طوكيو:تكتسي الانتخابات اليابانية المقبلة بحلة جديدة مع توجه المرشحين الى استشاريين لمساعدتهم في ابتكار الشعارات واضفاء طابع شخصي بشكل أكبر على الحملات الانتخابية حتى يكسبون تأييد الناخبين اليابانيين المتقلبين وذلك مع اقتراب الانتخابات الوطنية في أغسطس اب.
ويتعلق الامر كله quot;بأمركةquot; حملات الترشيح في اليابان وهو اتجاه سائد في دول أخرى يدرك السياسيون فيها أن الاستشاريين الذين يتقاضون أموالا طائلة بامكانهم ادخال تعديلات على الرسالة التي يودون نقلها وبالتالي زيادة فرص نجاحهم في صناديق الاقتراع.

وقال هيروشي ميورا وهو استشاري بدأ حياته المهنية بعدما زار الولايات المتحدة لدراسة نظام الحملات الانتخابية هناك عام 1988 quot;الحملات الانتخابية تعني التقرب من الناخبين وليس خدمة مصالح الاحزاب أو الوضع السياسي القائم. تعلمت هذا الامر من الامريكيين.quot;
وقال quot;ما يمكن أن يكون واضحا للعامة ربما لا يكون واضحا لفرق الحملات الانتخابية. نقوم نحن بسد الفجوات.quot;

ولعقود من الزمن ضمن السياسيون اليابانيون الفوز عن طريق قطع وعود بتقديم أموال للشركات واتحادات العمال وجماعات المصالح الاخرى مقابل الحصول على دعمها.
لكن ومع تغير قواعد الانتخابات وحدوث تغييرات في أساليب التصويت يواجه المرشحون اليابانيون ضغوطا متزايدة للتقرب من ناخبين أصبحوا أكثر تشككا تجاه نظام سياسي جلب على اليابان أربعة رؤساء وزراء خلال أربع سنوات.

وتظهر دراسات أن الناخبين الذين ليس لهم انتماء حزبي يمثلون نحو نصف الناخبين اليابانيين حاليا بالمقارنة بنسبتهم في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين والتي لم تتعد 20 في المئة. ويؤثر هؤلاء الناخبين الذين يفضلون الصورة والسياسات على الصلات الشخصية بشكل أكبر على نتيجة الانتخابات.
وينعكس الاتجاه الجديد في الانتخابات اليابانية على تراجع دعم الحزب الديمقراطي الحر الحاكم الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء تارو اسو والذي يحكم اليابان منذ خمسين عاما تقريبا لكنه يواجه خطر خسارته السلطة في الانتخابات المقبلة التي تجرى يوم 30 أغسطس اب.

وهنا يأتي دور استشاريي الحملات الانتخابية. وقد تعزز اقتراحات الاستشاريين الخاصة بالمواد الانتخابية واستراتيجيات اقامة صلة مع الناخبين من فرص فوز المرشحين الذين يستعينون باستشاريين أذكياء. ويتنافس أكثر من 1200 مرشح في الانتخابات المقبلة التي يتوقع أن تشهد سباقا متقاربا.
وقدم ميورا الاستشارة لنحو 240 مرشحا منذ 1989. ويصف ميورا الانتخابات بأنها quot;معاركquot; ويقول انه يدبر quot;الذخيرةquot; لفرق الحملات الانتخابية التي تخوض المنافسة مستعينة بأفكار عفا عليها الزمن.

