لا يعرف فيما إذا كانت عودة الناشطة الصحراوية أمينه حيدر التي استعادت جواز سفرها المغربي ستتخذ أبعادا ومواجهات جديدة تكون مدينة العيون مسرحها،أم انها ستمتثل لبنود الاتفاق الثلاثي بين فرنسا والمغرب واسبانية برعاية أميركية.

الرباط: استعادت الناشطة الصحراوية، أمينة حيدر، جواز سفرها المغربي الذي سبق وتنازلت عنه في مطار العيون في الرابع عشر من الشهر الماضي، ما دفع السلطات الأمنية إلى رفض دخولها الأراضي المغربية، وبالتالي إعادتها على متن الطائرة التي أقلتها من إسبانيا، لينطلق منذ ذلك الوقت ولغاية الساعات الأولى من فجر اليوم، ما بات يعرف في وسائل الإعلام الدولية بـquot;مسلسل أمينة حيدرquot; الذي بلغت حلقاته 32 بمعدل حلقة في اليوم.

ويصعب التكهن، بما إذا كانت عودة، حيدر، إلى أهلها وأسرتها تعني إنهاء المشكل الذي فجرته، وامتثالها لاحقا للقوانين المغربية كما اشترطت ذلك السلطات المغربية، أم أن الصراع مع الناشطة الصحراوية وخلفها جبهة البوليساريو، سيتخذ أبعادا ومواجهات جديدة مع المغرب، تكون مدينة quot;العيونquot; مسرحها، أم أنها ستمتثل لبنود الاتفاق الثلاثي بين فرنسا والمغرب وإسبانيا برعاية أميركية.

وهذا الاتفاق ينص صراحة على أن القانون المغربي هو الذي يسري ويطبق في المحافظات الصحراوية على جميع المواطنين، بينما يسعى الناشطون الصحراويون في المدينة بدعم من جبهة البوليساريو، إلى الحصول على حماية من الأمم المتحدة، تتيح لهم التحرك بحرية والقيام بأنشطة ضد المغرب.

اسبانيا مرتاحة لعودة حيدر الى بلادها

ويستند هذا الاحتمال المتشائم، على واقعة دالة، جرت في مطار العيون كبرى مدن الصحراء، حيث رفضت الناشطة العائدة، الصعود في سيارة الإسعاف التي أحضرتها المصالح الصحية في المدينة، كإجراء احتياطي، على اعتبار أن الناشطة منهكة؛ ما جعل المراقبين يتساءلون إن كانت حيدر، مضربة حقا عن الطعام أم أنهم يشهدون الفصول الأخيرة من تمثيلية طويلة.

وبرأي الأطباء، فإن الامتناع عن الطعام لمدة 32 يوما، وفي حالة الوضعية الصحية للمضربة المصابة، كما روج مناصروها، بعدة أمراض بينها القرحة المعدية، فإنه يكون من باب المخاطرة الحقيقة الامتناع عن قبول المساعدة الطبية، خاصة وأن المناصرين الإسبان، تخوفوا من موتها في الأيام الأولى، وقالوا إنها تقيأت الدم قبل إدخالها المستشفى.

ومن المفارقات الدالة بهذا الخصوص أن الأطباء الإسبان الذين راقبوا صحة حيدر قالوا أمس إنها مستقرة من دون أخطار، كما أن الناشطة أدلت في مطار quot;لانثاروتيquot; قبل أن تصعد بالطائرة بتصريحات بدت فيها عادية حيث وصفت، بلغة إسبانية مسموعة وواضحة، نهاية المسلسل بأنها quot;انتصار للقانون الدولي وحقوق الإنسان وقضية الشعب الصحراويquot;.

إلى ذلك اتضح أن العواصم الأميركية والإسبانية والفرنسية، ظلت خلال الأيام الأخيرة مسرحا لمشاورات مكثفة، أفضت في النهاية إلى هذا المخرج السلمي الذي استجاب له العاهل المغربي الملك محمد السادس، فنال بالتفاتته الإنسانية الثناء والإطراء من لدن رئيس فرنس نيكولا ساركوزي ورئيس وزراء إسبانيا خوسيه لويس ثباتيرو، ووزيرة خارجية أميركيا هيلاري كلينتون.

وفي هذا الشأن، قال بلاغ للخارجية المغربية (الخميس) إن المغرب إذ يرد بشكل إيجابي على نداءات البلدان الصديقة والشريكة لأسباب إنسانية، فإنه يظل حازما في مسألة الاحترام التام للقانون المغربي من لدن الجميع من دون استثناء وعلى مجموع ترابه الوطنيquot;

كما أوردت وكالة الأنباء المغربية الرسمية، مضمون ما ورد في بيان نشرته أمس الخميس، رئاسة الحكومة الإسبانية، تضمن الإشارة الصريحة إلى أن القانون المغربي يطبق في الأقاليم الجنوبية للمملكة في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود على مستوى الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للنزاع في الصحراء، ومن أجل أن تتهيأ في الأسابيع المقبلة الشروط لمفاوضات جديدة لمسلسل quot;مانهاستquot; (ضواحي نيويورك) مفاوضات يجب أن تتم.

ويوضح البيان الإسباني، في إطار مبادئ واتفاقيات الأمم المتحدة من أجل تسهيل التوصل إلى حل سياسي عادل نهائي ومقبول من الأطراف وخلص البيان الإسباني إلى القول إن مبادرة قبول عودة، حيدر، ستشرف السلطات المغربية وتسلط الضوء مرة أخرى على انخراطها في الديمقراطية وتعزيز دولة الحق.

ويرى المراقبون إنه إذا كانت فصول هذه الملهاة/ المأساة انتهت على خير، فإنها كشفت سوء فهم عميق بين بلدين جارين أي المغرب وإسبانيا، إذ كالت وسائل الإعلام في هذه الأخيرة اتهامات وتحاملا غير مبرر للمغرب، بل إن بعض الأصوات والأقلام تعاملت مع الموضوع وكأن الصحراء ما زالت تحت الحماية الإسبانية، بل حملت المسؤولية للنظام الإسباني، كونه انسحب من الصحراء عام 1975 بعد تنظيم المسيرة الخضراء من طرف المغرب.

وبينما، تريث البرلمان الأوروبي في مناقشة التماس كان سيوجه إلى المغرب بعد التصويت عليه، فإن الحزب الاشتراكي الإسباني الحاكم متبوعا بأحزاب اليسار الضعيفة والتشكيلات السياسية ذات النزوعات الإقليمية الضيقة بل الانفصالية، صوتت كلها على التماس يدعو إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء، متجاوزا التقدم الذي تم إحرازه من خلال آلية المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو برعاية الأمم المتحدة و قرارات مجلس الأمن ذات الصلة التي دعت إلى حل سياسي متوافق عليه لنزاع الصحراء.

والأخطر من ذلك أن نصف البرلمان الإسباني (حزب المعارضة الرئيس قاطع التصويت) تبنى التماسا أكثر غرابة بأن تضاف إلى بعثة quot;المينورسوquot; مهمة مراقبة تطبيق حقوق الإنسان في المحافظات الصحراوية، وهو الأمر الذي ترفضه الرباط بقوة، لأنه يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة من جهة، ويدخلها في صراع آخر مع quot;المينورسوquot; الموكول إليها الحرص على وقف إطلاق النار بين الجانبين.