نجلاء عبد ربه من غزة: على الرغم من أن كلمة quot;إتفقواquot; بين الفصائل الفلسطينية، هي الدارجة الآن في quot;كذبة نيسانquot;، والتي تعودت المجتمعات المختلفة على أن تكذب هذا الشهر، كنوع من الترفيه عن النفس، إلا أنها تحمل في طياتها الكثير من الأمل والتمني بها.
إتفقوا.. كلمة تداولها الشباب الفلسطيني عبر مسجات الجوال لبعضهم البعض، في إشارة منهم لحوار المصالحة الفلسطينية الداخلية في القاهرة، التي ترعاها القيادة المصرية، لكنها، في عيون الكثيرين، كلمة من الصعب نطقها هذه المرحلة، وإن كانوا تمنونها.

وعمد أكرم خريس (38 عاماً) للإتصال بأصدقائه صباح اليوم الأول من شهر نيسان، وإخبارهم بأن الفصائل الفلسطينية قد اتفقت على إنهاء الإنقسام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في الحال.
وقال خريس لإيلاف quot;تمنيت أن يكون هذا الخبر صحيحاً، قبل أن أقوم بنشره ككذبة مع بداية الشهر الحالي، لكن الأمر لا يعدو سوى تمني النفس لهذا الحدث الذي قسم نسيج المجتمع الفلسطينيquot;.
وأكد الأخصائي الإجتماعي شاهر إسليم، أن وصول التفكير لهذا الحد quot;يعد من أهم ما يفكر به الشباب الفلسطينيquot;. وأضاف لإيلاف quot;لا يبدو أنها مجرد كذبة، بقدر طموحات لأجيالٍ شابة، أمامها الكثير من الصعاب والعقبات، كالبطالة ومكافحة الفقر ومستقبل مجهولquot;.
وحذر إسليم من أن الكذب في مجالات حساسة أو مجتمعية، كعلاقة الأزواج quot;قد تؤدي إلى إنعكاسات سلبية بينهما. وقال quot;لا بد أن تكون بقدر مناسب من الواقعية، والبعد عن التجريح والسب، حتى لا تأتي بنتائج عكسية، تخلق أزمة أخرى، فوق الأزمات التي يعيشها الفلسطينيونquot;.
ويعاني الفلسطينيون إنقساماً حاداً بين فئاته بسبب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عسكرياً، منتصف حزيران من عام 2007م، بعد إقتتال مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أوقع أكثر من 500 قتيل بين الطرفين.
ومن بين الكذبات الأكثر تداولاً في الشارع الفلسطيني، هو نبأ quot;الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة من قيادات حماس وفتح برئاسة القيادي في حركة حماس الدكتور محمود الزهار، إلا أن تقليد الأخير لرئاسة حكومة فلسطينية، أظهرت سرعة إكتشاف الكذبة في لحظتها.
وإلى جانب مطالبة العديد من الدول العربية والإسلامية والأوروبية، بضرورة إنهاء الفلسطينيون لحالة الإنقسام بينهم، فإن الفلسطينيون أنفسهم، يتذمرون من الوضع القائم، الذي بات الفقر والبطالة ونقص كافة مناحي الحياة، هي عنوان هذا الإنقسام.
ووصفت الطالبة ميساء خالد (21 عاماً) ما يحصل بين رام الله وغزة بـ quot;مسرحية سياسية تافهةquot;. وقالت لإيلاف quot; ألا يكفيهم ما حصل للشعب الفلسطيني(..). أشعر كأن القيادات لا يعنيها ما يحصل لنا كشعب محروم من أدنى مقومات الحياة، بل يعينهم مناصبهم ومصالحهم الخاصةquot;.
وأعتبرت الطالبة في جامعة الأقصى بغزة، أن الشعب الفلسطيني هو من دفع فاتورة الإنقسام بين الفصائل الفلسطينية quot;وبات الكذب عنوان قياداتنا السياسية في كافة المناسباتquot; فلا يكاد يمر يوم حتى نسمع هذا القيادي أو ذاك، يشطح بنا ويكذب علينا بشعارات واهية وغير صادقةquot;.
وأتصلت نيللي إسماعيل، صحافية فلسطينية بصديقاتها، حسبما قالت، وأخبرتهم بان quot;الدبابات الإسرائيلية على وشك دخول غزة برياً، وأن حرباً جديدة ستندلع في غضون ساعاتquot;. وقالت quot;لقد سببت إرباك كبير لصديقاتي، كونهم يعرفون بأني أتابع الأخبار بسبب عملي كصحافية، ومع هذا فإنني أردت الترفيه والضحك، ولو للحظات، لأستعيض أشهر من الكتابة عن المعاناة التي نعانينها يومياًquot;.
وأضافت المصري لإيلاف quot;نتمنى أن يتوحد الفلسطينيون من جديد، وتعود الأمر لطبيعتها كما كانت قبل سيطرة حماس على غزة، لكن الأمر يبدو صعباً للغاية، من خلال التصريحات المبهمة التي تنطلق من القاهرة خلال الحوار الفلسطيني الداخليquot;.
وإذا كان اليوم العالمي للكذب، أو ما يسمونها بـ quot;الكذبة البيضاءquot;، يبدو جميلاً عن الكثير من الشعوب والمجتمعات المختلفة، فإن تلك الكذبة في غزة لا تشير إلا لضباب الموقف الفلسطيني العام، ومستقبل مجهول ينتظر الأجيال القادمة، في حال فشل المفاوضات الفلسطينية الداخلية، في ظل تنامي قوى اليمين الإسرائيلي وإعتلائها سدة الحكم لأربعة سنوات قادمة.