نزعة وطنية في مؤتمر quot;الأصالة والمعاصرةquot; الأول
الحزب الأكثر إثارة للجدل في المغرب quot;يرقى لمستوى تحديات الغدquot;

أحمد نجيم من الرباط: بحضور أكثر من 4500 شخص إفتتح في بوزنيقة، 35 كلم جنوب الدار البيضاء، المؤتمر الأول لحزب quot;الأصالة والمعاصرةquot; تحت شعار quot;المغرب غدا، بكل ثقة...quot;، وقد إختار الحزب الذي رأى النور شهر أغسطس آب 2008 أن يدشن مؤتمره بنزعة وطنية، من خلال افتتاح المؤتمر بالنشيد الوطني المغربي قبل أن يتلو أحد القراء بعض الآيات القرآنية.

هذا التوجه يتماشى مع شعار المؤتمر الذي يركز على المغرب وعلى الثقة في المستقبل، وقد قال الأمين العام للحزب حسن بنعدي إن حزبه يتطلع نحو quot;المستقبل مع التشبث بالقيم الوطنية والوفاء للهوية المغربية والدفاع عن المكتسبات وترسيخ اختيارات المغرب في بناء المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطيquot;. وقال إن إنشاء حزب الأصالة والمعاصرة quot;مبادرة إيجابية في جوهرها بناءة في مقصدها تنبع بالأساس من الشعور العميق بمسؤوليات المواطنة في مغرب واعد بحظوظ النجاح وتكريس المكتسبات وكسب الرهانات الديمقراطية والتحديثquot;.

وقال بنعدي إن quot;الأصالة والمعاصرةquot; يسعى إلى quot;تأهيل المشهد الحزبي والسمو بأدائه حتى يرقى إلى مستوى تطلعات وتحديات مغرب اليوم والغدquot;، موضحا أن تحقيق هذا الهدف يمر أساسا عبر quot;عقلنة الحقل الحزبي وتشجيع المواطن على التصالح مع الفعل السياسي عبر الاجتهاد في طرح عروض سياسية نوعية في إطار قطبية حزبية منسجمةquot;.
وربط بنعدي تدعيم مكتسبات الديمقراطية وعقلنة النسق الحزبي بالاعتماد على الثقة في النفس وفي مستقبل البلاد، خاصة في ظل ما quot;تزخر به كل جهات الوطن من طاقات بشرية هائلة لم يفتح لها باب المشاركة في العمل السياسيquot;.

وفي محاولة لطمأنة حلفائه السياسيين، قال الأمين العام إن الحزب quot;لم يأت برغبة في التبشير بمذهب سياسي جديد ولم يأت بادعاء احتكار مسؤولية الإصلاح وإنما جاء ليساهم في تأهيل الحقل السياسي والانخراط في بناء مغرب جديد وكسب رهانات التأهيل والإصلاح على مستويات شتى وفي مجالات متعددة تحت قيادة جلالة الملك محمد السادسquot;، مشيرا إلى أن تأسيس الحزب له دلالات عميقة تقوم على أساس quot;الأصالة والمعاصرة والإيمان بضرورة التراكم الايجابي والتدرج والانفتاح والتفاعل الهادف والانفتاح على الطاقات الجديدة قصد بناء أداة سياسية قوية منفتحة يجد فيها كل مغربي وكل مغربية مكانهما كي يساهما في العمل المشترك المنظم بحرية وحماس والتزام مستمرquot;. وأثار موضوع اندماج الحزب مع خمسة أحزاب سياسية أخرى، واعتبره خيارا غير سهل محفوف بالتحديات والمخاطر، منتقدا القيادات المتصلبة الراغبة في زعامة أبدية.

وحسب توجهات الحزب ومبادئه، فإن الحزب يؤمن بـquot;المقدس مشتركquot; معارضا توظيفه السياسي، والتزم الحزب بـquot;عدم اللجوء إلى استغلال الدين الاسلامي في الحقل السياسيquot; ويعتبر كل استغلال للدين quot;إضعافا للمشروع الوطني وتهديده لوحدة الأمة المغربية والأمن الروحي لأبنائهاquot;. كما يجعل الحزب من الملكية في المغرب quot;دورا محوريا في تماسك الأمةquot; وكان الحزب اتهم بكونه حزبا للملك، على اعتبار أن صاحب فكرة تأسيسه هو فؤاد عالي الهمة، وزير الداخلية المنتدب سابقا وأحد رفاق دراسة الملك محمد السادس وأكثر أصدقائه المقربين.

هذا الأمر جر على الحزب انتقادات شديدة من قبل الأحزاب الأخرى، التي اتهمت الهمة باستغلال علاقته وتوظيفها سياسيا، لكن الملك محمد السادس أعلن في خطاب له أنه quot;ملك لكل المغاربةquot;، ليقطع الطريق على الجميع ويصبح حزب quot;الهمةquot; كما ينعتونه quot;وافدا جديداquot;، حسب تعبير بيان لحزب quot;الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبيةquot;، كما أن الحزب دخل في مواجهة مفتوحة مع حزب quot;العدالة والتنميةquot;، بل أكد بعض قادته أن محاربة الإسلاميين الذين يوظفون الدين سياسيا، تعد أولوية بالنسبة إلى الحزب وإلى معاركه الانتخابية المقبلة، خاصة الانتخابات البلدية شهر حزيران المقبل.

محمد الساسي، الباحث والفاعل السياسي، يعتبر أن الدولة لم تعد مستعدة للرهان على الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ليلعب دور quot;حزب الدولةquot; كما لعبه في الفترة ما بين 2002 و2007، لذا خرج من رحمها quot;الأصالة والمعاصرةquot;، وقال إن quot;الاتحاد الاشتراكيquot; قام بتسويق المشروع الديمقراطي الحداثي للدولة، وقال بموت المخزن وبقيام المفهوم الجديد للسلطة وبحصول الانتقال الديمقراطي، وقبل المشاركة في حكومة جطو ضمن نهج المشاركة الدائمة ما دام مرغوبا فيها رسميا، وأيد كل مبادرات الدولة وحولها إلى أجندة حزبية حتى وإن لم تكن في الأصل ضمن أجندته. لهذه الأسباب كانت الدولة في حاجة إلى حزب جديد وإلى طاقات متجددة، خاصة بعد المقاطعة الكبيرة للمغاربة لانتخابات 2007 التشريعية.

وكان الحزب استقطب، متحزبين من الأحزاب الخمسة المكونة للسلطة quot;الحزب الوطني الديمقراطيquot;، وquot;حزب العهدquot;، وquot;حزب البيئة والتنميةquot;، وquot;حزب رابطة الحرياتquot;، وquot;حزب مبادرة المواطنة والتنميةquot;، بالإضافة إلى شخصيات من quot;حركة لكل الديمقراطيينquot;، وهي جمعية سياسية سبقت ولادة الحزب.
[email protected]