وقال من مكتبه quot;أراد فريق للحملات الانتخابية ملصقا دعائيا لمرشحه وهو صارم الوجه على أساس أن الناخبين لن يحبذوا صورة مرشح مبتسم في وقت يعاني فيه اقتصاد البلاد.quot;
وأضاف quot;وتساءلت أنا.. من يدلي بصوته لمرشح مقطب الجبين.. قد يحصل مرشح شاب على أصوات في هذه الحالة لكن الامر لن يكون كذلك بالنسبة لرجل في منتصف عمره.quot;

وهيمن في الماضي الحزب الديمقراطي الحر على الانتخابات خاصة في المناطق الريفية حيث دعمت جماعات مثل المزارعين التعاونيين وشركات البناء والعاملين في مجال البريد الحزب مقابل اعانات ومشاريع للاعمال العامة ومزايا أخرى.
لكن تغييرا تشريعيا أدخل عام 1994 وقضى بتطبيق نظام مرشح واحد لكل دائرة انتخابية بدلا من مرشحين متعددين مما جعل المرشحين في حاجة لكسب تأييد عدد أكبر من الناخبين لضمان الفوز.

وتزامن التغيير مع حالة كساد اقتصادي تعاني منها اليابان منذ التسعينيات من القرن العشرين أتت على ميزانيات الحكومة وأدت الى اضعاف الحوافز التي كانت تدفع الجماعات الى تأييد الحزب الديمقراطي الحر بأعداد كبيرة.

وقال كازوهيسا كاواكامي وهو أستاذ للعلوم السياسية في جامعة ميجي جاكوين quot;اعتادت الانتخابات أن تكون لها علاقة بالاتصالات وليس وجود استراتيجية للحملات الانتخابية وبناء قاعدة من المؤيدين واحدا تلو الاخر.quot;

وأضاف quot;لكن الجماعات لم تعد تستطيع توفير الامن الذي يبحث عنه أتباعها لان الاموال تنفد.quot;
وتبتعد النساء على وجه الخصوص عن الانتماءات الحزبية لانهن أصبحن مستقلات اقتصاديا بشكل أكبر ولم يعدن يرضخن لطلبات أزواجهن بالتصويت لمرشح معين. وأصبحت الناخبات هدفا رئيسيا لاستراتيجيات الحملات الانتخابية.

وساعد ميورا الذي يتباهى بمعدل نجاح حققه يتجاوز 70 في المئة ممثلا سابقا على الفوز بانتخابات مستعينا بأفكار مبتكرة مثل استخدام طلاء يضيء في الليل لانارة اسمه.
ويستخدم ميورا جماعات لابتكار شعارات ويختار لون حظ لزبائنه استنادا الى تاريخ ميلادهم. ويصبح هذا اللون لون الملصقات والدعايات الانتخابية.

وبجانب تلميع صورة المرشحين يقترح الاستشاريون أيضا سبلا تجعل المرشحين أقدر على توصيل رسالتهم بشكل أفضل.

وينصح المرشحون بالتدرب على القاء كلمات معدة سلفا في أماكن كاتمة للصوت يمكنهم قضاء الوقت فيها بمفردهم ورفع أصواتهم في مكبرات الصوت.

وقال كاورو ماتسودا وهو استشاري للحملات الانتخابية يبلغ من العمر 29 عاما ويقيم في شيجا بغرب اليابان ويشتهر بمساعدته للمرشحين الذين يودون جذب أصوات الشبان quot;أقول للمرشحين أن يكفوا عن ترديد المقولة الشهيرة.. من فضلكم اعطوا اصواتكم لي.quot;

وأضاف quot;يحتاج المرشحون لايضاح ما يودون فعله من أجل المجتمع وأوجه الاختلاف بينه وبين ما يريده المرشحون الاخرون وذلك حتى يستطيع الناخبون اتخاذ قرار.quot; وأشار الى مرشح اقترح أن يقتطع من راتبه أموالا ينفقها في مشاريع لمساعدة الاطفال اذا تم انتخابه.

وقال كاواكامي quot;هناك حاجة لتعزيز الاستشارين السياسيين في اليابان. كلما زادت أعداد الاستشاريين كلما انتقلت الانتخابات أكثر فأكثر الى الاتجاه الصحيح ليشترك الناس بشكل أكبر في تبادل الاراء في أمور السياسة.quot;