إعتقلت السلطات المصرية 17 شخصًا ينتمون إلى تنظيم الجهاد المحظور الذي ينسب إليه اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981. وضبطت بحوزتهم أسلحة ومتفجرات قالت إنهم خططوا لاستخدامها في هجمات ارهابية. وضُبطت الاسلحة والمتفجرات في منزل أحدهم بمدينة ميت غمر وقالت إنهم كانوا يعقدون اجتماعات في منزل أحدهم ويجرى تحقيق أمني معهم. وتنظيم الجهاد جماعة إسلامية راديكالية متشددة تسعى لإنشاء حكومة إسلامية بالقوة والإطاحة بالنظام القائم.

القاهرة: في الوقت الذي تواترت فيه الأنباء خلال الفترة الماضية عن مبادرة جديدة كان من المتوقع أن يطلقها قادة quot;تنظيم الجهادquot; المسجونون في مصر، وعلى رأسهم القيادي عبود الزمر، والذي يوصف بمهندس عملية اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، فقد سربت دوائر أمنية معلومات عن القبض على خلية تضم 17 شخصًا في محافظة الدقهلية بدلتا النيل، وضبطت بحوزتهم أسلحة ومتفجرات واتهمتهم بالتخطيط لاستخدامها في هجمات إرهابية وأعمال عنف تستهدف شخصيات ومنشآت مهمة، وأشارت الدوائر ذاتها إلى أنهم ينتمون إلى تنظيم الجهاد المحظور، الأمر الذي يشكل مفاجأة للمراقبين لشؤون التنظيمات.

ومضت الدوائر الأمنية ذاتها موضحة أن الأسلحة والمتفجرات ضبطت في منزل أحدهم في مدينة ميت غمر وأنهم كانوا يعقدون اجتماعات في منزل أحدهم بقرية تابعة لمدينة المنصورة عاصمة المحافظة، وقالت أيضًا إن أجهزة الأمن ضبطت بحوزتهم منشورات تحمل لافتة بعنوان quot;تنظيم الجهادquot;. وسبق أن أعد وثيقة باسم مبادرة quot;ترشيد الجهادquot; فقيه تنظيم القاعدة سيد إمام الشريف المعروف باسم quot;الدكتور فضلquot; وهو ومؤسس أول خلية جهادية في مصر عام 1968 وتولى إمارة تنظيم الجهاد في مصر.

وشددت المبادرة التي قوبلت وقتها بحفاوة كبيرة باعتبارها تحولاً في فكر التنظيم على أن الجهاد في سبيل الله احتوى على quot;مخالفات شرعية أهمهما القتل على أساس الجنسية ولون البشرة والشعر وعلى المذهبquot;، وقالت: quot;هذه هي طريقة الثوريين العلمانيين وليس في الإسلام أن quot;الغاية تبرر الوسيلةquot;، وإن كانت الغاية نبيلة ومشروعة في أصلها، بل المسلم يتعبد لله بالوسائلquot;.

وخلال مواجهات دامية استمرت منذ نحو ربع قرن ، نجحت الأجهزة الأمنية في مصر في محاصرة نشاط تنظيم الجهاد، وأجهضت كافة محاولات إعادة تشكيل تنظيمات الجهاد المختلفة، والتي كان أهمها تنظيم طلائع الفتح، وبين الحين والآخر توقف أجهزة الأمن مجموعات كانت آخرها خلية وجهت إليها تهمة إعادة إحياء تنظيم الجهاد، وتجنيد شباب للقتال ضد القوات الأميركية في العراق وأفغانستان.

قصة الجهاد

وتنظيم الجهاد جماعة إسلامية راديكالية متشددة تسعى لإنشاء حكومة إسلامية بالقوة، والإطاحة بالحكومة القائمة، وإقامة دولة تحكم بالشريعة الإسلامية، وتقوم أفكارها على اعتبار الجهاد هو الطريق الوحيد لإقامة هذه الدولة، من خلال استخدام القوة والعنف باعتبارهما وسيلة التغيير، وترفض الجماعة كافة القوانين القائمة باعتبارها quot;قوانين كافرةquot;، كما تقضي أفكارها بتكفير الحكام واعتبار المجتمع جاهليًا كما ترى مصر وغيرها من الدول المسلمة بمثابة quot;دار حربquot;، وترى أن إقامة دولة إسلامية هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، وطرد القوات الأميركية من المنطقة، وتحرير المقدسات الاسلامية.

وكانت أولى بذور نشأة تيارات تنظم الجهاد في مصر علي يد شخص يدعى نبيل البرعي عام 1958 والذي كان معتقلاً ضمن جماعة quot;الإخوان المسلمينquot; وفي المعتقل انشق عن أفكار الإخوان المسلمين، وكفر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والنظام الحاكم. ولم يتبلور التنظيم بوضوح إلا في عام ،1977 حين قام سالم الرحال أحد الهاربين من قضية الفنية العسكرية عام 1974 بتشكيل مجموعة من الاعضاء تحت اسم تنظيم quot;الجهادquot; في مدينة الإسكندرية ولكن سرعان ما قبض عليه .

وفي عام1979 شكل محمد عبد السلام فرج تنظيم الجهاد في القاهرة، والذي انضم إليه عبود الزمر وكمال حبيب ومجموعته، وأيمن الظواهري وعصام القمري، والعديد من مجموعات الجماعات الإسلامية المؤمنة بالفكر الجهادي، ويعد محمد عبد السلام فرج المؤسس والمنظر الحقيقي لتنظيم الجهاد كما هو معروف فعليا منذ اغتيال الرئيس السادات عام 1981.

وتورط quot;تنظيم الجهادquot; في ارتكاب العشرات من العمليات الارهابية خلال عقد التسعينات من القرن الماضي، وشملت اغتيال الكاتب العلماني فرج فودة عام 1992، ومحاولات اغتيال رئيس الوزراء الأسبق د. عاطف صدقي في 1993 ، ومحاولة اغتيال حسن الألفي وزير الداخلية السابق في أغسطس 1993، إضافة إلى محاولات اغتيال اللواء مصطفى عبد القادر رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق، ووزير الإدارة المحلية السابق، وعبد الحليم موسى وزير الداخلية الراحل، واللواء سمير فاضل ، رئيس المحكمة العسكرية، وغيرهم، فضلاً عن عشرات التفجيرات وأعمال السطو المسلح.