في وقت يزداد فيه كم الأخبار المتعلقة ببرنامج إيران النووي خلال الأسابيع الأخيرة، وسط حالة كبيرة من الجدل الإقليمي والدولي حول طبيعة النشاط النووي الإيراني، تفرد صحيفة quot; كريستيان ساينس مونيتور quot; الأميركية تقريراً مطولاًً تحت عنوان quot; كشوفات إيران النووية .. لما تحظى بأهمية quot;؟ حيث يدور الحديث عن حقيقة الجهود التي تحرص إيران على المضي بها قدما ً للبقاء في دائرة الضوء النووية. وتقول إن امتلاك إيران موقعاً نووياً سرياً، بالإضافة للمشروع الذي يعرف باسم quot; المشروع رقم 101 quot;، وكذلك عرض البلاد المفاجئ لاحتمالية إرسال يوارنيوم منخفض التخصيب إلى الخارج بغرض تحويله إلى وقود خاص بالمفاعلات النووية، كانت جميعها مساعي تبذلها طهران لتصبح قوة إقليمية. وتنقل الصحيفة في هذا الإطار عن أنتوني كوردسمان ، الزميل البارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، قوله :quot; تُشكِّل إيران أكبر تهديد أمني في الشرق الأوسطquot;.
القاهرة: في بداية حديثها، تلفت الصحيفة إلى أن طهران تستعين بأجهزة الطرد المركزي التي تعمل بالغاز، كطريقة جيدة لتخصيب اليورانيوم للدرجة التي يمكن أن يستعان به في أحد المفاعلات النووية ndash; أو في تصنيع قنبلة نووية. وهو ما يقدم تفسيرا ً للأهمية الكبرى التي تكتسبها الكشوفات الأخيرة عن امتلاك إيران لمفاعل خفي في مدينة قم بالنسبة لتوازن القوى المستقبلي في المنطقة التي ربما تعد المنطقة الأكثر اضطرابا ً في العالم. وهنا، تشدد الصحيفة على أن مثل هذه الأحداث وأخرى غيرها تلمح إلى احتمالية ازدياد وتيرة وتعقد البرنامج النووي الإيراني. وسواء توافرت الرغبة لدى قادة إيران في تطوير قنبلة، فإن ما يبدو واضحا ً هو أن طهران ترغب في التحول لقوة إقليمية، وهو ما يعني أن الوقت قد لا يُسعِف واشنطن وحلفائها في التعامل مع التهديد المتنامي في المنطقة الحيوية لإنتاج الطاقة العالمي ومستقبل الإسلام على حد سواء.
وتمضي الصحيفة لتشير إلى أن المفاعل النووي الذي كُشِف عنه مؤخراً على مقربة من مدينة قم، وظهر في الصور التي التقطت بواسطة الأقمار الاصطناعية وكأنه محطة خاصة بتزويد الوقود، أو مدرسة، أو مصنع، يهدف لاستضافة ما يقرب من 3000 جهاز طرد مركزي يعمل بالغاز، بحسب مسؤولين إيرانيين وأميركيون. كما ينظر كثيرون من خبراء حظر الانتشار النووي الأميركيين إلى المفاعل على اعتبار أنه يجسد خطر التنبؤ بدورة وقود ثانية، وذلك نظراً لأن إيران تمتلك بالفعل مزرعة كبرى من أجهزة الطرد المركزي بالقرب من ناتانز. ويرى خبراء من خارج إيران أنه إذا ما توافرت الرغبة لدى الإيرانيين في إنتاج مواد انشطارية للأسلحة، فمن المحتمل أن يقوموا بذلك في موقع سري. وبينما يمثل ناتانز دورة الوقود الأولى بالنسبة لهم، سيمثل هذا الموقع الخفي، أو المواقع الخفية الأخرى، دورة الوقود الثانية.
ثم تسهب الصحيفة في تقديم رؤية تحليلية عن حقيقة الدور الذي يقدمه مفاعل قم في خدمة الأنشطة النووية الإيرانية، على عكس ما سبق وأن أعلنته إيران عن استخدامه في الأغراض السلمية. فتقول إنه إذا ما توافرت النية لجعله موقعا ً سرياً، فمن المحتمل أن يتواجد بمكان ما مرفق خفي لإنتاج سادس فلوريد اليورانيوم، الوسيط الخاص بأجهزة الطرد المركزي. وتلفت لآراء بعض من خبراء الانتشار النووي الذين رجحوا احتمالية امتلاك إيران لشبكة لمثل هذه المواقع. أو إن لم تكن تمتلكها، فإن طهران قد تبدأ الآن في بناء واحدة، بسبب الكشف عن مفاعل قم. وتنقل الصحيفة هنا عن ديفيد أولبرايت، مفتش الأسلحة السابق ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي، قوله :quot; لقد قاموا بإخفاء ( قم )، وتمكنت وكالاتنا الاستخباراتية من العثور عليه في الوقت المناسب تماماً. لكن لا يمكننا الارتكاز على ذلك في المرة القادمةquot;.
وبينما تؤكد المخابرات الأميركية على أن إيران بدأت عملية تسليح من خلال عملها على المواد الانشطارية، كالبلوتونيوم أو اليورانيوم العالي التخصيب، خلصت وكالات أميركية أيضا ً إلى أن طهران أوقفت تلك الأعمال في عام 2003. وهو الأمر الذي يفنده محللون استخباراتيون من بعض الدول الأخرى، مثل ألمانيا، حيث يؤكدون على أن إيران ما زالت منشغلة بأعمال التسليح. وهو نفس الرأي الذي يشترك فيه بعض من مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. من جانبه، يقول غريغ ثيلمان، مسؤول سابق في الاستخبارات الأميركية ويعمل حاليا ً كزميل في جمعية مراقبة الأسلحة :quot; يبدو أن إيران تقوم بتطوير جميع القدرات اللازمة لنشر عدد كبير من الأسلحة النوويةquot;.
وفي محور أخير، تبرز الصحيفة وجهات نظر الخبراء المتعارضة بشأن احتمالات انضمام إيران للنادي النووي. فتقول إن البعض يراها مسألة حتمية، في حين يشكك آخرون في ذلك، معربين عن أملهم في أن يظل القادة الإيرانيون منفتحين بشأن المفاوضات النووية الحقيقة. وهنا، تشير الصحيفة إلى أن العملية تتوقف على حقيقة ما يخفيه قادة إيران من نوايا، لازالت إلى الآن غير معلومة لدى الولايات المتحدة وشركائها في المفاوضات. وفي هذا الإطار، يرى ماثيو بون، أحد الباحثين الرئيسيين في مشروع إدارة الذرة بكلية جون كيندي الحكومية التابعة لجامعة هارفارد أنه لن تكون هناك من وسيلة لإيقاف إيران إن كانت عازمة على امتلاك قنبلة نووية، مضيفا ً :quot;لن تساعد أية مفاوضات أو اتفاقات مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول على إنهاء الأزمة.
وسيقوم الإيرانيون إما برفض أو انتهاك التدابير التي من شأنها أن تحد بشكل جدي من برنامجهم النووي. ويمكن القول في نهاية الأمر إنه ولحمل طهران على التعامل مع بواعث قلق الولايات المتحدة وحلفائها، فعليهم أن يتعاملوا بدورهم أيضا ً مع الأمور التي تثير قلق إيران. ولن تكلل جهود التوصل لاتفاق بين الأطراف المعنية بالنجاح ما لم يخدم ( هذا الاتفاق) مصالح إيران وكذلك مصالح الغربquot;.
التعليقات