عادل درويش من مجلس العموم البريطاني: حذر توني بلير، مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الاوسط ورئيس الوزراء البريطاني السابق، اليوم في مجلس العموم البريطاني من ان عدم وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية سيحول دون إتمام حل الدولتين الذي يعتقد انه ممكن شرط العمل على تقوية الامن الفلسطيني لعزل الجناح المتشدد في حماس، واشاد بالدور المصري في ذلك وبمبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز التي تبنتها الجامعة العربية، وقال ان بناء الثقة واحياء عملية السلام، التي عول على دور الرئيس الاميركي باراك اوباما فيها، هو الذي سيقلّص دور ايران التي وصفها بانها من اكثر الاطراف عرقلة لعملية السلام.

وانهالت الاسئلة من اعضاء اللجنة الـ 11، من مختلف الاحزاب، في موضوعها الذي تبحثه بشأن الامن العالمي.

وجاءت شهادة بلير بمثابة الفصل الثاني في التحقيق في فلسطين والاراضي المحتلة، عقب عودة اعضاء اللجنة من زيارة للضفة الغربية وغزة واسرائيل لتقصي الحقائق.

وركز اعضاء اللجنة على مهمة بلير وعلى مدى صلاحياته والتفويض من اللجنة الرباعية، وبالتحديد دور بريطانيا فيها وما اذا كان بالامكان مشاركة عربية في اللجنة المكونة من اميركا وروسيا والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي؛ وعلى المستوطنات الاسرائيلية ومدى امكانيته شخصيا او اللجنة في الضغط على اسرائيل، خاصة امكانية استخدام النشاط التجاري لاسرائيل مع اوروبا للضغط على الاولى بشأن المستوطنات؛ واثير الجدل حول الدور الايراني وخطر ايران على عملية السلام وما اذا كان ذلك سببا للتعامل مع ايران وتقليم اظافرها وتهدئة مخاوف الدول العربية السنية قبل تحريك عملية السلام؛ واثيرت أسئلة كثيرة حول تفاصيل نقاط التفتيش وتصرفات الجنود الاسرائيليين المستفزة للفلسطينيين والتي شهدها اعضاء اللجنة بانفسهم.

وقد لخص بلير، بلباقته وبراعته المعهودة في المرافعة كمحام، الموقف في البداية بالاجابة على سؤال رئيس اللجنة مايكل غيبس، عما اذا كان من الممكن في ظل الحكومة الاسرائيلية الحالية المضي في حل الدولتين.

قال بلير ان الحل ممكن وانه هو الحل الامثل الوحيد الممكن، وقارن بين الموقف وايرلندا الشمالية التي نجح فيها في التسعينات، بوساطة السناتور الاميركي جورج ميتشيل، قائلا انه متفائل بعودته للعمل معا لانه مبوعث اميركا للشرق الأوسط.

وقد بذل بلير جهدا كبيرا في عدم إلقاء اللوم على طرف واحد، لكنه لخص الموقف بنصيحة الطرفين والعاملين في مباحثات السلام بالتعامل مع الحقائق على الارض. ولم يقصد التغيير الجغرافي بسبب المستوطنات بقدر ما قصد قلق وهموم الطرفين.

قال ان استمرار حماس في اطلاق الصواريخ اضر كثيرا بادارة الرئيس محمود عباس، لانها حدثت بعد انسحاب اسرائيل من غزة، وبعد السماح لمواد البناء بالدخول الى القطاع. ووزع على اعضاء اللجنة خريطة اشار فيها الى ضيق عمق اسرائيل الملاصق للضفة الغربية، حيث يقتنع الان جزء كبير من الرأي العام الاسرائيلي بانه لو تكرر ماحدث، وانسحبت اسرائيل من الضفة الغربية، ولم تتمكن ادارة محمود عباس من السيطرة الامنية عليها، فيمكن لحماس او مثيلاتها اطلاق الصواريخ من الضفة الغربية لتصل الى جميع انحاء اسرائيل.

وعلى الناحية الفلسطينية يرى بلير ان الفلسطينيين متشككون من عرقلة الحركة والسفر بسبب نقاط التفتيش الكثيرة واستمرار اسرائيل في بناء الجدار، الذي لايحول فقط دون ذهاب المزارعين الفلسطينيين الى عملهم في الحقول، بل انه يعرقل النمو الاقتصادي وامكانيات تأسيس الدولة الفلسطينية.

وفي الخريطة نفسها اشار بلير الى ان المنطقة quot;جquot; في اتفاق اوسلو، وهي منطقة شرقية في الضفة الغربية، ملاصقة للبحر الميت، اي تبعد جغرافيا عن اسرائيل لايستطيع الفلسطينيون الحصول من اسرائيل على تراخيص بناء المشاريع فيها، وتساءل بلير كيف يمكن اذا بناء الاقتصاد.

