إعداد عبد الإله مجيد: كتب روجر كوهين تعليقا في صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; اليوم الثلاثاء تناول فيه تطورات الوضع في ايران منذ انتخابات الشهر الماضي. وجاء في التعليق:حدثت مآسٍ كثيرة منذ 12 حزيران/يونيو ـ عشرات القتلى وآلاف المعتقلين وعدد لا يحصى من الابرياء الذين تعرضوا للضرب ـ وحاشى أن استهين بأي منها حين أقول ان شيئا مضحكا ايضا حدث.

أي رئيس يحتفل بـquot;فوزquot; ساحق نال فيه ثلثي الأصوات بحملة بطش تقرب من الانقلاب؟ أي دولة تحترم نفسها تنسب نزول ثلاثة ملايين محتج الى الشوارع مقتنعين بأن اصواتهم سُرقت ، الى صهاينة ووسائل اعلام quot;شريرةquot; وعملاء بريطانيين؟

(اخبرني السفير البريطاني السابق في ايران مبتسما ان من المثير العمل في طهران لأنها واحد من الاماكن القليلة المتبقية على سطح الأرض حيث ما زال هناك مَنْ يعتقد ان لدينا بعض النفوذ!)
اي بلد هذا الذي يدعو مئات الصحفيين الى متابعة انتخابات ثم يطردهم؟ أي سلطة ثورية تستحضر quot;الأخلاقquot; وquot;الديمقراطية الدينيةquot; عندما تبيح لقبضايات يرتدون ملابس مدنية ان يضربوا النساء؟

كيف يُنظَر الى مرشد أعلى يسمي نتيجة الانتخابات نتيجة الهية ثم يقول ان هناك مسائل تحتاج الى حل من مجلس الخبراء ثم يقول لهذا المجلس ما هي نتيجة اعادة الفرز قبل الانتهاء منها؟

ايران ليست جمهورية من جمهوريات الموز؟ والأحداث التي وقعت منذ ليل 12 حزيران/يونيو كانت فصلا معيبا. الايرانيون لم يهضموا هذه الشناعة.
كلا ، ايران ليست جمهورية موز. انها بلد محترم سكانه 75 مليون نسمة ، ويطالب بأن يكون له دور مهم في الشؤون الدولية. انها موطن شعراء عرفوا كيف يزاوجون بين المقدس والحسي وكانوا دائما يسخرون من الفكرة القائلة بوجود حقيقة مطلقة لا تحتمل التناقض.

ايران جمهورية اسلامية ، وكما قال رفسنجاني فان quot;عدم الحفاظ على الجانبين الاسلامي والجمهوري من الثورة يعني اننا نسينا مبادئ الثورةquot;.
احترام هذه الثنائية ـ الديني والجمهوري ـ يعني ان الثمن الذي يتعين على آية الله علي خامنئي ان يدفعه مقابل تولي سلطته مدى الحياة هو ان تُجرى كل اربع سنوات انتخابات رئاسية يمكن ان تعزله من منصبه لكنها يتعين ان توفر سندا يشفع أفعاله.

ولأن خامنئي داس على هذا المبدأ بتجاهل ارادة الشعب فانه خلق quot;الأزمةquot; التي تحدث عنها رفسنجاني.
لن تنحسر الأزمة بسرعة. فالايرانيون يعتقدون ان المذنب يجب ان يدفع ثمنا عن مثل هذه المسرحية الهابطة. والتصدعات التي ظهرت داخل المؤسسة الثورية والمجتمع أصبحت تشققات والرئيس محمود احمدي نجاد الآن أشد الشخصيات تقسيمية في تاريخ الجمهورية الاسلامية الذي يمتد 30 عاما.

كما قال رفسنجاني: quot;كان بمقدورنا ان نتخذ أفضل خطوة في تاريخ الجمهورية الاسلامية لولا المشاكل التي واجهتها الانتخاباتquot;.

كانت الحملة الانتخابية نموذجا يُقتدى بالانفتاح. وكان انصار احمدي نجاد والمرشح الاصلاحي مير حسين موسوي يتجمعون في الشوارع دون حوادث. وكان موسوي بتاريخه الناصع في الثورة ، رمزا للتغيير الذي لا يهدد بأي مخاطر. ولكن جناحا متشددا حول خامنئي واحمدي نجاد والحرس الثوري أحس بخطر يهدده ـ يهدد سلطته وثروته ونظرته الى العالم.

انهم لا يؤمنون ، كما يؤمن رفنجساني ، بخيار على غرار الخيار الصيني لايران: امكانية تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة والحفاظ على النظام.
فيما كان رفسنجاني يخطب كان احمدي نجاد يلقي خطابا في مشهد قال فيه: quot;ما ان تُشكل الحكومة الجديدة فانها ستدخل الحلبة الدولية بقوة أكبر 10 مرات من قوة الغرب وتُطوح الغرب من موقع الهيمنة الذي يتبوأهquot;.

سمعت رئيس الجمهورية يقول الشيء نفسه المرة تلو الأخرى في مؤتمر صحفي دام ثلاث ساعات بعد يومين على الانتخابات. انه يعاني مرضا. ورفسنجاني ليس الوحيد الذي يعتقد انه مرض خطير.

بدأ صراع من نوع ما على الخلافة في ايران. فان رفسنجاني (74 عاما) يتحدى خامنئي (70 عاما) كما يتحداه محمد خاتمي الرئيس الاصلاحي السابق الذي دعا يوم الأحد الى استفتاء على شرعية الانتخابات. وهما يقولان ان ايران أمة عظيمة وفخورة فإفتحوا ابواب السجون وأطلقوا حرية الصحافة واسمحوا بالنقاش ولا تجعلوا مؤسساتنا اضحوكة. وهما يصران على ان هذا هو شكل الوفاء الوحيد للثورة.

انه ايضا العمل الوحيد الجدير بأمة يمتد تاريخها آلاف السنين. فالنكتة سمجة الى حد لا يُحتمل.