تبرز قضايا لافتة في أزمة النووي الدائرة بين ايران والمجتمع الدولي مؤخرًا، فيما كانت إيران تؤكد لفترات طويلة أنّها لا تريد الإستحواذ على السلاح النووي، إلا أنّها فقط تحاول أن تمتلك برنامجًا سلميًّا، في حين كشفت عن مصنع سري لتخصيب اليورانيوم في حدث لافت ومفاجئ. الا ان تغيرات بدأت تطرأ على مواقفها الصلبة تجاه حقها في quot;امتلاك برنامج نووي لأغراض صناعيةquot;، وسبب هذه التغيرات يكمن في الأزمة السياسية الداخلية وتغير الاستراتيجية الأميركية في علاقاتها الخارجية.
لندن: ظلت إيران لسنوات تؤكد أنها لا تريد صنع أسلحة نووية لكن الدول الغربية بقيت غير مقتنعة بذلك، ومن وقت إلى آخر كانت تنشر تقارير استخباراتية تؤكد وجهة نظرها. لكن الخبراء يقولون إن هناك مؤشرات تؤكد حدوث تغيير في مواقف إيران، وهذا ناجم عن جملة أسباب أحدها الأزمة السياسية الداخلية التي تعيشها إيران وأن القيادة الإيرانية قد حققت الجزء الأهم من برنامجها حينما صعدت من جهودها السرية في تطوير برنامجها السري عام 1999. لكن السبب الآخر هو وصول باراك أوباما إلى سدة الرئاسة الأميركية والتغير في الاستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة في علاقاتها الخارجية.
وحسبما جاء في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الصادرة اليوم 15 أكتوبر/تشرين الاول2009، فإن الولايات المتحدة وحليفاتها من الدول الغربية لم تعد تعتبر مسألة تخصيب اليورانيوم جوهر الخلاف، وهذا ما وفر الأرضية للقاء آخر سيعقد هذا الشهر بين الطرفين. ويقول الكثير من الخبراء في الشؤون الإيرانية إن إيران أصبحت مؤخرًا على استعداد لعقد صفقة مع الغرب.
واشارت الصحيفة إلى أنه إذا كان هدف إيران الرئيس هو الاستمرار في تخصيب اليورانيوم، فإن هدف الولايات المتحدة الرئيس هو ألا تكون هناك أسلحة نووية في إيران. وقالت تريتا بارسي رئيسة المجلس الإيراني الأميركي القومي لمراسل صحيفة نيويورك تايمز إن أولئك الذين انتقدوا الإدارة الأميركية quot;للتنازل أو إعطاء إيران تنازلا هم ليسوا خطأ. إنه ليس تنازلاً أن تتكيف مع واقع ثابتquot;.
ويذكر الكثير من المحللين داخل وخارج الولايات المتحدة أن هدف إيران هو إتقان (أو التظاهر بإتقان) عملية تحضير الوقود النووي وتهيئة رؤوس الصواريخ أي توفير الوسائل لبناء الرؤوس الحربية لا بناء الأسلحة النووية. فإيران تعرف أن صنع أسلحة نووية سيقوض قوتها الإقليمية عن طريق دفع الدول الجارة كي تسعى هي الأخرى للحصول على أسلحة نووية. كذلك فإن إيران وصلت إلى النقطة التي كانت تريد الوصول إليها على حسب قول عباس ميلاني رئيس الدراسات الإيرانية في ستانفورد حتى قبل انعقاد اجتماع جنيف. وأضاف أن إيران أصبحت quot;دولة نووية من الناحية النظرية، أي أن العزة القومية قد تحققتquot;.
لذلك ولكل هذه الأسباب وافقت إيران عند اجتماعها الأخير بالقوى الغربية في جنيف على السماح للمفتشين بزيارة موقع تم الكشف عنه لتخصيب اليورانيوم بالقرب من مدينة قم الدينية ووافقت على إرسال وقودها المتواضع من حيث الحجم إلى روسيا لمعالجته. كذلك وافقت إيران على الاستمرار في التفاوض وهذا على ما ظل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يؤكده بأن إيران لن تتفاوض إلا مع الوكالة الدولية للطاقة النووية.
التعليقات