وقد بدا ذلك وكانه انتقاد غير مباشر لتصرفات اسرائيل في عدم منح تراخيص بناء في الضفة الغربية. كما كان تكراره لعرقلة التحرك والموصلات، وبناء المستوطنات، دون ان تصدر منه كلمة انتقاد، بمثابة رسالة واضحة في مسؤولية الحكومة الاسرائيلية الحالية التي رفضت التعامل مع المستوطنات.

وفي سؤال عن الضغط على اسرائيل، من النائب العمالي فابيان هاميلتون ndash; وهو من مجموعة اصدقاء اسرائيل العمالية، لكنه من منتقدي بناء المستوطنات ndash; قال ان مهمته هي الوساطة بين الطرفين وبناء الاقتصاد الفلسطيني، لكنه استشهد باقوال وزيرة الخارجية الاميركية في تصريحاتها المباشرة عن موقف اميركا بضرورة ايقاف العمل في بناء المستوطنات وفك المستوطنات المتقدمة quot;غير القانونيةquot;.

وعبر عن تفاؤله بدور الرئيس اوباما والذي سيبدأ جولته في المنطقة هذا الاسبوع وخطابه المتوقع القاؤه في جامعة القاهرة.

وفي سؤال عما اذا كانت ايران، ترى في ادارة اوباما ضعفا تستغله في عرقلة عملية السلام؛ قال بلير ان في اعتقاده ان التعامل مع القضية الفلسطينية واحياء الامل في حل الدولتين والعمل على انشاء دولة فلسطينية سيقطع الطرق على ايران في التغلغل الى منظمات كحماس وحزب الله ودعمهم.

وترددت اسئلة حول عدم اتصاله بحماس والتفاوض معها، فقال ان اللجنة الرباعية لاتتصل بحماس بسبب مواقفها الرافضة للاتفاقيات الدولية، لكنه قال ان الامم المتحدة تتصل بشكل غير مباشر عبر الاف من موظفيها في غزة.

وقال ان الدور المصري اساسي ولاغنى عنه في العملية لانها الجهة الوحيدة التي تتفاوض مع حماس، وعبر عن تفاؤله بنجاح القاهرة، ولكن ببطء شديد، في عزل المتشددين، وهذا بدوره سيساعد عملية السلام، التي رآها متوازية، اي عزل المتشددين الفلسطينيين، وعزل المتشددين الاسرائيليين.

واضاف ان ذلك دور الاغلبية ndash; كما حدث في ايرلندا الشمالية حيث كررها خمس مرات في خمسة مواقع مختلفة من الاستجواب- في عزل الاقلية حيث ان غالبية الاسرائيليين مقتنعة بعملية السلام.

واضاف أن الجامعة العربية، وهو على اتصال مباشر بها، تلعب دورا مهما بتفعيل مبادرة السلام العربية، والتي بدورها ستقلص عدد المتشددين في حماس ما يؤدي الى عزل الاقلية.

ولم يعقب بالرفض او الايجاب على سؤال من اللجنة التي قال اعضاؤها إنهم في زيارتهم الاخيرة، وجدوا ان حكومة الرئيس محمود عباس الفلسطينية، في اشد القلق من الدور الايراني وتعتبره مخربا ومضرا بالقضية الفلسطينية. وقال بلير ان حكومة الرئيس عباس، ورئيس وزرائه فياض، مؤمنة بالسلام وحل الدولتين.

وقال ان قوات الامن الفلسطينية المسلحة، والتي تم تدريبها في الاردن، ستتمكن قريبا من ان تقوم بالحراسة على نقاط المرور والتفتيش لتأمين الحكومة الفلسطينية من اخطار تغلغل النفوذ الايراني والخلايا الايرانية عبر حماس. كما قال ان الاتحاد الاوروبي يتولى تدريب الشرطة الفلسطينية في ادارة الرئيس عباس.

وذكر بان هناك استثمارات ضخمة واموال المانحين في مؤتمري باريس وشرم الشيخ، لكن الاقلية المعرقلة للسلام، وتعطيل الإسرائيليين تراخيص البناء هي عوامل معرقلة.

لكنه حذر بان الوقت ضيق، وان لابد من استغلال الأشهر القليلة القادمة في تفعيل عملية السلام بشكل جاد، ونادى بضرورة العمل على ايقاف بناء المستوطنات، لانه في وقت قريب جدا، قد تتكاثر بشكل يجعل معه استمرار الدولة الفلسطينية واتصالها الجغرافي امرا صعب التنفيذ.

وكان بلير قد مثل في الحادية عشرة من صباح اليوم امام لجنة الشؤون الخارجية لمجلس العموم في جلسة استمرت اكثر من ساعتين، بدا فيها الزعيم البريطاني السابق واثقا من نفسه ومتفائلا من الظروف الحالية، حيث اعتبر الشهرين المقبلين من اهم واحرج الفترات في عملية السلام.