الكويت
فاخر السلطان من الكويت: المذكرات التي ينشرها زعيم المعارضة الوطنية في الكويت وزعيم اليسار والرمز الأبرز في تنظيم المنبر الديمقراطي الكويتي وأحد الوجوه القومية العربية البارزة، الدكتور أحمد الخطيب، في صحيفة الجريدة منذ اليوم الأول من شهر رمضان تحت عنوان quot;الكويت من الدولة إلى الإمارةquot;، أثارت الكثير من اللغط في داخل الكويت، خاصة وأنها تتعرض كثيرًا للحياة السياسية لولي العهد الكويتي الراحل المغفور له الشيخ سعد العبدالله الصباح، وتنتقد طريقة إدارته للحكومة الكويتية إبان ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، وبالذات ما يتعلق بالوضع الداخلي والسياسة الخارجية، خاصة أثناء الحرب العراقية الإيرانية، ثم حل مجلس الأمة الكويتي حلاً غير دستوري عام 1986 وإنشاء مجلس وطني بديل عنه، وقبل وأثناء أزمة الغزو العراقي للكويت عام 1990 وتحريرها عام 1991 وما رافق تلك الفترة من لغط خلال مؤتمر جدة الذي جاء للتأكيد على حكم آل الصبح للكويت وعدم التنازل عن الدستور الكويتي الذي يحث على العمل وفق الآليات الديمقراطية، وكذلك إدارة الحكومة بعد تحرير الكويت حينما تحدث الخطيب عن نية السلطة في الكويت بعدم العمل بالدستور وإلغاء دور مجلس الأمة.
أمام هذا اللغط كله، كان هناك فريقان يواجهان زوبعة هذه المذكرات، التي تنشر quot;الجريدةquot; جزءها الثاني حيث الجزء الأول تم نشره في الصحيفة نفسها في شهر رمضان العام الماضي وتم إصداره في كتاب تحت عنوان quot;الكويت من الإمارة إلى الدولةquot;، الفريق الأول يؤيد ما سطره الخطيب ويدافع عنه بقوة، فيما الفريق الثاني ينتقد تلك المذكرات ويهاجم الخطيب بشدة. على الرغم من ذلك، كانت هناك بعض الأصوات التي يمكن أن نطلق عليها بـquot;الوسطيةquot; حيث انتقدت بنعومة هجوم الخطيب على سياسة الشيخ سعد العبدالله وإدارته للحكومة.
تقول الناشطة السياسية الكويتية إيمان البداح في دفاعها عما سطره قلم الخطيب في مذكراته في الجزء الأول والثاني: quot;رغم الإغراءات والتهديدات التي تساقط أمامها كثيرون، فإنه (الخطيب) بقي مخلصًا لمبادئه وبرامجه ووعوده الانتخابية، وعلى الرغم من مشاغله وضغوط عمله كطبيب وكنائب للشعب، فإنه لم يبتعد قط عن الناس وهمومهم، وعلى الرغم من ذياع صيته على المستويات المحلية والعربية والعالمية، فإنه كان محصنًا ضد الغرور والشكليات والماديات، وعلى الرغم من شجاعته في الطرح ونقده اللاذع للسلطة، فإنه حظي باحترام كل من تصدر سدة الحكم، وسعى البعيد في السلطة قبل القريب لاستشارته ووساطته لحل خلافاتهم ومشاكلهم. كثيرا ما تساءلت عن الظروف التي خلقت قياديًا بعظمته وفشلت في خلق غيره. كيف يجتمع في شخص واحد هذه الموهبة والسلطة والملكة ولا تفسده كما أفسدت الكثيرين قبله وبعده. أسعدني الحظ يومًا أن أسأله مباشرة: لِمَ لم تنجب الكويت أحدًا آخر مثله؟ وبابتسامة خجولة أجاب: أعتقد أنها الظروف الموضوعية... فقد أتيت من بيئة متواضعة جدًا علمتني أهمية العمل والجد والاجتهاد، وكُتب لي أن أخرج إلى العالم وأن أتعلم وأتثقف في أفضل الجامعات وأكثر البيئات السياسية رقيًا وتنوعًا. هكذا وببساطة شرح معادلة بناء الأسطورة التاريخية من دون أن يعطي نفسه وإرادته أي فضل، متناسيا الآخرين ممن أتوا من أصول متواضعة وسقطوا عند أول اختبار في المال والذمة وتنكروا لأصولهم ولبسوا أثوابًا ليست لهمquot;.
