أشرف أبوجلالة من القاهرة: أفردت صحيفة التايمز اللندنية في عددها الصادر السبت تقريرا مثيرا، يفضح حقيقة الحياة الكارثية والأوضاع المعيشية الرثة التي يعيشها مواطني زيمبابوي في ظل الحكم غير الإنساني للرئيس روبيرت موجابي، وفي بداية حديثها، حرصت الصحيفة علي ضرب مثال أو نموذج يفضح بشكل مروع عن حقيقة تردي الظروف والأجواء المعيشية هناك بقولها أن أسرة سيدة متوفاة تدعي quot;وينفيلدا بوتوروياquot; لم يكن بإمكانها أن تتحمل إنفاق مبلغ قدره 300 دولار علي ترتيبات جنازة ملائمة عندما توفيت الأم البالغة من العمر 36 عاما ً بسبب إصابتها بمرض الإيدز الأسبوع الماضي. وهو ما جعلهم يقدمون علي تقديم رشوة قدرها 40 دولار بالعملة الزيمبابوية للشرطة هناك من أجل تفادي تكاليف نقل جثتها إلي المشرحة، بغرض تشريحها والحصول علي شهادة وفاة.

وأضافت الصحيفة أن تلك الأسرة قامت بسحب نصف ملابس دواليبهم الخاصة من أجل تصميم نعش quot;تابوتquot; لها ووضع بطانة أسفل جثتها المتحللة عندما تبدأ في تسريب السوائل. ثم قاموا باستئجار احدي عربات الباعة الجائلين بـ 10 دولارات ، ثم دفعوا الجثة مسافة قدرها ثمانية أميال ( 12 كلم) حتي وصلوا إلي قطعة من الأرض ليست مملوكة لأحد وتحولت مع الوقت لمقابر غير رسمية لفقراء زيمبابوي. وهناك قاموا بدفع دولارا ً ثم قاموا بتثبيت أمهم داخل حفرة قاموا بحفرها بأنفسهم.

وقالت الصحيفة أن العملية كلها تكلفت 51 دولار بالعملة المحلية للبلاد أي ما يعادل أقل من جنيه إسترليني واحد، وهو المبلغ الذي تم تجميع معظمه من خلال التبرعات من الأصدقاء والجيران. كما أكدت الصحيفة علي أن جثة السيدة بوتورويا قد تم لفه بداخل بطاطين قديمة وليس في الكفن التقليدي. ولم يحضر مراسم الجنازة سوف العشرات من المعزين لن الأسرة لم يكن بمقدورها تحمل تكاليف تجهيز وجبات طعام لهؤلاء الأشخاص. وأشارت الصحيفة إلي الطريقة التي دفنت بها تلك السيدة لم يزد سوي من مشاعر الحزن والأسى لدي أبنائها، حيث قالت ابنتها وتدعي ميموري، 14 عام، التي تشعر بأن روح والدتها سوف تكون غاضبة :quot; أشعر بالإحباط الشديد .. فالطريقة التي دفنت من خلالها والدتي تجعلني أحلم بالكوابيس quot;.

وقالت الصحيفة أن مثل هذه الروايات هي شائعة في زيمبابوي تحت رئاسة روبيرت موجابي ، حيث يموت أسبوعيا ثلاثة آلاف شخص من الايدز فقط، وبدأت تنخفض معدلات الحياة بين الأشخاص لدرجة أنها أصبحت الأقل في العالم، فضلا عن أن 94 % من المواطنين عاطلون. كما أصبحت زيمبابوي دولة لا يكاد يتحمل فيها الملايين نفقات المعيشة فحسب، بل أن النفقات الخاصة بالوفاة أيضا ً أصبحت هي الأخرى باهظة إلي حد كبير. ونقلت الصحيفة عن أوسكار ويرميتر، قس يسوعي الذي يعمل في مباري، أحد أكثر المناطق فقرا ً في هراري، ويتلقي عادة ً العديد من الطلبات لتقديم يد العون للمحتاجين :quot; يعني الموت بالنسبة لكثير من الأسر كارثة حقيقية من الناحية المالية quot;.

وصرح مصدر مسؤول للصحيفة بأن نحو 50 شابا بالغا و 180 طفلا يتلقون كل شهر جنازات خاصة بالفقراء في مقابر جماعية بمدافن غرانفايل المحلية في العاصمة، هراري. وقالت الصحيفة أيضا أن بعض الباعة الذين ينتشرون علي جانبي الطريق يبيعون توابيت واهية بقيمة 50 دولار بالعملة المحلية للواحد، لكن إذا كان الأشخاص يمتلكون المال يوجد سبب آخر يكشف عن سر تردد مواطني زيمبابوي عن الأنفاق ببذخ هذه الأيام. فعادة ما تمثل المقابر مقصدا جاذبا للصوص، حيث يستهدفون التوابيت باهظة الثمن لسرقتها، لذا يقوم أصحابها بتغطيتها بالخرسانة المسلحة.