بغداد: في بلد يصنف عالميا بأنه من بين المناطق الاكثر خطورة على حياة الصحفيين انتعشت مهنة الصحافة وزاد عدد العاملين فيها مقارنة بكل الفترات الماضية.

فالعشرات من الصحف والقنوات الفضائية المحليه شقت طريقها بعد العام 2003 لتحتل لها مكانا لدى المشاهد والقارئ العراقي في خضم تنافس غير مسبوق، في بلد كان الاعلام يخضع فيه لسيطرة الدولة المطلقة خلال فترة حكم نظام صدام حسين.

اما الصحفيون العاملون في تلك المؤسسات فكانوا غالبا ما يتذمرون من ضيق فضاءات حرية التعبير التي تكون محكومة بسياسات المؤسسة الاعلامية وتوجهاتها.

ويرى علي رمضان وهو احد مراسلي الأخبار في فضائية الرشيد (إحدى قنوات التلفزيون العراقية) إنه غير قادر على صياغة التقارير التي يعدها بمساحة واسعة من الحرية، إذ أن quot;لكل قناة فضائية موقفا مسبقا ومحسوما سلفا بما يتلاءم مع السياسية الاعلامية التي تنتهجهاquot;.

ويقول علي: quot;انا لا اخفي بان هناك حرية للاعلام لكنها حرية موجهة من قبل المؤسسات الاعلاميةquot;.

ويصنف المؤسسات الاعلامية الى نوعين quot;الاول مؤسسات تابعة لاحزاب بعينهاquot; واخرى يقول انها quot;مستقلة لكنها في حقيقة الامر مدعومة من جهات سياسية داخل وخارج البلادquot;.

ويشير مؤيد اللامي، نقيب الصحفيين العراقيين، ان الاعلام العراقي quot;نجح في الحفاظ على حياديته على مدى الاعوام الستة الماضيةquot;. وان النقابة، حسبما يذهب اليه اللامي، quot;تحاول ان تقف بوجه بعض القرارات التي سبق وان تبنتها جهات حكومية واخرى برلمانية من شأنها الحد من حرية الاعلام في ظل غياب القانون الذي ينظم حرية العمل الاعلاميquot;.

وتبدي المنظمات الدولية وعلى رأسها الامم المتحدة قلقها من غياب قانون الحريات الصحفية في بلد عانى من مقتل ما يقرب من ثلاثمئة صحفي على مدى الاعوام القليلة الماضية.

ويقول ممثل الامين العام للامم المتحدة، ستيفان ديمستورا، لبي بي سي quot;ان كثيرا من التحديات تواجه الصحفيين في العراق في ظل غياب قانون ينظم العمل الصحفيquot;.

ويحث ديمستورا الحكومة العراقية على quot;الاسراع بتشريع ذلك القانونquot;.

دور النخب السياسية

ويصف الاتحاد الدولي للصحفيين الاعلام العراقي بانه quot;خاضع لتاثيرات النخب السياسية بالرغم من وجود العديد من الصحف والقنوات الفضائيةquot;.

ولدراسة سبل تطوير واقع الاعلام العراقي، عقد الاتحاد الدولي، مؤخرا، مؤتمرا في بغداد بالتعاون مع نقابة الصحفيين العراقيين.

وطرح الامين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، ايدن وايت، الذي كان حاضرا في المؤتمر مقترحات عدة لتطوير اداء الاعلاميين العراقيين.

ومن بين ما تضمنته تلك المقترحات اقامة دورات فنية واخرى اخلاقية تنمي الحيادية ومصداقية التعامل مع الاحداث بعيدا عن التاثيرات السياسية والاجتماعية الاخرى.

ويقول وايت ان تاثيرات النخب السياسية على طريقة اداء وسائل الاعلام quot;تبعد عنها صفة الاحترافquot;.

الحكومة

ولا تنكر الحكومة العراقية quot;دور الصحافة الحرة في بناء عراق ديمقراطيquot;، لكن بعض مؤسساتها تصنف الإعلام العراقي الى نوعين: نوع مغرض يحرض على العنف والطائفية ويبث اغلبه من خارج البلاد، واخر يصفه بالاعلام الحر الذي يعمل وفق القانون.

وفي ظل غياب قانون ينظم العمل الصحفي في العراق دائما ما يكون الصحفيون عرضة للملاحقة القانونية وتقدم دعاوى قضائية ضدهم وفق قوانين سابقة.

فقد رفع رئيس الوزراء نوري المالكي مؤخرا دعوى قضائية ضد احد المواقع الالكترونية طالبه بدفع تعويض مالي يصل الى مليار دينار عراقي بدعوى نشر الموقع مقالا quot;تضمن عبارات قذف وتجريح واساءةquot; لرئيس الوزراء.

كما نشرت صحيفة الجارديان البريطانية نبأ عن رفع جهاز الاستخبارات العراقي دعوى تشهير ضدها. وقالت الصحيفة إن الدعوى تتعلق بتقرير لأحد مراسليها عن الجهاز يشير فيه الى العودة لأساليب شبيهة بما كان يجري إبان حكم النظام السابق.

يذكر أن هناك اكثر من عشرة الاف صحفي مسجلين لدى نقابة الصحفيين العراقيين. وتقول النقابة انها تقدمت بمشروع قانون يضمن حقوقهم، الى البرلمان منذ ما يقرب من عامين quot;لكنه ما يزال حبيس ادراج مجلس النوابquot; كما تؤكد النقابة.

خضير حسين