سليمان ماجد الشاهين
لكن، ممن دافع quot;بنعومةquot; عن الشيخ سعد العبدالله أمام ما سطره قلم الخطيب، وكيل وزارة الخارجية السابق سليمان ماجد الشاهين الذي يوصف في الكويت بـquot;المخضرمquot;. فقد كتب في صحيفة الجريدة ردا على نقد الخطيب لموقف الشيخ سعد العبدالله أثناء المحادثات التي جرت بين الوفد الكويتي برئاسة الشيخ سعد والوفد العراقي برئاسة عزت ابراهيم في جدة قبل ساعات من الغزو العراقي للكويت.
وقد أوضح الشاهين في رده أنه استوقفته في مذكرات الخطيب الفقرة التالية:
quot;لقد دعت السعودية إلى اجتماع الطرفين في الرياض ولم يكن الشيخ سعد العبدالله مدركا خطورة ما يحدث، ولذلك بعد الاجتماع الساخن مع الوفد العراقي ترك الاجتماع وذهب لأداء مناسك العمرة... ولولا ان الأمير (الراحل الشيخ جابر الأحمد) استدعاه للعودة بسرعة لبقي هناكquot;. يقول الشاهين: quot;باعتباري كنت عضوا في الوفد الذي رافق الشيخ سعد، طيب الله ثراه، بصفتي وكيلا لوزارة الخارجية آنذاك، أبيح لنفسي الحديث عن هذه الجزئية التي عشت دقائقها. فالوفد المرافق تكوّن من سمو الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح (رئيس الوزراء الحالي) ومعالي ضاري عبدالله العثمان وسعادة طارق عبدالرزاق رزوقي وسعادة خالد محمد المغامس، كما تابع الاجتماعات معالي الأخ عبدالله يعقوب بشارة أمين عام مجلس التعاون في حينه. وبإدراك ووعي تامين بمخاطر المرحلة من قبل القيادة العليا للبلاد ممثلة في صاحب السمو الشيخ جابر وسمو الشيخ سعد، طيب الله ثراهما، وصاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، حفظه الله، توجه الوفد الى جدة وليس الرياض بتاريخ 31 يوليو 1990 استجابة لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، طيب الله ثراه.
فاجتماع جدة لم يكن طارئا، بل له مقدماته التي استنفرت الجميع، قيادة وشعبا، بدءا بخطاب صدام في قمة بغداد 90/5/30 وتصاعدا مع رسالة طارق عزيز الى الامين العام للجامعة العربية بتاريخ 90/7/15، ورسالتي الشيخ صباح، حفظه الله، بصفته نائبا لرئيس الوزراء وزير الخارجية بتاريخ 90/7/18 و90/7/25، ثم رسالته الى الامين العام للامم المتحدة في آخر يوليو من السنة ذاتها وخلال هذه الفترة وصل فخامة الرئيس المصري حسني مبارك الى الكويت قادما من بغداد، كما وصل الملك حسين وياسر عرفات، واستقبل الشيخ سعد في 7/30 الامين العام للجامعة العربية الشاذلي القليبي في الثلاثين من يوليو، وخلال اجتماعهما اتصل به الدكتور عبدالرحمن العوضي من مكتب الرئيس اليمني بصنعاء ينقل اليه رسالة ردا على مهمة كلف بها كباقي المهام التي تحركت بها الكويت سياسيا في حينه، وضمن هذه الاجواء المتوترة كان الشيخ سعد والقيادة العليا في قمة الادراك لعظم المسؤولية ودقة الموقف، وخلال هذه الساعات الرهيبة كانت الكويت بجميع اهلها المخلصين متابعة لدقائق التفاصيل مستشعرة نذر الشر من الشمال.
