جاكرتا: لأول مرة سيحتل مرشحون يختارهم الناخبون في إندونيسيا في الانتخابات البرلمانية في التاسع من ابريل نيسان المقبل مقاعد البرلمان بالفعل في خطوة تجاه زيادة فعالية العمل التشريعي وتعزيز إمكانية المحاسبة بين النواب.
وتشتد الحاجة لمثل هذا التغيير بالنظر لما عرف عن البرلمان من فساد وضعف سجله في إقرار تشريعات رئيسية وهي عوامل أبعدت المستثميرن وحدت من النمو والتنمية في أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا.
وفي السابق كان الناخبون يختارون حزبا أو فردا ولكن عمليا تختار الاحزاب من يشغل المقاعد. ويقول بعض المحللين إن النظام يتيح ان يساء استغلاله وثمة اشتباه في تقديم بعض المرشحين تبرعات سخية للحزب لضمان الحصول على مقعد.
ولمساعدة الناخبين على اختيار مرشحين يتسمون بالنزاهة تعد الحملة الوطنية ضد التصويت لساسة فاسدين قوائم سوداء لمن تورطوا في تلقى رشى وجرائم بيئية أو انتهاك حقوق الإنسان وتوزع القوائم في محطات الحافلات وغيرها من الأماكن العامة.
ويقول عدنان توبان هوسودو أحد مؤسسي الجماعة quot;لا نريد أن يدخل الساحة السياسية مرة أخرى ساسة لا يتمتعون بالنزاهة. نريد أن يتفحص الناس ماضيهم.quot;
ومهدت استقالة الرئيس السابق سوهارتو في عام 1998 إثر انتفاضة شعبية بعد 32 عاما من الحكم الاستبدادي السبيل لاصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وقادت لديمقراطية أكبر وحرية التعبير.
ولكن ساسة ومحللين يقولون ان ثمة حاجة لتغييرات أخرى.
وقال لاكسامانا سوكاردي الوزير السابق لمشروعات الدولة الذي شكل حزبا جديدا أطلق عليه حزب الاصلاح الديمقراطي quot;الاحزاب السياسية هو ما ينبغي إصلاحه الآن.quot;
واوردت صحيفة جاكرتا بوست انه خلال دورة استمرت 45 يوما انتهت في اوائل الشهر الجاري لم يقر البرلمان سوى ثلاثة مشروعات قوانين هي مشروع قانون للضرائب وقانون مكافحة الاتجار في البشر والتصديق على اتفاقية الأمم المتحدة ضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود في حين لا تزال مشروعات قوانين ذات أهمية قصوى مثل الخدمات الصحية ومحكمة الفساد في انتظار أن تلقى اهتماما.
وتابعت الصحيفة ان من بين 550 عضوا في البرلمان يحضر الجلسات أقل من مئة عضو بينما يوقع في دفتر الحضور 300 أو نحو ذلك مشيرة الى أن اجور النواب والمزايا الاخرى التي يحصلون تصل الى مئة مليون روبية (8340 دولار شهريا) وهي أعلى كثيرا من المتوسط الوطني.
وتسألت الصحيفة في مقال بعنوان (مشرعون لا يخجلون) quot;هل هؤلاء المشرعون هم الممثلون الحقيقيون للشعب أم مجرد محتالين لا يخجلون من الحصول على اجور مغرية دون عمل يذكر..quot;
ونتيجة هذه الممارسات تواجه إندونيسيا صعوبة في إقرار قوانين ولا تحقق الاهداف الاقتصادية المأمولة لان المستثميرن يبتعدون بسبب الرشى والروتين والبنية التحتية الضعيفة.
فعلى سبيل المثال يمد قانون محكمة الفساد أجل مؤسسة لعبت على نحو خاص دورا فعالا في معاقبة مسؤولين فاسدين. ومع تورط عدد كبير من الساسة في ممارسات فاسدة فليست مفاجأة ان يتلكأ البرلمان في إقرار مشروع القانون.
والأمر الواضح بالنسبة لكثير من الاندونيسيين ان المطامع الشخصية وليس الاحتياجات أو مصالح البلاد العليا هي التي يمكن ان تؤثر على عملية صنع القرار في البرلمان.
والقي القبض على عدد من أعضاء البرلمان واتهموا بالحصول على رشى مقابل مساندة مشروعات قوانين ولوائح أو عقود تفيد مصالح تجارية معينة.
ويستبعد منتقدون ان يقضي الانتخاب المباشر لأعضاء البرلمان على الفساد لان المرشحين سيقدمون بكل بساطة الرشى للناخبين وليس للحزب لضمان مقاعدهم في البرلمان.
وقال سوكاردي quot; تختار الصفوة في الحزب المرشحين ولا نعلم اذا كانت عملية الاختيار تتسم بالشفافية أو تعتمد على مزايدة يفوز بها صاحب العرض الاعلى.quot;
واظهر استطلاع رأي حديث ايضا ان الاندونيسيين يميلون للتصويت لحزب أكثر مما يميلون للتصويت لفرد.
غير ان خبرة اندونيسيا في مجال الحكم الذاتي الاقليمي عبر السنوات القليلة الماضية اظهرت ان الناخبين قادرون على استبعاد الساسة الفاسدين واعادة انتخاب من يعملون على تحسين الخدمات والبنية التحتية محليا.
ولدى كثير من الاقاليم والمناطق سجل قوي في حكم فعال ونزيه نسبيا.
وقال كيفن ايفانز الذي يدير موقع (بميلو اسيا) أي (انتخابات آسيا) انه quot;بدأ يتشكل من خلال الانتخابات المحلية في إندونيسيا نظام يكافيء من ينجز العمل ويستبعد من لا ينجزون مهما كانت المبالغ التي ينفقونها خلال حملتهم.quot;
(الدولار يساوي 1190 روبية)