كامل الشيرازي من الجزائر: بعدما خابت آمال كل من الراحل محفوظ نحناح وعبد الله جاب الله في الوصول إلى الحكم في مناسبتي 1995 و2004، مُنيت آمال مرشحا التيار الإسلامي في الجزائر بهزيمة مرّة ونيلهما 2 بالمائة من أصوات الناخبين، جاءت لتؤكد عجز حاملي لواء المشروع الإسلامي هناك وسقوطه الحرّ، غداة توالي مسلسل الخيبات التي تجرعوها في مواعيد انتخابية سابقة، بعدما سجّل هؤلاء نتائج هزيلة في تشريعيات 17 مايو/آيار 2007 ومحليات 29 نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، فهل بات المشروع الإسلامي في الجزائر رهينة مأزق حقيقي؟

يرى مراقبون أنّ سبب تضاؤل شعبية الإسلاميين يعود بالأساس إلى ضعف تمثيلهم، ويلتقي كثيرون في افتقاد كل من جهيد يونسي ومحمد السعيد للمستوى الذي كان من المفترض أن يؤهلهما لاستقطاب مختلف أطياف هذا التيار من سلفي وإخواني وراديكالي، فضلا عما يُعرف محليا بـ(الجزأرة). وهو ما يفسّر بصورة ما، عجز quot;جهيد يونسيquot; وquot;محمد السعيدquot; عن استمالة ما تُنعت محليا بـquot;الأغلبية الصامتةquot;.

ورغم تباهيهما بنجاحهما في مغازلة ناشطين في التيارات الإسلامية والديمقراطية والقومية، إلاّ أنّهما لم يستطيعا احتواء وعاء انتخابي واسع يثير شهية الساسة، حيث يُقدّر تعداده بما يزيد عن الخمسة ملايين صوت، ويرجع مراقبون السبب إلى أنّ خطابات جهيد يونسي ومحمد السعيد على فتورها، لم تقنع أو تغري أصحاب الاتجاه الإسلامي لاسيما أتباع حزب جبهة الإنقاذ المنحلّة، هؤلاء الذين فترت ثقتهم بالسياسة منذ زمن طويل، خصوصا بعد الوعود الكثيرة التي سمعوها عن استعادة رموزهم لحقوقهم السياسية وعودتهم إلى الساحة بشكل طبيعي، لكن ما لبث أن تلاشى كل شيء وسقطت الأماني في الماء أمام رفض السلطات عودة هذا الحزب تحت أي غطاء.

ولعلّ رحيل مؤسس تنظيم الإخوان المسلمين في الجزائر محفوظ نحناح، وحرمان كبار رموز الإنقاذ المحظور من ممارسة السياسة على غرار عباسي مدني وعلي بن حاج، إلى جانب انزواء الزعيم الإسلامي الشاب عبد الله جاب الله بعدما جرى تحييده سياسيا بتجريده إداريا من رئاسة حركة الإصلاح الإسلامية، إضافة إلى الزهد الذي أظهره شخصية كأحمد بن محمد حيال ترشيح نفسه، إضافة إلى اعتزال وزير الخارجية الجزائري السابق أحمد طالب الإبراهيمي السياسة، عوامل تظافرت لتزيد من هشاشة الصف الإسلامي المحلي، سيما مع ارتضاء حركة مجتمع السلم الإسلامية الاندراج في فلك السلطة والذوبان في مثلث الائتلاف الحاكم.

ويطرح ما أفرزه اقتراع التاسع أبريل مزيدا من الاستفهامات حول أفق تموقع الإسلاميين في الساحة السياسية الجزائرية، ومدى قدرة حامليه على التأقلم مع المتغيرات المحلية والعالمية، وسط تشكيكات في مستوى الخطاب الإسلامي المحلي الذي فقد الكثير من صدقيته، رغم مناداة كوكبة من الناشطين والدارسين بحتمية ترشيد الممارسة السياسية الإسلامية، وتفادي الانحرافات التي ألقت بظلالها منذ ظهور جبهة الإنقاذ المحظورة، وما أورثته من تباينات ولا تناغم بين حملة المشروع الإسلامي في الجزائر.