وفي مساء الحادي والثلاثين من يوليو 90 عقد الاجتماع بقصر المؤتمرات بجدة وافتتحه صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي آنذاك ومن كلماته إن العربي لا يمكن ان يرفع سلاحا في وجه اخيه العربي وان الدم العربي لا يمكن ان يتحول الى ماء مسفوح، وغادر الاجتماع مفضلا ترك الوفدين للمناقشة المباشرة، متخذا من قصر المؤتمرات مقرا للمتابعة المباشرة، وارجو ألا اخرج عن الموضوع حين اشير الى فحوى الاجتماع باختصار بما يخدم هدف هذا الايضاح، فبينما كان عزت ابراهيم يردد بانه يحضر هذا الاجتماع استجابة لدعوة الملك فهد، وان اي مناقشة يمكن ان تستكمل في بغداد، بالمقابل كان الشيخ يصر على مواصلة الاجتماع ويقترح جلسة ثانية او حتى اجتماعا في جناح عزت ابراهيم الذي يتعلل بالمرض وعدم القدرة على مواصلة الاجتماع، مؤكدا رحمه الله على البت في هذه القضية التي من اجلها يعقد هذا المؤتمر (الاجتماع). وبلغ من حرصه على عدم تفويت اي فرصة اقتراح ان يذهبا معا الى مأدبة الملك مقتنصا لحظات الطريق للحديث في هذا الامر. وفي الساعات الاولى من فجر الحادي من اغسطس كنا معه، رحمه الله،
في جناحه يقلب الامور مستعينا بتقاريره التي تصل اليه اولا بأول، ويطرح التساؤلات المتوالية عن مدى حجم ما يمكن ان تسفر عنه الأمور، مستقرئا باحساس المسؤول تعبيرات عزت ابراهيم، وللتاريخ كان معالي الاخ ضاري العثمان أكثرنا تشاؤما وتوقعا بحدوث الاجتياح. واصرارا منه على المتابعة كلفني بمقابلة الدكتور سعدون حمادي لأطرح عليه مجددا فكرة عقد اجتماعات بين بغداد والكويت على التوالي، وان يكون لها اطار محدد لان الموقف لا يحتمل ان يبقى دون اطار يحكم منطلقاته ويلتزم بموجبه الطرفان حتى لا تنزلق الامور الى الأسوأ، واجتمعت مع الدكتور سعدون فجرا بجناحه فردد ما كان يقوله رئيس وفدهم ان على الوفد الكويتي ان يأتي الى بغداد وبعدها يصير خير وفق تعبيره... وعدت الى سموه لأبلغه بالتفاصيل، واذ بالدكتور سعدون يتصل بي ليبلغني رسالة من عزت ابراهيم الى الشيخ سعد يقترح بمضمونها عقد اجتماع يضم كلا من الملك فهد والرئيس حسني مبارك وصدام حسين. ولا مجال لذكر ردي العفوي المباشر على هذا المقترح، وطلبت منه ان يملي علي نص المقترح الذي رفعته لسموه الذي اجاب من دون تردد: لا اجتماع من دون الشيخ جابر. بهذه الرؤية الواضحة كان يقود الاجتماعات.
وبعدها تناهى الى الاسماع ضجيج الموكب العراقي مغادرا قصر الضيافة الى العمرة والمدينة المنورة... اذا مناسك العمرة قام بها الوفد العراقي اما الشيخ سعد فتهيأ للعودة العاجلة الى الكويت التي وصلنا اليها بعد ساعات. لا أورد هذه المواقف عبثا، فكل من اقترب منه يعلم كيفية انشغاله بتفاصيل التفاصيل عن كل ما يعرض عليه من امور فكيف والامر بحدث كمصير الكويت. عرف الفقيد بشفافية البعد الانساني لديه وهذه المشاعر النبيلة لا يفقدها حتى في الظروف التي تلزم التغاضي عنها لمصلحة يمكن ان تتقدم على اي مشاعر اخرى... لان الامر لديه طبع لا تطبع، ويتسامى هذا الاحساس بحامله الى شمولية مطلقة تغطي بصدقها الوطن والمواطنين... وأسجل هنا ما سمعته منه بدقائقه وأرويه لأول مرة، ففي ديسمبر من عام 1990 كان ممثل قوات التحالف Forward Headquarter,s Central Command يحيط فقيدنا بالخطوط العريضة لمسرح تنفيذ عملية التحرير المعروفة بعاصفة الصحراء التي انطلقت في منتصف يناير 1991 ومن بين تفاصيلها تدمير الجسور المقامة على الطرق الدائرية السبعة كي تعيق تحرك القوات الغازية وتحصرها في مواقعها ليسهل تدميرها، فاعترض فقيدنا على ضرب الجسور، اذ ستلجأ الفلل العراقية التي يزيد عددها على المائة والخمسين الفا الى بيوت المواطنين، وهنا ستحدث المجزرة بين المدنيين سواء نتيجة القصف الجوي او المقاومة او الالتحام عند الاقتحام. وبالفعل اخذت ملاحظته الحكيمة بعين الاعتبار، اذ تم استدراج العدو الى خارج التجمعات المدنية، حيث ابيدوا بشرا وآليات على طريق الموت المعروف عند خانق المطلاع.
