بهية مارديني من دمشق:علمت ايلاف ان quot;زكا عيواصquot;، بطريرك السريان الأرثوذكس، أرسل من دمشق رسالة احتجاجية الى الحكومة التركية اتهمها فيها بالتحيز ضد السريان، معتبرا انها تتجاهل الادلة الملموسة للحقوق التاريخية للسريان في أديرتهم وكنائسهم وممتلكاتهم، وقال quot; إنّه لأمر حزين جدّاً وبغاية الأهمية، ان تتابع دائرة المسح ودوائر حكوميّة أخرى بالزعم الخاطئ بالملكيّة وتقوم بأعمال ترسيم الحدود لأرض الدير. تتعارض مزاعم هذه الدائرة تماماً والحقوق الواجب إعطاؤها للجماعات الأقليّة في تركيا كما وتخالف الاتفاقات الدوليّة والمفاهيم التي توافق عليها تركيا وتسعى إلى تطبيقها...quot; وذلك بالرغم من إبراز الأدلّة الملموسة الكافية التي تدعم الوثائق الحكوميّة لبرهنة الحقوق التاريخيّة للسريان لامتلاك أرض الدير وملحقاتها، وقال ان quot;هذه تعدّيات واضحة ومحاولة للمسّ بحريّة المعتقد الديني، وتضع السلام والتعايش اللذين تشهدهما الأقليّات في تركيا في خطر كبير.quot; لافتا انتباه الحكومة التركيّة quot;لاتّخاذ التدابير الطارئة، العاجلة للمحافظة على حقوق الجماعة المسيحيّة السريانيّة في تركيا، وتأمين الحماية اللازمة والكافية لهم من القوى الغاصبة التي تهدّد الحياة والحريّة للأقليّة السريانيّة في تركياquot;.

ورأى الناشط في حقوق الاقليات سليمان اليوسف في تصريح خاص لايلافquot; انه في ضوء ظروف وحيثيات الأزمة الراهنة المثارة حول الأوضاع القانونية والحقوقية للأديرة والكنائس السريانية، في مرحلة تشهد القرى السريانية نوع من الاستقرار النسبي وحركة عمران بفضل أموال أبنائها المغتربين في أوربا،رأى أن هذه الأزمة لا يمكن عزلها عن التجاذبات السياسية والتطورات الأمنية التي تشهدها الساحة التركية.فحزب العدالة والتنمية الحاكم لا يجد حرجا أو مشكلة في التضحية بحقوق ومصالح الأقلية الآشورية المسيحية لأجل كسب العشائر والتيارات الاسلامية الكردية الى جانبه في معركته الطويلة ضد quot;حزب العمال الكردستانيquot; الذي يسعى لاقامة quot;دولة كرديةquot; في جنوب شرق تركيا،فضلاً عن أن الأكراد يشكلون ورقة انتخابية وسياسية قوية لا يريد الحزب التفريط بها وهو يدرك أهميتها في مواجهة خصومه السياسيين داخل تركيا.وكان حزب العدالة والتنمية قد نال النسبة العظمى من أصوات الناخبين الأكراد في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضيةquot;. واوضح اليوسف quot;انه بدأت الأزمة المثارة منذ شهور حول الأوضاع القانونية والحقوقية للأديرة والكنائس السريانية في تركيا تتفاعل في مختلف الأوساط التركية وامتدت مفاعيلها الى كنائس وآشوريي سوريا والعالم أجمع،فضلاً عن اهتمام بعض الأوساط الأوربية بهذه الأزمة التي أثارت شكوكاً بموقف الدولة التركية،المرشحة لدخول الاتحاد الأوربي، من قضية وجود الأقلية الآشورية والمسيحية عموماً في تركيا. وقال انه رغم التناقص الكبير في أعداد المسيحيين في تركيا، (الى اقل من 1% من نسبة السكان،بعد أن كانت تضم أكبر تجمع لمسيحيي الشرق في بدايات القرن العشرين)،تبدو تركيا العلمانية،ذات الثمانون مليون مسلم،غير راغبة بوجود بضعة آلاف من السريان quot;الآشوريينquot;،أصروا على البقاء في قراهم ومناطقهم التاريخية، وأبوا أن تصمت نواقيس كنائس وأديرة يعود تاريخها الى العهود الأولى للمسيحية.فبدلاً من أن تتصالح الدولة التركية مع ذاتها وتاريخها و تبادر الى تحسين أوضاع هؤلاء الآشوريين المسيحيين،وهم بقايا امة عريقة، يعيشون على هامش المجتمع التركي،نجدها تعيد بهم من جديد الى دائرة الخوف والقلق الكياني،وذلك بتشديد الحصار عليهم بطرق واشكال مختلفة لدفعهم على الهجرة واخلاء المنطقة منهم.ومنذ صعود حزب quot;العدالة والتنميةquot;، ذات التوجهات والميول الاسلامية الى السلطة، ساءت وبشكل خطير أوضاع الأقلية المسيحية في تركيا،خاصة فيما يتعلق بالحقوق والحريات الدينية والاجتماعية.

