المضربون متمسكون بمطالبهم وصحتهم في تدهور مستمرّ
إضراب الطلبة التونسيين متواصل واستياء حقوقيّ من صمت السلطات

إسماعيل دبارة من تونس: يكاد إضراب الجوع الذي يشنه ستة من طلبة تونس منذ الحادي عشر من فبراير/شباط الماضي أن يبلغ شهره الثالث وسط تدهور خطر لصحة المضربين ومطالبات حقوقية ونقابية بالإستجابة لمطالبهم المتمثلة في العودة الفورية لمقاعد الدارسة. ويقول الطلبة المضربون وهم محمد بوعلاق، محمد السوداني، توفيق اللواتي، أيمن الجعبيري وعلي بوزوزية و الشاذلي الكريمي، إنهم طردوا من كلياتهم لأسباب سياسية وعلى خلفية نشاطاتهم النقابية.

وأكد المضربون عن الطعام داخل مقرّ quot;الاتحاد العام لطلبة تونسquot;(منظمة نقابية طلابية قانونية) في مؤتمر صحافي عقد يوم السبت الماضي 28 آذارquot;، إصرارهم على مواصلة الجوع حتى تحقيق مطالبهم، على الرغم من تدهور حالتهم الصحية، بعد أكثر من خمسين يومًا من اعلانهم شن الاضرابquot; . وحمل المضربون بشدة على الحكومة بسبب quot;نكثها للوعود التي قطعتها على نفسها وتجاهلها لوضعيتهم وتركهم يموتون دون إعارتهم أي اهتمامquot;.

وقالوا إنهم سيمضون في إضرابهم إلى النهاية حتى يبينوا للرأي العام الوطني والعالمي الظروف الحقيقية التي يعيش فيها شباب تونسquot; على حد تعبيرهم. ويؤكد المضربون وجود اسباب سياسية تقف وراء الحيلولة دون عودتهم إلى مقاعد الدراسة ، في حين حذرت التقارير الطبية المتابعة لصحتهم من تداعيات حالة التعب الشديد والاعياء التي بدت تتفاقم منذ بلوغ الاضراب شهره الاول. و ينقل عدد من المضربين بشكل دوري إلى المستشفى لتلقي العلاج خصوصًا مع تكرر حالات الاغماء.

السلطات التونسية من جهتها نفت ما اعتبرتها quot;المزاعم التي لا أساس لهاquot; واكدت أن قرار الطرد اتخذته مجالس تأديبية quot;نظاميةquot;، وما زالت ترفضquot;احتمال تدخل من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيquot;

وذكر مصدر حكومي في وقت سابق ان الطلابquot; منعوا من ارتياد الجامعة لارتكابهم quot;اعمال عنف جسدية وكلاميةquot; واحتجاز عميد كلية ومنع الدخول الى قاعات المحاضرات. وقال المصدر ذاته quot;لا يسعهم التذرع بمنصبهم النقابي للقيام بنشاطات غير مشروعة ومرفوضة اخلاقيًاquot;.

هذا وتشنّ صحف مقربة من الحكومة هجومًا لاذعًا على الاضراب وإعتبرته quot;تصفية لحسابات سياسيةquot;، ولا علاقة له بالعمل النقابي الطلابي، وشككت عدد من التقارير الصحافية في دواعي الاضراب مشيرة إلى ان الطلبة ليسوا فوق القانون وأن قرارات صرفهم من الجامعة تأتي تطبيقًا للترتيبات المعمول بها بعد أن مارسوا العنف ضد اداريين.

وترابطت أعداد كبيرة من قوات الأمن أمام مقرّ quot;اتحاد الطلبةquot; ومنعت بعض الزوار من الدخول ، كما إشتبكت بين الحين والآخر مع الطلبة المعتصمين داخل المقر للتضامن مع زملائهم المضربين.

وتشكلت quot;لجنة وطنيةquot; لمساندة الطلبة المضربين تضمّ عددًا من الوجوه الحقوقية والنشطاء السياسين والنقابيين ويترأسها عميد المحامين التونسين السابق عبد الستار بن موسى. إلا أنّ المضربين حملوا بشدة في تصريحات لهم على عدد من منظمات المجتمع المدني التونسي وأحزاب المعارضة بسبب ما اعتبروه quot;تهاونًا في الوقوف إلى جانبهم وعدم مبادرتها بتبني الإضراب ودعمهquot;. وأعرب الطلبة عن quot;شعورهم بخيبة أمل كبيرة من هذه المنظمات والاحزاب خاصة أنّ أغلب رموزها تخرج من مدرسة quot;الاتحاد العام لطلبة تونسquot;، ودعوا إلى مزيد من الالتفاف حول المنظمة الطلابية التي قالوا إنها مستهدفة في وجودها من خلال استهداف مناضليها. وشددوا على ضرورة مساعدتها على انجاز مؤتمرها القادم (المؤتمر الموّحد 25 ) الذي قررت قيادة الاتحاد عقده بمحافظة بنزرت الشمالية أيام 10 و11 و12 ابريل/نيسان الجاري،بعيدًا عما أسمته quot;تسهيلات السلطة ووصايتهاquot;.

وفي تصريحات خصّ بها quot;إيلافquot;، قال النقابيّ محمد العيادي منسق quot;المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية: quot;يكاد اضراب الجوع الذي يشنه الطلبة يبلغ شهره الثاني ومطلبهم الوحيد هو الرجوع إلى مقاعد الدراسة بعد طردهم من الجامعة على خلفية أنشطتهم النقابية والسياسية وهي حقوق يكفلها الدستور التونسي، السلطة لم تحرك ساكنًا واكتفت بمحاصرة مقر الاضراب مانعة بذلك كل أشكال المساندة المعنوية للمضربين سواء من رفاقهم الطلبة أو من ممثلي المجتمع المدنيquot;.

وعبر العيادي عن استيائه من quot;صمت السلطة تجاه نداء الطلبة اليائس.quot; وقال: quot;نعتبر أن الطلبة المضربين الذيـن يخاطرون بحياتهم - ليس من أجل الهجرة إلى خارج البلاد - ولكن من أجل مواصلة دراستهم لا يمكن أن يكونــوا شبانـًـا غير جديرين بالدراسة في الجامعة. وطالب العيادي وزيرالتعليم العالي والبحث العلمي التونسي بإعادة المضربين إلى الجامعة وحمّله المسؤوليةquot; في حال حصول تدهور خطر لصحة الطلبةquot;.

واستنادًا إلى العيادي فإنه quot;طالب بايقاف الاضراب فوراً حفاظًا على حياتهم مقابل أن يتعهد عدد من رموز المجتمع المدني بمواصلة الظغط لترسيمهم او البحث لهم عن ترسيم في الخارج ، لكنّ الطلبة رفضوا الاقتراح الذي أمضى عليه اكثر من 400 ناشط.

وبخصوص أفق حلّ هذه القضية التي يرى متابعون أنها طالت أكثر من اللازم وقد تودي بحياة المضربين يقول العيادي: نأمل ان تستجيب السلطة في اقرب فرصة لمطالب الطلبة قبل وقوع كارثة مع تدهور الحالة الصحية للمضربين ونأمل كذلك من كافة منظمات المجتمع المدني وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل وعمادة المحامين التحرك العاجل لدى السلط العليا في البلاد لإيقاف هذه التراجيديا المؤلمةquot;.