وتقصيا للمزيد من الدقة والتوثيق اتصلت في الخامس من يونيو الماضي بالصديق الذي احبته الكويت واحبها السفير ادوارد غنيم، فأكد الموقف بتفاصيله مضيفًا ملاحظات اخرى اتركها لمناسبتها. وأخيرا يبقى الأخ الدكتور أحمد الخطيب الذي نعتز جميعا بالكثير من مواقفه معينا لا ينضب لكل نقاش، غير ان الذاكرة وحدها لا تغني عن التوثيق الذي يفترض ان يتم في حينه... وكان الأحرى انعاش الذاكرة بالعودة الى الوثائق كي يستقيم التاريخ الذي نملكه جميعا وهو ارثنا لأجيالنا.
جاسم بودي
كذلك اعترض رئيس تحرير صحيفة الراي جاسم بودي على اختزال دور الشيخ سعد العبدالله ببعض المواقف التي رأى الخطيب انها عبرت عن نزعة غير ديموقراطية. وكتب في الصحيفة عدد يوم الجمعة الماضي مقالاً جاء فيه: quot;صعب جدًا ان تخاطب قامة تاريخية بحجم قامة الدكتور احمد الخطيب، فالرجل كان بالنسبة لنا ونحن شبان على ابواب انطلاقتنا رمزا من رموز العمل السياسي والوطني، وصمام امان ضد اي شكل من اشكال تسلط الانظمة وهيمنتها، وضمانة اساسية للمشاركة الشعبية في القرار السياسي، ومصدر مباهاة ومفخرة لنا تجاه عدد كبير من الدول العربية الاخرى التي لم تكن تؤمن بالديمقراطية والتعددية والرأي الآخر ومشاركة الشعب عبر ممثليه في عمليتي الرقابة والمحاسبة.
كان لصدى صوت الخطيب في المجالس المتعاقبة دوي الثورة المتجددة في نفوسنا ضد الفساد واساءة استخدام السلطة. كان لوجوده في المشهد السياسي حضور للوطن في وجداننا وحضور للعروبة في اهدافنا. كانت معارضته العاقلة الهادئة الرشيدة خريطة طريق لما يجب ان تكون عليه العلاقات المتحضرة بين سلطة ومعارضة. كانت معاركه السياسية تنتهي دائما الى نتائج تقدمية على صعيد ترسيخ دولة المؤسسات. لم نكن ننتظر مذكراته الشيقة حقيقة لنستكشف ملامح مرحلة ما زلنا نعيشها وحقائق دوره التي عشناها فعلا وواكبناها يومًا بيوم، ومع ذلك فما يقوله الدكتور (الخطيب) يصح فيه القول انه تاريخ يقوده احد صناع التاريخ.
ولكن، ومن منطلق المحبة والإعجاب والاحترام وكل الود الذي نكنه للدكتور احمد الخطيب، ومن منطلق الحرص على صفحة الرجل التاريخية ناصعة البياض، وخوفًا من إساءة عناصر الشطط أو السهو او الاستعجال للسيرة والمسيرة، نتمنى ان يسمح لنا بالتوقف عند بعض ما ذكره تجاه بعض رجالات الكويت وعلى رأسهم الراحل الكبير سمو الامير الوالد رحمه الله الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح. كل من قرأ من الأحياء في المذكرات رواية تمسه اعترض عليها ردا وكتابة وهذا شأنه بالطبع، لكن الشيخ سعد في دنيا الحق واختزال سيرته، رحمه الله، ببعض المواقف التي رأى الدكتور الخطيب انها عبرت عن نزعة غير ديموقراطية لديه وصولا الى اتهامه بانه لم يكن يدرك خطورة ما يحدث في اجتماع جدة الشهير قبل الغزو بأيام (المذكرات ذكرت انه اجتماع الرياض) نقول ان هذا الاختزال فيه تجن على الدور الكبير والتاريخي الذي قام به ابو فهد (الشيخ سعد) قبل غزو الكويت وخلاله وبعده. فكما ان الدكتور عاصر المرحلة بعين المشارك لا المراقب فهناك كثيرون غيره عاصروا المرحلة بالعين نفسها اضافة الى ان غالبية الكويتيين عاصرت المرحلة بقلب المحب للشيخ سعد الذي لعب دورا عملاقا في الالتصاق بالكويتيين وتثبيت ايمانهم بالنصر والعودة، وهو دور لا يمكن لآخرين ان يلعبوه... بل لا نعتقد أن ما قام به سعد العبد الله يمكن ان يتكرر.
