طلال سلامة من روما: غريب أمر أنتونيو دي بياترو، المدعي العام السابق ومؤسس حزب quot;قيم ايطالياquot;! فبعد إرسال نجله الى قاعات المحاكم، لتبرير أنشطته المؤسساتية أمام القضاة الذين يتهمونه بقضايا فساد وتلاعب في المناقصات العامة بمدينة نابولي، هاهو الأب، أي أنتونيو دي بياتروquot; شخصياً يتعرض بدوره لملاحقة قانونية نتيجة التشهير بسمعة quot;جورجو نابوليتانوquot; أمام جمهوره أثناء خطاب أدلاه في ساحة quot;فارنيزيquot; بالعاصمة روما. هذا وتم إدراج اسم هذا الزعيم السياسي في قائمة أسماء أولئك الخاضعين لسلسلة من التحريات والاستجوابات، في محكمة روما ndash; الفرع الأول. يذكر أن اتحاد الغرف القضائية تقدم بشكوى قانونية ضد هذا المدعي العام السابق الذي أشار في خطابه الى أن الصمت قاتل ويقف ورائه سلوكاً مافياوياً! بالطبع، كان الهدف الأول للسيد دي بياترو رئيس الجمهورية الصامت أمام بعض الأحداث التي تتطلب آرائه وتوجيهاته.

لكن من له الحق في اتهام أي كان بأن صمته ذو طبيعة مافياوية ان كان الصمت الحل الوحيد لربط الجأش والمحافظة على الوحدة الوطنية؟ هل ينتظر دي بياترو من رئيس الجمهورية أن يقوم الأخير بإرسال الجيش للتمركز تحت منازل جميع الخصوم والمنتقدين السياسيين لرئيس الجمهورية المحترم؟ ربما يعتمد دي بياترو، الذي يفقد طاسة المنطقية بين الفينة والفينة، على تعابير اعتباطية فقط لإثارة موجة التصفيق على كلماته الذهبية في صفوف ناخبيه بعد أن كان المثل الأمثل للوجه التشريعي والقضائي للبلاد في تسعينات القرن الماضي.

مع ذلك، لم يهدأ دي بياترو لحظة عن توجيه الاتهامات والانتقادات الى الأطراف الضالعة في صوغ الشكوى القضائية ضده، ومنهم محامي عائلة سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء الحالي. هذا ويعتبر دي بياترو أن الاعتماد على تركيب أحاديثه وخطاباته وفق آلية إعلامية جماعية خطأ فادح. بيد أن المشكلة لا تكمن في فبركة كلماته على الصحف الورقية. فما قاله السيد دي بياترو انطلق من فوهه مباشرة وسمعه الملايين من مشاهدي المحطات التلفزيونية إلا ان اتهم دي بياترو التكنولوجيا بأنها ضالعة وراء quot;تشويهquot; كلماته بمعنى أن كل ما ينطقه فوهه يجري تعديله جينياً عبر المكيروفون ليخرج بشكل آخر لا علاقة له بصاحبه الناطق!