وبحسب اليوسف انه مؤخراً حرضت السلطات التركية بعض العشائر الكردية المسلمة،على تحريك دعاوى قضائية على العديد من الكنائس والأديرة السريانية،تمهيداً لاغلاقها،مثلquot;دير مار كبرئيل quot;،الذي شيد سنة 397،تارة بتهمة التجاوز على املاك الأكراد، وتارة أخرى بأن الدير بني على انقاض مسجد،علماً أنه شيد قبل ظهور الاسلام وغزوه للمنطقة،وتارة ثالثة بتهمة أن الأديرة والكنائس تخرج مبشرين لنشر المسيحية في تركيا،وبأنها أصبحت مأوى لمقاتلي quot;حزب العمال الكردستانيquot;،الذي تعتبره تركياquot;منظمة ارهابيةquot;.

وتساءلquot; هل يعقل أن تأوي أديرة ومراكز عبادة وتحت سقف واحد مبشرين مسيحيين وارهابيين مسلمين؟.هذه تهم مثيرة وغريبة هي لا تقنع حتى مطلقيها. لكن مع هذا، ورغم بطلان وزيف جميع هذه التهم،أخذت السلطات التركية بها وأربكت القائمين على الأديرة والكنائس السريانية وجرتهم الى العاصمة انقرة لحضور المحاكمquot;.

واعتبر الناشط الاشوريquot; ان هذا الغطاء الرسمي من قبل السلطات التركية للدعاوي الكردية، شجع المتعصبين الأكراد على التمادي في تسلطهم واطلاق التهديدات باقتحام الأديرة والكنائس في اقليم طورعابدين.التهديدات الكردية هذه دفعت مجلِس quot;إزمير للسلامquot;- وهو منظمة حقوقية مدنية تركية- لاطلاق quot;حملة وطنيةquot; تضامناً مع quot;دير مار كبرييلquot;ومع سريان تركيا المهددون بالانقراض والتلاشي.وفي سياق هذه القضية، كشفت صحيفة quot;إفرينسِلquot; التركية: quot;عن تواصل حِياكة المؤامرات ضد السريان الآشوريين الذين يعود تاريخهم في جنوب شرق تركيا إلى نحو خمسة آلاف عام.وأوضحت الصحيفة بأن ما يراد مِن وراء الأزمة المفتعلة مع الأديرة والكنائس السريانية، هو إثارة الفتنة بين شعوب الإقليم، وتهديد الوجود السرياني في المنطقquot;ةquot;.

ونقل اليوسف انه على خلفية قضية الكنائس والأديرة السريانية في تركيا والتهديدات التي تتعرض لها نظم الآلاف من أبناء الجاليات السريانية الآشورية، وبمشاركة منظمات وشخصيات حقوقية أوربية، سارت مظاهرات ومسيرات احتجاج أمام السفارات التركية في العديد من الدول الأوربية مطالبين الحكومة التركية بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية في حماية مواطنيها الآشوريين المسيحيين ومقدساتهم الدينية ورد جميع التهم والدعاوي على الأديرة السريانية واقفال هذا الملف.