دقائق وحقائق الدور الذي لعبه الامير الوالد الراحل (الشيخ سعد) لها مؤرخوها ايضا ممن عايشوها، وإنصاف الرجل يظهر مع كل رد منطقي وموثق، ومن عمل معه عن قرب، حتى ولو اختلف معه في بعض الامور، يعرف تماما حجم المسؤولية التي تنكبها وحجم الاثقال التي حملها على كتفيه. كان رحمه الله يسأل عن كل كويتي داخل الوطن المحتل وخارجه. كان الكبير الذي وسع خريطة الكويت لتشمل كل العالم بعدما عمل الشقيق التقدمي العروبي الوحدوي على محو حدودنا من الخريطة. كان همه الوحيد ألاَّ يعيش الكويتي مرارة الهوان بعدما عاش مرارة الاحتلال. كانت تنقلاته بمثابة وطن يحمله من المملكة العربية السعودية الى كل شارع وحي سكنه كويتي مهجر ليؤكد له ان العودة اقرب اليه مما يعتقد وان القاعدة العربية التقدمية الثورية القاضية بابقاء الوضع على ما هو عليه خصوصا اذا اقترن بشعارات الوحدة وتحرير فلسطين هي قاعدة لها استثناء عند قيادة شرعية كويتية قدمت للعرب والعروبة الكثير الكثير من التحضر والافادة والانجاز... والقليل القليل من الشعارات.
وقال بودي أنه يتمنى ان يرى استاذنا الدكتور احمد الخطيب في سيرة الراحل الكبير الشيخ سعد العبد الله ما هو اكثر من محطات معينة اختزل بها المسيرة لأن الانتقائية هي العدو الاكبر للتوثيق. نتمنى ان يذكر في مذكراته كيف خرجت الكويت عن بكرة ابيها، بعفوية وتلقائية ومن دون أوامر السلطة او تعميم الحزب، لاستقبال الشيخ سعد يوم عاد من رحلة المرض، فمشاعر الناس ومحبتهم ووفاؤهم وولاؤهم هي الاسطر الحقيقية للحكم... والتأريخ.
العوازم
في مذكراته (الجزء الثاني) برزت إشكالية أدت إلى بروز أزمة بينه وبين قبيلة العوازم. وقد عزمت مجموعة من المحامين العوازم على تحريك دعوى قضائية ضد الخطيب وجريدة quot;الجريدةquot; بعدما ذكر الخطيب النص التالي: quot;لكن العنصر الأهم الذي أسقط التعديلات (في مجلس الأمة) هو وجود د.خالد الوسمي (نائب من المنبر الديموقراطي وينتمي إلى قبيلة العوازم) والنواب العوازم السبعة الذين كانوا في المجلس (مجلس الأمة)، وهذه كانت المفاجأة الكبرى، في اجتماع لكتلة العوازم السبعة تم طرح الموضوع لاتخاذ موقف موحد بشأنه (بشأن التعديلات)، هنا جاء دور د.خالد الوسمي ليذكّر المجتمعين بماضيهم القريب اذ قال: لم تكن لنا نحن العوازم أية قيمة سياسية أو اجتماعية عند النظام في السابق، كنا نجلس في آخر مجالس النظام عند الباب بقرب الأحذية المركونة هناك، وكنا نذهب دائماً إلى دواوينهم في أفراحهم وأتراحهم ولم نشاهد أي واحد منهم يردّ لنا التحية، وبعد صدور الدستور ودخولنا المجلس صرنا نتصدر مجالسهم وصاروا يأتون إلى دواويننا وقت أفراحنا وأتراحنا، وصارت لنا قيمة سياسية واجتماعية وصار منا الوزراء والنواب، فإذا فرّطنا بالدستور فسوف نرجع إلى الوضع البائس القديم، فعزّنا من هذا الدستور وحذار التفريط بهquot;. وكان الوسمي قد أدلى بتصريح أكد خلاله أن ما قاله الخطيب حول اللقاء كان صحيحًا، لكن العبارات والكلمات التي وردت في مذكراته هي غير صحيحة.
التعليقات